الميمر الرابع ( 2 )
ينبغي ألا
نسأل أو نشتهى
عمل أعجوبة ظاهرة أو استعلان
من غير
ضرورة ملحة
و إن كان الـــــــــرب قريبـــــــــــــاً في كل حــــــــين بمعونتــــــــه
للقديســـــــين ،
لكنه
من غير ضرورة لا يظهر قوته ، وبدون ســــــبب لا يفعـــــــل أية ظــــــــــاهرة
و ذلك لكيلا تكون معونته الخاصة بلا طعم ، و مزدراة انه يفعل هكذا لاهتمامه بهم
و يريد أن يظهـر لهم أن اهتمـامه الخفـــي بهم لا يتوقف و لا سـاعة واحــــــــــدة .
و ذلك لكي يكون لهم حرص حسب قوتهم و يتعبون في
الصــــــــــــــــلاة
حتى لا يتركهــــــــم فــــــــي أي شـــــــــــــــــيء.
إمـــــــا إن كان هنـــــاك شــــيء عســــر لا تدركــــــــــــــــــــه
معرفتهـــــــــــــــــــم
فهو حين إذ يتممــه كعظيــــــم قوتـــــــه كمـــا ينبغــــــــــي ،
و ضعفوا
و احتـــــاروا بســـبب عدم كفــــــــــــــاءة الطبيعــــة الإنسانية ،
فيعرفـــون أن لهـــــم معـــــين ،
و هو كقادر يقويهـــــــم خفيـــــة تجـــــــاه الشدة بالمعرفة التي يعطيها لهم ، و تنحـــــــــــل عراقيل ضيقاتهم
و بالنظر و الثاؤريا (أي التأمـــــــل ) ينتبـــــه إلــــــــــــــى التمجيـــــــــــــــــــــــــــد ،
و بهـــذا تكـــــون المنفعـــة للناحيتــــين (أي النجـاة و تمجيــد الله) ،
و لكــن إن كـــان الأمر يحتاج لفعل ظاهر لأجل الضرورة يصنع ذلك .
حكيمة هي تدابيره و هو يعمل بحسب الحاجة و الضرورة و ليس تخبطاً أو كيفما اتفق ،
و الذي من غير ضرورة :
يجثر على هذا أو يطلب من الله و يشتهى أن يفعل على يديه عجائب وآيات ،
فهذا قد امتحن و ســــــــخر به الشيطان المستهزئ و ضعفت نيته طلباً للافتخار .
لأجــــل الشـــــــدة ينبغـــــــي
أن نســــــــــــــــأل معــــــونة الله ،
و من غير ضـــرورة لا ينبـغي أن نجــربه ،لان هذا الأمـــــــر خطر ،
و الذي يشـــتهى هذا فليـــس هـــو صـــــــــديق حقــــــــــــــــــاً ،
أما كل القديسين فالـــــرب كان يفعــل المعجـزات على يدهـــم من غــير إرادتهــم
،
إما إن
الإنســـــان يشـتهى هـذا فهو سقوط من الاحتراس و قد ذل عن معرفة الحق ،
و إذا أعطـــيت هذه لمن يســأل ( هذا مجـــرد افــــتراض )
فإنــه سيشـابه ذلك الذي تجاســـــــر على ســــــيدنا
و يجد الشيطان الفرصــــة ليجــــربه بمـــا هو أعظــــــم .
الصديقـــــون الحقيقيـــــون يفكرون على الدوام في أنفسهم أنهم
لا يسـتأهلون النظــــــــر إلــــــــى الله ،
و ليس
فقط لايشتهون هذا ، بل وان أعطـوها فلا يريـدوهــا ، ليـس فقـط قدام النــاس ،
بـــــــــــل و لا بينهم و بين أنفسـهم ،
حتى إن
احد القديسين ـ لأجل نقاوته ـ
أعطى هذه الموهبة إلا وهى أن يعرف مسبقاً أن إنساناً يريد
المجيء إليه ،
فطلـــــب مـــــن الله وســأل آخـرين إن يطلبــوا معــه
ليأخذهــــا منـــــــه ،
و إن
كان احدهم رضي بذلك الأمر ، فإن من الضرورة أو من البســــاطة صنـــع هــذا ،
و إما الباقــــــــــون فكان الافتقـــاد الإلهــــي يتحــرك
فيهـــم ليـــــس كيفمـا اتفق ،
فهوذا القديس امونيوس لما مضى لزيارة
القديس انطونيوس ،
و ضل الطـــريق انظــر ماذا قـــال ؟ و مــاذا فعــل الله معـــه ؟
قال :
" يارب دلني إلى مغارة عبدك "
فرأى
يدا تــــريه الطـــــريق .
و اذكر أيضاً ما صنع مقاريوس :
و اذكر أيضاً ما صنع مقاريوس :
لما كان ماضياً في الطريق وزنابيله على كتفه
قال :
" يارب أنت تعلم أن ما بقـى في قـــوة
"
فوجد في الوضع الذي كان ماضياً إليه .
الصديقــــون الحقيقيــــــون يفكرون على الـــــدوام ، أنهم لا يستحقون الله ،
و هم بهذا يختبــــــــرون أنهم
متســــــــحقين ،
فهـــــم
يحسبون أنفسهم حقراء و غير مستأهلين ان يهتـــــم بهـــــم
و كانوا يعترفــون بهـــــــذا ســراً و علانيـــــــــــــــة لأنه كانوا يعطن حكمـــة
كيـــلا يتهاونـون فـــــــي الشيء الــــــــــــــــــذي ينبغـــي التمسك بـــــه
،
و لم يتوقفوا عن العمل كل حين ،
لان
زمان النياح محفوظ لهم في العالم الجـــــديد ، و الذين يسكن الله فيهم
لا
يشتهون أن يكونــــوا في نيــــاح ههنــــــا و لا خلوا من الأحــــــزان ،
و إن كانوا يعطــــــــــــــــون العزاء بالروحيات خفية من
وقـــت لأخـــــر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق