الميمر الثامن عشر ( 2 )
الإحساس بالملكوت السماوي :
عندما تبدأ نقاوة الأفكار فإنك :
أولاً : لا تجد موضعاً للطياشة في العقل وقت الصلاة ، و تحس أنت في ذاتك
إن قوة السكون قد حلت على النفس بذهول و ســلام
على غير العـادة .
ثانياً : تتولد في الفكــــر ، و يخطف العقل على
الدوام لا إرادياً بحركات غير جسمانية
ـ هـــــذه التي لا تســــــتطيع الحـــــواس أن تشــــــرحها ـ
و يتقد فيك بغتـــة فرح يُسكت اللسان بسبب إحساسه
بنعيم يفوق كل قياس ،
و تفيض من القلب دوماً حـــــــــــــلاوة تجـــــــــــــــــذب الإنسـان كله
بشــدة .
و دون أن يحــــس يحــــل عــــلى الجســــد من وقـــــــت لآخــــــر
و دون أن يحــــس يحــــل عــــلى الجســــد من وقـــــــت لآخــــــر
نعيم و سرور لا يســـــــتطيع لسان جسداني وصفه ،
و تكون كل الأرضيات عنده مثــــل الرماد والنفاية
، بل ولا تطرأ علي فكره .
وتلك الأولى ( أي أولاً ) : فإنها تكون :
أحيانــاً في
الصــــــلاة ،
و كثيراً ما يجعل العقــل حـــاراً على الـــدوام .
و حينا في القـــــــراءة ،
و
حيناً في الهذيــــــــذ الذي يهدئ الفكـــــــر
أما هذه الأخرى ( أي ثانياً ) :
فهـــي بالأكـــــثر تكـــــون خــــــارج ( هـــذه الظـــروف ) ،
و كــم من مــــرة ( تحــدث ) و في ( أثناء ) أي عمل كان .
و في الليالي عندما يكون ( الإنسان ) بين
النـــوم و اليقظـــــة ،
و يكـــــــــون و هـــــو نائــــــــــــم كمثـل أنه ليس نائمــــــــــاً ،
و أيضـــــــــــاً و إن كان مســـتيقظاً كـأنه غـــــــــير مســـتيقظ .
و هــــــــــــــــــــذا الإحساس بالنعيم يسري في جســمه كله
حــــتى يظــــــــن الإنســــــــــــــــان فــــــي ذلك الوقـت ـ أن
ملكــوت الســـماء ليـــــــس هــــــو شــــــيئاً غــــير هــــــذا .
قوة الرجاء :
افحص نفسك إن كانت قد اقتنــت قـــــوة لتــــرذل
الذكــــريات الحســية بقــــــــــــوة
الرجاء و الأمل الذي تملك على القلب فيشجع الحواس الداخلية باقتناع لا تفســير له ،
و أيضـــــــــاً إن كان القـــلب يتيقـــظ لا إراديـــاً ليسبي ( بعيدا )ً عن الأرضيـــــــات
بســـــــبب المفــــاوضة التي بغــــير انقطــــــاع مع العمــل
الدائــــم مع مخلصنـــــا ،
و إن كــــــان قـد اقتنى أيضـــــــاً معرفــة تمييز الأمور
التي تدعوه ( لهذه ) المفاوضة .
إذا ســـــــــــــمعت أن : الســـكون يجعـــل النفـــس تذوق هـــذه بســــهولة ،
( فالمقصود هو) الذي يمـــــارس بلا
انقطـــــــــــــــاع ،
و لكنها تبدأ في الضياع إذا تراجعت ( النفس) بسبب تهاون و إهمـال من قبلوها ،
( وممكن أن ) توجـــد لكن بعد مدة مع ذات
الممارسات (أي مع السكون بلا انقطاع ) .
ــ الإنسان (الذي له قوة الرجاء) يجسر على القول
بشهادة النية
وبعقل واثق تلك الكلمات التي قالها بولس
الرسول :
"أني واثق أنه لا موت و
لا حياة و لا الأشياء
الحاضرة و لا المزمعة
،"
(رو 8 : 38 ،35)
مع باقي
الأشـــياء تقــــدر أن تفصـــــلني عــــن محبــــة المســـــيح ،
فلا ضيـــق و لا عــري
الجســـد و لا جوع و لا عــدم ( وجود) مؤانســة
و لا حبس و لا سيف و لا شيء خطر و
لا ملائكة الشيطان و لا جميع قواته
و لا حيلهم المملوءة شراً و لا المديح الباطل بخداعه و تملقته الجــــذاب
و لا الـــــــــــــــــــــــــذم و الهـــــــــــــــوان
ظلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــاً .
لا تشقى باطلاً :
يا أخي : إن كانت هذه العلامــــــــات
( السابق ذكرها تحت عنوان الإحساس بالملكوت السماوي)
لا تظهـــــــر في نفســــــــك ســـــــواء بقليــــل أو بكثــــير ،
فأعلــــم أن :
جهـــادك و ضوائقـــك و ســـكونك كلهــــــا شــقاء و تــعب باطــــل ،
حتى لو كنت تصنـــــع العجـــــائب و تقيـــــم المــــوتى ، فهي ليسـت مقياسـاً .
فينبغــــــي أن تعــــــرف ذاتـــــــك
و تســـــــأل محيي الكــل بدمــوع
ليرفـــــــــع الحجــــــــاب عــــن البـــــاب ( أي بــاب القـــلب )
لكــــــــــــي تنقشع سحابة ظلمة الآلام من السماء الداخلية ،
لتؤهـــــــل لنظــــــــر إشــــــراق الشــــــــمس ،
لئـــــــــــلا تجلس في الظلمة إلي الأبد كالميت .
السهر الدائم مع القراءة و عمل المطانيات بنهم
شــــديد دون تـــوقف ،
يمنح هبات صالحة للحريصين في كـــل زمان.
و الذين ( سبق أن ) نالوا (هذه الصالحات) إنما نالوها بتلك
(الجهادات) ،
و أيضـــــاً الــــذين يريـــدون أن ينالوهـــــــــا فبتـــلك يمكــــن أن
ينالــوها ،
إذا داومــــــوا الســــــــــــكون مــــــــع العمـــل بهـــــــــا ،
و ألا يرتبـــــط العقـــــــــــــــل بشيء خارج عن ذاته قـــــط ، و لا بإنســـان ،
بل ( فقــــط ) بأعمال الفضيلة التي في
الداخل يكون عملها بهذه الجهادات .
و بهـذه الأعمــال التي تكـون داخـل ذواتنـا فإننـا
سـريعاً نؤهــــل لهـا
و نجدهـــــــــــــا في نفوســــــــنا بالإحســــــــــاس الحقيقــــــــي .
هذا يكون جزئياً ( في البداية ) ثم ننـال
البقيــة بالثبــات في السكون .
و الذين بثباتهــم اختبروا صلاح الله لا يحتاجــون
إلي الكثــير من الإقنــاع ،
و نفوســــــــهم لا تضعف كالمتشـــككين في الحق ضعيفي
الإيمــــــان ،
لأن شهـــــــادة ضميرهم فقط تكفي لإقناعهم أكثر من
ربوات الكلمات التي بغير اختبار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق