محبة إلي المنتهى :
أدلة و علامات الذين وصلوا إلي الكمال هي :
أنهم لو سلموا كل يــــــوم عشرات المرات للحـــريق
لأجــل محبــة النـاس
فلا
يشبعون من حبهـــــــم مثل ما قال الطوباني موسى لله :
" إن لم تغفر لبني إســـرائيل إمحني من
سفرك الذي كتبت"( خر 32 : 32 (،
و كقول السعيد بولس : أنا الذي جميع العالمين مع
كل شرقهم ( مجدهم )
لا
يقدرون أن يفرزوني ( يبعدوني ) عن محبة المسيح ( رو 8 : 35 ، (39،38
أريــــــــــــــــــــــد أن أفرز عن المســـيح و بنو إســـرائيل يدنـون
من إيمـان الحيــــــــاة
إن كــــــــــــان يســــــــــــــتطاع هــــــذا أن يكــــــــــــــون
لكي ببعــدي يكـــون قربهم و يؤمنون بالمسيح و لا يتغربون عن اللــه الحي( رو 9 : 3 (
و كقــــــــــــــــــوله " أنــــي افــرح بالضـــوائق لأجلكـــم أيها
الشــــعوب " ( كو 1 : 24 (
و كبقيـــــة الرســـل الــــذين من أجــــــــــــل محبــة الناس قاســوا
ميتــات شـتي .
و أكثر من هذا جميعه :
إن اللــــه ســـيد الكــــل لأجل محبته للخليقة سلم
ابنـــه لمــوت الصليب ،
لأنه هكذا أحب الله العالم حتـــــى بـــــــــذل ابنه
الوحيـد من أجله (يو3 : 16 (،
و ليـــــس أنــــــــــــــــــه كــــــان يقـــــــــــدر أن يخلصنـــا بشــيء آخـــــر ،
بــــــــــــل أراد أن يظهر لنا بذلك كثرة محبته ، لكي بمــوت ابنه الوحيـد يقدمنـــا إليــــه ،
و لــو كـــــــان له شــيء آخـــر أكـرم منــــه كان يعطيه لنا لكي يخلص به جنســــــــنا .
و من أجـــل كـثرة محبته لم يشأ أن يغضب حريتنا
إذ كان قــــادراً على ذلك ، لكنه يشـــــاء أن ندنــــو إليه بدافــــع من محبتنـــــا ،
و هوذا سيدنا أطاع أباه من أجل حبه لنا ، و قبل
على نفسه الآلام و الاحتقار بفرح.
حسب قول الكتـــاب : "أنه لأجل فرحــه احتمل الصليب وجسر على الخزي"(عب 12 : 2 (
من أجل هذا قال سيدنا فـــــي الليــلة التي أســــلم
فيهــــا للصـــلب :
" هذا هو جسدي يعطى للحياة لأجل خــــلاص
العــــــالم.
و هذا
هو دمـــي الذي يهرق من أجل الكل لغفران الخطايا "( مت 26 : 28 (
" و لأجلكم أقدس ذاتي " ( يو 17 : 19 .(
و هكـــــذا جميــــع القديســـــين و صلوا إلي هذا الكمال ،
عندما تشبهوا بالله بفيض الحب و الرحمة على البشر
،
لقد كانوا يفرضون على أنفسهم التشــــبه بالله
بمحبـــــة القريـــــب حــــتى أكمـــلوها .
فهكــــذا الآبــــــــاء المتوحدون
فهكــــذا الآبــــــــاء المتوحدون
كانوا يضعون على أنفسهم التشبه بمصدر الحياة
المسيح سيد الكل .
فالقديس أنطونيوس :
ما رأى قط أن يفعل ما يناسب و يصلح له
بـــل ما ينفــــع القـريب ،
و كان لــه هذا اليقين ، أن نفع القــــريب هــو عمــــــل فاضــــل .
و حسب ما قيل عن الأب أغاثون أنه قال :
"
أريد أن أجد إنساناً مبتلياً في جسده فأعطيه جسدي و آخذ جسده " .
فهـــــذه هي النظـــرة الكامــلة للفكـــر و هـــو أن يريح
قريبه بما عنده ،
كمثــــل
ذاك الذي كان له ثـوب مخيـط فنظره واحد و رغـــــــــــب فيـــه ،
فلــم
يتركـــه يخــــرج من قلايتـــــــــه حتــــــــــى أعطـــــــــــاه لـــــه ،
و أشياء كثيرة مثل هـــذه قد ســـطرت عنهم ( أي عن
القديســـــــين ) ،
و كثيـــــــــرون أســـلموا نفوســهم للنــار و السـيف و الوحــوش
من أجــــل أقربائهــم ،
و لكــــــــــــن لا يمكن لأحد أن يبلغ هذه الدرجة من
المحبة إلا إذا شعر خفية بالرجـــاء .
و لا يمكــــــن للذين يحبون هذا العالم أن يقتنـوا
محبة البشر ،
لأن
الـــــــذي اقتنـــى الحـــــــــــــب قـد اقتنى الله معــــــه ؛
و بحكـــــم الضــــــــرورة :
أن الذي اقتنــى اللــه : لا يـرى أن يقتني معــه شيئاً آخر حتى
أنه يتجرد من جسده ،
أما إن كان يقتني العالم و يحـــــــب الحياة الوقتية فهــــي لا تدعـــــه يقتنــــــــــي الله
حسبما شهد هو و قال :
إن مــــــــن لــم يرفـــــض كل شيء و يبغــض كل الأشياء
حتى نفسه لا يستطيع أن يكون لي تلميـــذاً ، ( لو 14 : 26 . (
أي ليـــس فقـــــــط يرفـــض الأشـــــــياء بل و يبغضهـــــــا أيضــــــاً.
وإن كـــــــــــــــــــان من لا يترك العالم لا يستطيع أن يكون له تلميذ
فكيـــــــــــــــــــــف يمكــــــــــــــن أن يســــــــــكن فيـــــــــــــــه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق