نعمة تعطي و قت الصلاة :
ـ إذا
لم تكن هذه الموهبة ( الدهش ) التي لا تعبر عنها الكلمات صلاة ،
فلماذا تسمي صلاة ؟
ما ينبغي قولـــه هـــــو أن الصــــلاة هــــي ســــــببها ،
و لان هذه الموهبة تحل علي المستحقين وقت
الصــــلاة ،
و لا يمكن أن تحل إلا في و قت الصلاة حسبما قال
الآباء .
و أيضاً : لمـــــاذا تســـــمي باســــــــــم الصـــــلاة ؟ :
لأنـــه من الصلاة يخطف العقل لهذه السعادة ،
و لأجل أن الصلاة كانت ســبب وصـــوله ( أي وصول
العقـل لحالة الأنخطـــاف )
و لا يمكن حلولهـا في أوقــات آخــــري ، هذا حســـبما
نفهــم من كتـب الآبــاء ،
لأنــه قد سطر في سيرهم أنهم عندما كانوا يقفون في الصلاة كانت تخطف عقولهم .
لماذا في هذا الوقت فقط تكون تلك المواهب العظيمة التي لا توصف ؟
نقـــــــــــــــــول: إنه في وقت الصلاة أكثر من كل الأوقات يكون عقل الإنسان مجموعــاً
( أي مركز الفكر ) وشاخصاً إلي الله و منتظراً بكل اشتياقه أن تأتيه الرحمة من عنده .
و أقول بإيجــاز :
إن هذا
هو الوقت الذي ينبغي فيه الوقوف علي باب الملك للســــؤال ،
وفي هــذا الوقت يليق أن يعطي للســائل الـــذي
يتضـــرع طلبــــــه .
فأي وقت يكــــون فيـــه الإنســـــان مســـتعداً محترســـاً
كمثـــــل وقـت الصـــــلاة ،
هل عند نومه ، أو إذا باشر عمل ما ، أو إذا
كان مشتت العقل يؤهل لهذه الموهبة!؟
إن القديسين لم يكـــن لهــم وقـــت يكونــــون فيه
متوقفين عن الصلاة ،
لأنهم في كل أوقاتهم يتفاوضون في الأمــــور
الروحــانية ،
أعنـــــــــي :
إما
أن يكونوا مستعدين للصـلاة ، و إما في قــــــراءة
ســـــــــــير القديســـــــــين ،
وإما أن يلهجوا في أقـوال الكـتب ، و إما أن يتصوروا بعقولهم الثاؤريا التي للمخلوقات ،
وأشياء أخــــــــــــــري فاضـــــلة
، و هـــذه كلهــــا هذيــــذ فاضـــــــل نافــــــــــــــع ،
ولكــن في وقــت الصــلاة يشــــــــــخص نظـر
عقولهــــم في الله وحـــــده
و اليـه
يمــــدون و يوجهـــــــون كــل حركـــــــاته ،
و يقــدم
إليه تضرعات قلبية بحرص متواتـر وحرارة ،
ولأجل إنه في هذا الوقت يكـــون
هــذا هـــو الهذيـــذ الوحيــد في النفــس ،
لذا فهـــو الأنسـب لتفيـض
عليها المراحم الإلهيـة ،
لأننا ننظر إنه في الوقت الذي
يكون فيــه الإنســـان مســــتعداً باحــــتراس
و واقفاً يتضرع
بالصلاة و عقله مجمــوع إليه ( أي غير مشتت )
يحل الروح القدس علي
الخبز و الخمر الموضوع علي المذبح ،
و أيضـــاً وقــت الصـــــلاة :
ظهر الملاك لزكريا و بشره بالحبل بيوحنا )لو1 : 11 ـ 14 )
ظهر الملاك لزكريا و بشره بالحبل بيوحنا )لو1 : 11 ـ 14 )
و القديس بطرس لما
كان يصلي علي السطح
وقت الساعة السادسة ظهر له
استعلان بدعوة الشعوب إلي الإيمان
علي شكل ازار مدلي
من السماء )اع 10 : 9 ـ 10 )
وأيضـــاً كرنيليــوس في وقـــت الصـــــــلاة
ظهر له الملاك وقال له : الأمور المستترة عنه )اع 10 : 30 ـ 32 )
و أيضاً يشوع بن نون :
لما
كان ملقي علي
وجهه في الصـلاة تكـلم الله معـه (يش 5 : 14 ،15 )
وأيضاً الغطاء الذي كان موضوعاً فوق التابوت(خر 25 : 17 ـ 22 ،لا 16 : 15 ـ 17) الذي كان
عظيم (رئيس الكهنة) يعلم منه باســـتعلان الأشياء المحتاج إليها
لما كان يدخل دفعة واحدة في السنة وقت الصــــلاة المرهـــوب ،
و كل أسباط بني إسرائيل واقفين للصلاة بخوف في الدار الخارجية،
في ذلك الوقت المرهوب كان عظـــيم الأحبـار يدخــل إلي القدس الداخــــــــــــــلي
و يقـــع عـــلي وجهــــه و يســمع كلمـــــــات الله من ذلك الغطاء
الذي فوق تابـــــوت العهـــــد باســـــــــــــــتعلان مخـــوف جـــداً ،
لأنــــــه ليــس وقـــــت يكــون فيه الإنســـان أقــــرب لهـــــذه
القدســات ،
و لا أوفـق لقبـول المواهب مثل وقت الصلاة لأن فيه يتكلم الإنسان مع الله ،
لأن في وقت التضرع والكلام مع الله :
و يكـون قلبـه مملـوء منـه ، و مــن ههنـــا يجـــود عليــــــه
بالـروح القدس
بمفهومات عالية على المدارك ـ وهي تكـون حسـب منزلة ذلك الإنســان ـ
و تتحرك فيه ، ومن ألفاظ الصــلاة تتحــرك فيه ( أي في العقـل ) مدركـــات
حتى أن حركة الصلاة تتوقف إذ يبتلع العقل
بالدهش و ينسي شهوة طلبته
و تغوص حركاته في سكر عظيم عميق و يكون كأنه ليـــس في هذا العـــــــــالم ،
و لايكون له في ذك الوقت شيء من معارف الجسد ولا النفس ولا ذكر شيء ما
و حسب قول القديس غريغوريوس :
انظر الآن !!
كيف
من الدهش بالمعاني التي تتولد في الفكر تتوقف الصـــلاة ـ
حسب
قولنا في بداية هذا الميمر و في مواضع كثيرة ـ وأيضاً قال :
" إن حالة العقل هذه هي الارتفاع إلي
المعقولات ( أي الأمور غير المادية )
و يكــون كلـون الذي يشــرق عليه نور الثالـوث
المقـدس وقـت الصـــــلاة " ،
و هذه النعمة يؤهـل لها الإنسان وقت الصـلاة :
إذا ما تعري العقـل من الإنسان
العتيـق ولبس بنعمة الله الإنسان الجــــديد ،
فحينئذ ينظر
هيئة ذاته في الصلاة تشبه لون السماء الذي يدعي موضع الله ،
حسبما ظهر لشيوخ إسرائيل )خر 24 : 9 ،10 )
و لهــــذا حســـبما قــلت : لا يليق أن تسمى هذه الموهبة صلاة روحانية ،
تبتلع ممــا يولد من الصــلاة النقية التي بالــــــــروح ،
و يكون العقـــل في ذلك الوقت مرتفعاً عن الصــلاة
لأن بوجـــوده فيما هو أفضل تبطل الصلاة وتتوقف
.
و من ههنا ليست صلاة تصلى
بل
نظر بدهــش للأمـور غير المـدركة السـامية عن عالمنـا عالـم المـــوتى ،
و يصمـــت و يصبـــح في حــــالة عـــدم معـــرفة الأشـــياء
الحاضــــــــــــرة ،
و هـــي في الحقيقــــــة المعرفــــــة الأرفـــــع من كـــــل المعـــــــــــــارف
،
طوبى
لمن وصل لعدم المعرفة هذه والتي لا تبلغ إلا بالصلاة حسبما قيل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق