8ـ البعد عن العالم
ــ بمقــــدار ما تقل افكار العــــــالم من الضــمير ،
هكـــــــــذا ينفتح قدامك الباب إلى الفرح بسيدنا
ولا يمكن أن يحس عقلك بهــــذا الفــــــــــــرح
إلا بعد انقباض دائم في الصــــــــلاة .
- كل الآباء القديسين ، من أجل تقليل الجهاد مع الأفكار الذي هــــو القيـــــام مـــن السقوط فــــــي الطيـاشـة ،
جعلـــــــــوا ســـــــــــــــــــــكناهم في المواضع التي تســـبب نقص الأفكــار لا كثرتهـــا ،
( وهم وإن ) لم يتمكنوا بشجاعتهم في الجهاد أن يجـــــــــدوا انقباض العقل في الصلاة ،
غلا أن الأفكار من قلتها هـــــدأت ، ووجدت هناك فســــــحة ( للتغــلب على الطياشــة ) .
- واعـــــــلم أن هذا ليس ممكنا مع مداومة اللقاء بالبشر والبشـــــــريات .
وإن كنت تقول : ليس لي مقدرة على الحبس الدائم الذي بلا انقطــــــاع ،
ولا البعد الكلي عن العالم بالسكن منفرداً .
فإن كان يا أخي هــذا حـــــالك فلا تطــــــلب الشــــــــــــــيء الذي لا يحظى به إلا
من يتصرفون بما يفوق العالم الذي هو الســـكون
( أي الانقطــــــاع من أســــــــــباب تواتر الأفكار ) ،
والذي هــــــو سبب الفــــــرح الحاصـــــــــــــل من الانقباض في الصـــــــــــلاة ،
بفكـــر واحــــد متشـــوق إلى الله .
وهو من ههنا يؤهل لنقاوة القلب ، ودائماً ينتقل ( القلب ) من العـــــالم لا إراديــــاً ،
بارتباط العقل دائماً بالله .
- بحسب موضع إقامتك تنقص أو تكثر الافكار ، ولكثرة الجهـــــــاد أي لكي لا يزيد الجهاد عن الطـاقة ،
لذلك يميل الإنسان على إبعـــــــــــاد موضـــــع الســكن .
ــ كم من أوقات يحس المتوحد بحركة تفوق ( طبيعة ) الجسد – ولو أنه قليل الجهاد –
هذا بســــــبب زيادة موته عن النــــــــــاس ،
لأنه بمقــــــــدار ما يبعد الغنسان من مساكن العالم ويتعمق في قفـــــــــــــــر البريــة ،
بقـــــــــــــــــــدر ما يحس القلب بالبعد عن الطبع ، وحسب ذلك يكون سكون الأفكـار ،
ولا يعتب في جهـــاد كثير معهــــا .
ــ لأنه من الطبيعي أن نظر القفر يميت الحركات العالمية ،
ويجمعــــــــــــــه ( أي العقل ) مــــــن تواتــــر الافكــار .
ــ كمــا أن القائم بجانب الدخان لا يمكن ان يصفو نظره ، إلا إذا فر وبعد من هناك ،
هكـــــــذا لا يمكن أن تقتني طهارة القلب وسكون الأفكار من دون الوحدة البعيدة عن دخان هذا العالم
الذي يدخن قدام الحواس ويعمي عيني النفس .
ــ ينبغي أن لا يخرف أحد بمعرفة باطلة ويقاومنا في هذا ،
أنه إذا كنا قريبين من مساكن الناس فافكار سكانها تكون فينا ،
وإذا انفــــــردنا عن الكـــــــــــــــل فضمير متوحد نقتـــــني .
ــ مـــــــــــــــــا هي أفكار القفــــــر إلا حركات تخـرج من قلب مــــــائت .
وإذا كنا في حركاتنا موتى عن العالم ، فلا يمكـــــــــن أن نتحرك إلا بالله .
ــ وأيضــــاً مـــــــن شــقاء وأتعـــاب الجســـد نقـــــــتني ضميراً منفرداً .
ــ في مواضع القفـــــر أضنـــــــــك الجســـــد بالضوائق والجهادات ،
لئلا يميل إلى الخلطة والإسترخاء والإنحلال ويمتـــليء آلامــــــــــاً ،
فأما في وحدة القفـــــر فتثبت طهارته فيه ،
ويمكننا ان نتخلى عن أعمـــــــــالنا الأولى ونتجـــــــرد منهـــــــــــا ،
وبواسطة الجهـــــادات ونقص الأفكــــــــار الذي يكـــــــــــــــــــــون من سكون القفــــــر ،
فإننا سريعاً ندخل لحرية النفـــــــــــــــــس التي تفوق العـــــــالم .
وفي كل وقت : نأخذ في أنفسنا إشارات إلهية بتجديد العقل ،
ونقبل موهبة الله بسهولة .
يا أخي :
إن كنت ترى أنه من أجل البعد و شقاء السكون والوحدة تصـــــغر نفســك ،
وأنها تحزن إذ تنظر أن هـــذه الحيـــاة قـــــــد اضمحلت والجسد قد تخلف ( أي ضــــمر ) ، وضــــــــنى ،
وتنظر فكرك قد ضعف وفـــــزع من هـــــذا الحـــــــــــال ، فضع مقابل هذا فكراً عادلاً وضميراً لمخافة الله ، وعز نفسك بما هو حق الذي هو : أنه من الأصـــــــــلح حياة قصيرة بالبر بحسب إرداة الله ،
ولا عمر طـــــويل فيمــــا يغضبـــه ،
وأذكــــــــر حياة القديسين القدماء الذين ما ( اعتبروا ) حساباً لأنفســــــهم مقابل إرادة الله ،
وأنهم بمثل هذه الحياة صـــبروا جميع أيامهـــــــــــــم سواء كانـــــــوا في المســــــــــكونة أو في القفــــــر
الذي إليه انتقلـــــــــــوا تاركين هـــــــــذا ( أي أمور العالم ) بحسن اتضاع ،
وقد تمكنوا أن يكملوا طريق مخافة الله بعد جهاد كثير بسبب تعطل الجسد ( أي بعــــده عن العالميـــــــات ) .
وفي وقـــــــــت انتقالهم من هذا العالم فرحوا فرحـــاً عظيمـــــاً ،
لأنهم استطاعوا بضيقات قليلة مؤقتة أن يتخلصوا من الشــرور المحاربة التي تفسد النفس ،
وفي وقت انتقالهــــم وجدوا أهلا لله وما يخصه .
ــ الطهـــــــارة هي بلد هــــدوء الطبـــــــــــــــع الذي غلق تجاه باب الآلام ( أي الشهوات ) ،
الــــذي إذا فتحه إنسان ما أمكنه أن يدخــــــــل إلى بلـــــــد الطبع الهــــادئ ،
لأن من أهل للدخول - فحسب ظني - يقبل إحساس جديد بواســــــــــــطة الإشارات النقية المتحركة في عقله ،
مع ترك الإنســــــان حياة الجهـــاد ،
بدخـــــــــــــــــوله ( أي بإراتقائه ) إلى الطقس الذي بعده يبدأ اتساع وخصب العقـــــل ،
الذي هو طقس تدبير الإنسان الجواني .
ــ إذا انقبض الإنســــان - بمعونة الله - عن الهـــم الذي من خارج ومن الهذيذ ( أي التفكــير ) في كثيرين ،
ويصير إنساناً منفرداً ، فمن هنـــــــا يبدأ أن ينظر فـــي ذاته أمــــــورا جديدة ، وإشـــــارات ،
وعلامات محسوســـة وخفيـــــــــــة ، ومن ثــــم يؤهـل لذاك التجديد الذي في القيامة العامة ،
وأيضاً يتذوق بالغمز ( أي بالتلميح ) .
فهو في مرات كثيرة وفي وسط النهار يحس في نفسه أنه قد انقبض العقل إلى ذاته - من غير تعمد -
بصمت ليس له تفسير . والذي يقرأ فليفهم .
ووقت يحــــدث هذا أثناء الخدمــــــة ( أي الصــــــــــــلاة ) ، أو في وقت القراءة .
ــ الذين أهلوا للزكــــــاوة تكون طبيعة أحلامهم أثناء النوم متميزة
عن الذين هم متألمـــــــين بالعقــــــــل( أي لديهم حروب الفكر )
حتى إن كانـــــــوا للآن يجاهــــــــدون بالقتـــــــال مقـــابل هذه ( الآلام ) .
ــ إن كنت تريــــــــــد العزاء الحقيقي في الصلاة ، اهتم بتقويم نيتك ،
وإن كنت تطــــــلب تقويــم النيـــــــــــــــــــــــــة فاهتــــــم بالصلاة ،
لأن الاهتمام بإحداها يصنع طهـــارة رفيقتهــــا .
فتقويم النيــــــــــــة يصنع نقاوة الصـــــــــلاة ،
ونقاوة الصــــــــلاة يصنع دالة النيــــــــــــة .
ــ الطهـــــــــارة ما تحفـــــــظ مع المعاملات والخلطة ( مع آخرين )
ولا يثبت الفكر ( في النقاوة ) مع الاهتمام بالمشاغل بأمور كثيرة .
ــ الذين بشهوة البر الظاهري يلقـــــــون أنفســــــــهم في الاضطرابات والسجس ،
فإنهم يحرمون ويمنعون من مكافأة البر الأعظـــــــم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق