8ـ ضمير المتوحد وحواسه :
60 ـ الضمير المنفرد الذي بجهاده هــــدأ ذاته وسالم كل أحد وقبض نفسه عن الكـــــل بســـــلام ،
وانفصـــــــــــــل عن الجميع بتجديد عقله وصار بخفاياه ( أي خفايا قلبه ) منفرداً عــن الكل ،
لكيما يتحد مع الواحد بســر يفوق الطبيعـــة ،
فإن وجـــــــــــد داخله ضمير غريب أو فكر أو هذيذ ردئ ملتوى قد قبله إما بالحــــــــواس أو بالتذكــــــــر ،
فهـــــــــــــــــذا سيمنعه من المفاوضة مع الواحد ، ويتعطل عن الاتحاد مع الواحد بالروح بما يفوق الطبع .
61 ـ ضمير المتوحد ليس فيه كفــــــاءة أن يتفـــــــاوض فــــي الصلاة مع الواحد سراً ،
مادام فى داخله ضمير آخر أو فكر وهذيذ غريب يخرجــــه من ميراث القديســـين ،
إلى أن يصير بالبســاطة واحد عند الواحـــــــد .
62 ـ لايمكـــــــــن التفاوض مع الخالق بسر الصلاة الذي فـــــوق الطبع ومــــع خليقتـــــه معـــــاً ،
بــل إذا أراد العقل أن يدخل بالسر إلى الواحد
يعاق من الغرباء الذين عنده ، وانا أتجاسر و أقول له بمحبة :
( لتكن ) مثل موسى العظيم أترك عنك جميع من معـــــــــك وتعالى إلى منفـرداً .
الســـر خفى ، وبالسر ينطق بالروح ، وما هو فوق الطبــع يذاق بفعل النعمــة .
الســــر لـــى والســــــــــــــــر لأهـــــل بيتـــــــــــــــــــــى ( أي للقلب والعقل ) .
63 ـ كم من مرة يتعب الضمير فى طـــــلب ثاؤريـــاً ولايجـــــــدها ،
وعندمـا يقوم للصـــــــــلاة يجد ذكرها يتحـــــرك فيــــــــــــــه ،
فإن كـــــــان وجودهــــــــا يضيع ثمار الصلاة ولايستضئ بها ،
فإنــــــــــــه ينـــــــــــــدم ويتكدر ويخيب من مفاوضة الصــلاة .
ــ معــــــــــــروف الآن أن ( الضمير ) في وقت الصلاة الروحانيــة ليس اثنين بل واحد ،
ضــــــمير واحد بسيط مسالم هــــادئ ، وبالرحمة ( الإلهية ) يقبل سر النعمة .
وإن كــان معه شئ غريب فلا يسـتحق ( قبـول سر النعمــة ) كمــا كان أولاً .
64 ـ كمثـــــــــل ما كتب القديس باسيليوس إلى أخيه غريغوريوس عن الســــــر :
إن المجمع الذي تعمل به نفس المتوحد الفضائل هـــــــــو الفـــم واللســــان ،
وقلايتـــــه التى فيها يرتل ويقدس خفياً بلسان الروحانيين تسبيح ملائكـــى
بلا فتــــور في القـــــــــــلب والعقــــــــــــــــل
وبـــــــدون اتفاقهم مع بعضـــهم البعـــض فبــــــاطل هــو العمــل النفســـــــــاني .
65 ـ مادمنــــا في المجمع الخــارجى نعــود لســـــان عقلنــــا الهذيذ الروحــــــــاني ،
لكي ينطق لســــان العقـــــــل بشــــــــــــبه الروحانيين ،
حــــــــــتى لانوجد بطالين بأن يلهج ضميرنا بالتخريف ،
لأن الروح القدس يفعل فينا بالأكثر ويصلى عوضاً عنا بسكون الضمير والأفكار ،
وذلك بسر لا يوصف كما كتب الرســــول الطـــوبانى .
66 ـ تدابير الضــمير هى وثبات تهدى حرارة الجهادات الجســـــــــــــــــدانية .
67 ـ إن اقتناء البســـــــــاطة واتضاع الحواس والإزدراء ( بالنفــس )
بواسطة نار حرارة الجهادات الجسدانية ،
أسهل من اقتناء تدبير الضمير بواسطة الذهـــــول والهــــدوء والصــبر ،
لأنـــــه عســــــــر جــــــــــــــــــــــــــــداً .
68 ـ الذي ليس له عزاء من الحواس الخارجيــــــة ، لايتضــــــــــــايق من الأفكار الداخليـة ،
لأن الأفكار الداخلية تتشتت باللقاءات النافعة والضارة والتى تدفع من موجة إلى موجة ،
هــــــــذا إن لــــــم تختنــــق النفــــــس من الأفكــــــــــــــــار .
69 ـ الذي له عزاء خــــفي من هذيذ تعدد الأفكـــار الداخلية ،
ويشعر بثاؤريــــــــــا تصور فى عقله الســـماء والأرض وجميــع ما فيها ،
فعليه ألا يزيــــــــــــد على معرفته معرفة جديدة لأنها تفيض عليه ( أفكار ) عن نواحى متعـــــــــــددة ،
لأنه لاينال عزاء من هذه ( المعرفة ) التى تأتيـــــــــــه من الحواس الخـــــارجية .
إن الاثنين معـــــــــاً ( أي المعرفة الروحية والعالمية ) هما أنقص من الحق ، وغريبتان عن المتوحــد ،
لأنه أية منفعـــــــــة نقتنى من الســــــلام الخـــــــارجى ، بل أنه يملأ قلوبنـــا بتشـــــــويش الأفكــــــار .
70 ـ نمو صلاة العقل الروحانية التى تكون النعمة هــــذه علامتهــــا :
أنه مع كل نســـــــــــــــــمة يتحرك فى القلب والعقل فكر حــلو ،
ويسـبح بلسان الروحانيين ، ويقدس من جديد بهــــدوء الأفكار ، ويكون الضمير فوق الطبيعة .
71 ـ واحد من المتوحدين يقبل هذه الموهبة جزئياً ،
وآخر جزئيـــــــــــــــــــــاً من جــــــــــــــــزء .
72 ـ إلى أن تسكر النفــس بالهــــــــــــزء بها من آخـــرين ،
وتـــداس وتحتقـــــــــر من الناظرين احتقار ليس بقليل ،
ولايغلب قلبها ولاتبالى ، فلــــــــــن يتجدد الضمير الجســـــــــــــــــدى ولا تضـــــــــــــــــعف الآلام ،
ولاينقطـع من القلب تذكار الشـــــرور الأولى ، مع تقــلب الأفكار بالظنون ،
ولاتتأسس النفس وترتبط كلياً بالرجاء بالله ،
لأنـــــــــه ما دامت هذه قائمة ( أى عدم قبول التحقير ) فلا حرية ولاعدم ألم .
73 ـ اشتهيت للقاء متوحد هادئــــاً نقياً حبـــــه منبســــــط مع كل أحــد ،
وضميره قائم ثابت ، وهو وحيد فى كل وقت ،
وفــــــــي كل فرصة تجده يثبت عدم تألمـــــه ،
وبغــــــير ميــــــــــــــــــــــول ، فمــا وجـــدت .
ـ إن لم تضعف الآلام من الداخل ولا تتألم الحــــواس من الخــــــارج التى بها يقبل الضمير تغــــير ميـوله ،
عندمـــــــا تلاقيه العــــوارض ، فالفكر والعقــل للآن لم يموتاً ولا قاماً واتحداً بالروح .
74 ـ المتوحد الذي في زمان الطاعة وعمل المجمع ( أى أعمال الدير ) يختار لنفسه راحة حرية البنين ،
فإنــــــــــــــه فى زمان الراحـــــــة الحقيقيـــــــة بالعدل يبكــــــــي ويجوع ويضنــــــك بالنـــــــــدم .
75 ـ المتوحد الذي في زمان جمع أغمــــــار الفـــــــــــــــرح يملك عليه الندم والحزن هو شاهد على نفسه ،
أنـــــــــــــــــه في زمان الزرع وخضوع طاعة المجمـــع لم يصبر على صعوبة البرد والجليد ليشـــــق ،
بالمحراث الروحاني خطط عميقة فى أرض قلبه ليحفظ فيها بذار خـــبز الحيـــاة ،
وهو الآن فى أيـــام الحصاد يضنك بالجوع .
76 ـ صعبة عــــلى الجسد الأعمال التي ترضى الضمير ، هــــــــذا إن لم يوفقهما معــــاً .
إن اتفاق أعمال الجسد مع ما يرضى يقتني منهـــــا المتوحد نوراً وحيـــاة وتجديــداً .
77 ـ الــذي لا يعترف بقيــــامة الجســـــــــــــــــــد لايعــــترف بالأعمـال الجســــــــــــدانية ،
والذي لا يعترف بالتجديد الذي ستقلبه النفس لايعـــترف بتدبـــير العقـــــــــــــــــــــــل ،
الذي يعـــــترف بالتجديد الذي سيقبله الاثنان فإنـــــــــه يعمل مهتما بالمنزلتين سوياً .
78 ـ كثيرون يعملـــــون أعمالاً كثيرة بغــــــــــير قصــــد مسـتقيم ،
لكن الثمار الحقيقية إنما تخــــرج من القصد وليسمن الأعمال .
79 ـ جميع عمل المتوحد إن لم يكــــن موجهاً بقصد مستقيم بحفظ الوصايا فهـــــو عمل بطـــال .
وكل عمال غـــــالب تشهد نيتـــه أنه لــــم يغـــــلب ألمه ، فغلبتــه هي هزيمة ورذل لنفسـه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق