الأربعاء، 24 أبريل 2013

التفاوض مع اللـه في السكون ـ ميامر مار اسحق ( الميمر التاسع ) ـ الجزء الثانى .

الميمر التاسع ( 9 )
التفاوض مع اللــــه في السكون

+ قال أحد الشيوخ :
                     إني متعجب من الذين وهم في سيرة السكون يسجسون أنفسهم
                     من أجــــــل أنهم يريـــــــدون أن يريحوا آخـــرين بأشياء جســــدانية .
  قال أيضـــــــــــاً :
                      ينبغــــــــي ألا نشرك مع عمل الســــــــكون اهتمام آخر أو عمل ما،
                     ما خـــــــــلا الأشياء التي تليق بعمــــــــــــل الســـــــــــــــــــــكون ، 
 و في كل تدبير لنتحفظ كما يليق به لئلا نتخبط في ســيرتنا و نضطرب في تدبيرنا .

   الذي يهتم بأشــــــــياء كثيـــــــــــــــــــــــــرة هو عبد كثيرين ،

و الذي يرفض كل شيء و يهتم باصلاح نفسه هو محب للـــه .
انظر ان:صانعي الصدقة و المكملين محبة القريب بأمور جسدانية موجودون في العالم  
و أمـــــا السائرون في تدبير السكون كما يجب و المتفاوضين مع اللـــــــــه ،
                                            فبعد جهد تجــــــــــــــــد أفراداً قليلين .
و من من هؤلاء المتبررين بالأمور  ( الملموسه ) و صانعي البر بأشياء جسدانية
يمكنه نوال واحدة من المواهب التي ينالها من الله العمالين في الســـــــكون

+ وقال أيضـــاً :
                   إن كنت علمانياً تدبر بالسيرة الحسنة التي للعلمانيين .
                 و إن كنت راهبــاً تدبر بالأعمال الفاضلة التي للمتوحدين .
 و إن كنت تريد أن تسير في التدبيرين  ( معاً )
                  أي تدبير العلمانيين و تدبير الرهبان فإنك تسقط و تخيب من الاثنين .
لأن عمل الرهبان هو : التحرر من كل المحسوســـــات
                         و المداومة مع الله بهذيذ القــلب و تعــــــب الجســــم بالصلاة .

  فهل يمكن أن تقرن الفضيلة العالمية مع هـــــذه ؟!
أو هل تكون عوضــــــاً عنهــــا إذا ما أهمــــــــــلت عمـــل السكون .
أو هل يمكن للمتوحد العمال ( أي المجاهد ) في سيرة السكون
        أن يكمل التدبيرين أي  ( الداخلي في القلب ( و الخارجي .
أي هل يمكنه الاهتمام بالله بالقلب مع الاهتمام بأمر الآخرين

أما أنا فأقول : إن الــــذي يـــــريد أن يســـــــــــــير حســــناً مع الله ،
فلـــو أنــــــه يرفض كل شيء و يهتم بنفسه فقط في هذا التدبير ،
و مع ذلــــك فهو غير كفء ليتدبر بكل واجبات عمل السكون كاملة
               لأنه عاجــــز عـــــن حمـــــل أثقـــــاله ،
 فإن كــــان هذا هو حال من يرفض كل استعمال و هذيــــذ العالم
فكم بالحري إذا حمل ذاته و أيضاً وضع نفسه للاهتمـــــام بآخرين .

إن ســـيدنا  له فــــــــي العــــــــــــالم مــــــــــــن يخـــدم و يفتقـد عبيده و بنيه ،
              و اختار أيضاً ساكني البرية هؤلاء الذين يخدمونه  ( هو وحده ) فقط .

و نري مثل ذلك في ترتيبات الملوك الأرضيين ،
فالذين يخدمون الملك  هم جليلي القـــــــــدر ذوي رتــــــــب عــــــــــالية ، 
                           و متداخلين في أسرار الملك لوقوفهم قدامه دائماً
( و هم في ذلك) أكثر من الــــــــذين يحبون الملك و يؤدون أعماله و هم بعيدون عنه .

 فهكـــــــذا أيضـــــــاً في الأمـــــــور الإلهية :
                             نرى أن الذين يتفاوضــــــون مــــع الله بالصـلاة كل وقـــت 
                             لهــــم دالـــــــــة قد اقتنوهــــــــا مــن الهــــــــــــــذيذ به،

                            و هـــو قد أعطاهم السلطان على ثروة سماوية و أرضية .
 و كم يظهر سلطانهم على كل الخليقة   و يخضع لأمرهم علانية  و بغـــــير مقــاومة
                                              كل الناطقين و غير الناطقين بكل وقار و كرامة
أفضــــــــل مـــــــــــن الــــــــــــــــــــذين يخدمونه بالأشياء الأرضية ، و اقتنــــاء الأمــور

                                             و يرضونه بالبر الذي يصنعونه مع عبيده رفقائهم،
و هذا و إن كان حسناً جداً و لكن لا ينبغي أن :
                           نأخذ لنا مثالاً ( أي قدوة ) الذين نقصت درجتهم في عمل الله ،
                           بل من النشطاء الحاذقين في طريقنـــا هــــذه ،
و من القديسين أصحاب هذه السيرة و التدبير ، الذين رفضوا الأرضيات
و صـــاروا جنــداً لملك السماء و هم بعد على الأرض و تركوا الأرضيات
و رفضوها كليــــــــــــــــــــــــة و وضعــــوا أيديهــــــــــم في الســــماء .


الاهتمام و الهذيذ باللـــــــه وحده : 
ســـؤال : بماذا أرضى القديســـون القدمـــــــــــــاء الــــــــــــــرب
            هؤلاء الذين طرقوا هذه السيرة و صاروا محنكين فيهــا ؟
الجواب : القديس يوحنا التبايسي كنز الفضائل و ينبوع النبـــوه  ،
          ألعله بأمور جســــدانية كان يريح إخوته و الذين يأتون إليه و هو داخل حبسه؟
           أليس بالصلاة أرضى الله .

أنا اعرف من صاروا من أولئك ( أي من المهتمين بخدمة الآخرين ) فضـــــــلاء ، 
و لكنهم ليسوا مثل أرضوا الله بالصلاة و رفض الأشياء ،فهم أنقص منهم جداً .

أما عن المنفعة التي تكون للناس من هؤلاء الذين بالسكون يتفاوضون فهي معروفة ،
و هــــــــــي أنهــــــــــــــم :
                                 يعضدوهم  بكلام وعظ نافع و يصلون عنهم وقت الضرورة ؛
و خارج عن هذين الأمرين ،
فينبغي على المتوحــــد ، ألا يترك في قلبــــه ذكـــــراً لإنســــــــــــــان
                                أو اهتماماً بشيء ما من الأمور الجسدانية ،

                                لأن هــذا ليــس هــــو عمــــل الحكمـــــــة ،
 و أمـــــــا قـــــــــــــــــوله " أعطوا ما لقيصر لقصير و ما لله لله " لو 20 : 25 )
                               أي ما يخــــص القــــريب و مــــــــا يخـــص الله 
فهـــــــــــــــــــــــــــــــــذا ليس للمتوحــــدين الســــاكنين في الهــــدوء ،
بــــــــــــــــــــــــــــــــــــل لأولئك الذين يتبــررون بالإعمــــال الظـــــاهرة ،
 أمــــــــــــا الـــــــــــــذي يتدبر بسيرة الملائكة أعنى بالهذيذ النفساني
                              فلا يلزمه أن يتفاضــــل بأمـــــور جســـــدانية
                             و يلقي ذاته في الاهتمـــام بعمـــل اليــــدين،
                             و ينتظر أن يأخذ من واحــــد و يعطي آخــــــر

           لأن             عمـــــــــــله هـــــــــو فــــــي الســــــــــــــماء .

لا يليــق بالمتوحــد أن يدع الاهتمــــــام بشــــــيء من الأشـــــــــياء
                           يحـــرك و ينــزل فكـــره من القيــام قــدام الله ،
 و إن عرض أحد :
                     ذكر بولس الرسول بأنه كان يعمـــل و يعطـــي صدقـــة ،
نقـــــــــــــــــول :
بولس واحد ظهر في العالم كان كفء لكل الأشياء ، ولم نعرف بولس ثان .
              إن أمــور تدبير التبشير لـــم تدخــــل في أفعال العـامة ،
فالتبشـــــير هــــو عمـــــل آخــــــر غـــــــــــير عمل السكون ،
و أما أنـــت فــــان كنــت تريد أن تتدبــــر في عمل السـكون
              فكن مثل الشاروبيم الذي لا يهتم بشيء من الأرضيات ،
             و فكر أنه ليس في الخليقة إنسان آخر إلا أنت وحدك والله
الـــــــــذي اهتمامـــــــــــــــــك و هذيــــــــــــــــــــــــــــذك بــــــــه ، 
هـــــــــذا حسبما علمك آباؤك الذين ساروا قبلك في هذا التدبير .

إن لــــــم يقس الإنسان قلبه و يضبط مراحمه ( أي عاطفة الرحمة ) غصباً
            لكي يكون بعيداً عن كل انسان من أجل الله ،
           و لا يفكر في شيء من الأمــور الجســدانية
 بـــــــــــــل في الصــــــــــــــــــلاة فقـــــــــــــــــــــــط ،
و لا يتـــــرك في قلبــــــه اهتمــــــــــــام أو تعـــــــــلق بإنســـــان
فلا يقدر أن يتحرر من سجس و اضطراب الاهتمامـــات الزائــــلة ،

و لا أن يكون في السكون كما يجب أن هذه هي النهاية باختصار .

من أجل الله أهرب :
                            إذا أتاك فكر أن تهتم بإنسان على أنه فضيلة

                           إلا أنه ســـــــــينزع منــــــــك الســــــــــــلام 
                           الذي من عادته أن يكون في القلـــــــــــــــب 
                           بســـــبب ذكـــــر الـــــــــــله الدائــــــــــــــــم ،
فقـــــــــــــــــــل له : إن الحب و الرحمة من أجل الله تدبير حسن ،
                         و لكن أنا أيضـــــــاً من أجل الله لا أريــــــــده .

 حسب قــــول ذلك الســــــائح عندما كان يجري وراءه ذلك المتوحد 
و يقول :             من أجل الله قف لي حتي لا أجــــــــــري وراءك 
فأجابه : وأنا أيضــاً من أجل الله أهــــــــــــــــــــرب منـــــــــــــــــــك .

فأنبا أرسانيوس ، من أجل الله ما كان يفتح فاه ويتكلم ولا كلام منفعة و لا غيره ،
و آخــــــــــــــــــــر من أجل الله كان يتكلم النهار كله و يقبل الغرباء الذين يأتــونه ،
                    فذاك ( أي أنبا أرسانيوس ) فلأجل إنه اقتنــي الصمت و السكون
كان يسير مع روح الله

                     داخل بحر هذا العالم بسلام و مرتفع في سفينة تدبير السكون ،
و ذلك حسبما ظهر لواحد من القديسين بإعلان عندما فحص و فتش عن هذا الأمر .

إن لفظ " السكون " معناه الهدوء من كل الأشياء و الهرب و الفرار من كل الأمور ،
                       فإن كنت في سكونك ممـــــــــــلوء سًجســـــــــا و اضطراباً
                       و الجســـد يتخبــط بعمــل اليديــن و القيــام ببعض الأعمال
                       و تتخبط النفس بالاهتمام بالآخرين ، فأي سكون اقتنيت ؟!
لأنه لا يمكـــــن أن تهتم بأمور كثيرة و تستطيع أن ترضي الله بسيرة السكون .

                        و لتعرف هذا في نفسك ، أنه بدون رفض الأشياء
                        و كل أمر واهتمام إن كان من النظــــر أو السمع
                         ثم تقول انك تضبط تدبير السكون فهذا هزل !!

و أيضاً في السكون
افتقاد النعمة :
                   يتفق في أوقات كثيرة في وسط ساعات النهار ،
                   إنــــه لـو أعطى للمتـوحـــد مملكـــة كل الأرض
لا يقبــــــــــــل الخــــــروج من قلايتــــــه في تلك الســـــــــاعة  ،
                  و لا إن طـــــــــــرق بــــــابه أحــــــــــــــــــــــــــد ،
                  لأن وقـت التجـــــارة و الربــح قـد أتاه بغتـــــــــة ،
و هذا يحدث في الأيام التي يظن فيها أنها أيام تراخي و يدعوه فكره ليدخل ويخرج ،
 لأن النعمة تفتقــده بغتــة بدمــوع بغـير حسـاب أو بحزن حاد يتحـرك في القــلب ،

            أو بفـــــــــرح بغــــــــــــــــير ســــــــبب أو بحلاوة و لذة أداء المطــــانيات .

اعرف أحد الإخوة ، وضع المفتاح في باب قلايتـــه لغلقهــــا
                      و يخرج يرعى الريــــح كقــــول الكتــــاب ،
                      فافتقدته النعمة فرجع لوقته إلي القلاية .
عمل المتوحد غير المدرك :
                           لا يلوم أحد المتوحد إذا ما تخلف عن حضور الصــلاة الجـــامعة
                          في الأيـــام التي يتبــع فيهــــا قـــانون ( أي نظــام ) الحبـــس ،
 خاصــــة إذا كـــــان  ليس من أولئك المعروفين بالتهاون والمنساقين للحديث الفارغ ،
                          و لم يكن تخلفه لأجل رغبته في الشغل اليدوي .
اعلمــــوا يا أخــــوتي :
                     إن عملنــــا لا يكمل أمام نظر الناس،لأن لنا عملاً مخفياً عن نظرهم،
                     و هــــــــــــو غــــــير معـــــــروف للمبتــــــدئين و العلمــــــــــــانيين ،
 و المتوحــــــــــد عندما يكـــون تحت الانفعال فليس له سلطان على ذاته ،
                     وإن أتفـــــق و أتاه إنســـــان وطــــرق بابه و لم يجبـــــــه
                     فعلـــى ذاك الإنسان أن يرجع لتوه ولا يلوم أخاه المتوحد
                     لأنه لا يعرف في أي حـــال هـــــــو في تلك الســـــــاعة
لأن قلايــــة المتـــــوحد هي
                    ـ مغارة الصوان ـ  حســب قول آبائنــا  حيث تكلم الله مع موســى .
و الرهبان غير المحنكين في الجهاد
                    لم يتـــذوقوا السكون الحقيقي ، لذا لا يعـــرفون هـــــذه الأشـــياء ،
                    فيدينون أخاهم و يحتقرونه لأنهم يريدونه موافقا معهم في التواني .

ثم هنـــاك وقت يتعرض فيه المتوحـــــــــــــــد لقتـــــــــــال شـــــــــديد ،
                   ففي تــــلك الســـــــــــــــاعة يكـــــون في شدة و خطر ،
 وقد وضع يده علي خده و هو ملقى على الأرض و يتضرع إلي اللــــــه ،
 وفي هـــــذه الحـــــــال لا يمكنه أن يسمع صوت إنسان
و هذه الغيارات (أي الحالات)

                          يعرفها الذين ساروا في البحر ( أي طريق الجهاد )
                                          و اختبـــــــروا الرياح التي تهــب فيــه .

و ثم وقت يتحــــرك في قلبـــه فكــر توبة ،
             فتتجمع في ذاكرته كل خطاياه و عثراته القديمــــــة ، 
             و ذكــــــــــــــــــــــــــر مـــوته ، و تتصور قدامه بغتـــة ،
             حتى أن هذه الشمس المنيرة تظـــلم في وجهـــــه ،
 ثم تقوم عليه بغتة رياح وزوابــع ،
           و تغــــرق سفينته بالسقطات الخفية غير المعــروفة لكل أحد
           لأنهــــــا بسبب صعوبة حرب الشياطين تعرض ـ  دون توقـــع ـ
           للمتوحد الجالس داخل الســــــــــكون

           و تكون له قلايته بيت النحيب و البكاء .

لا تتهــــــــاون :
كثيـــــــــرة هي تقلبــات هذا البحـــــر    ،   فمـــــن يقـــــــدر أن يعرف أعمــاله
وكثـــــــرة ربــــــــــح التجـارة التي فيـه  ،   والجواهر النفيسة التي في عمقــه
و الوحــوش الضـــارية التي تصعـــــد منه  . 
  وطــــوبي لمن لا يضطجع و لا يتهاون  في كل سيرة و تدبيره إلي وقت الموت .

 لا يحب أحد شــــــــيئاً الا و يهتــــــــــــــم بمســــــــــــــــــبباته ،
 لــــــــذا لا يقـــــــــــدر إنســـــان على التفـــاوض بالإلهيـــــــات 
           إن لم يرذل  : و يبتعـــد عن كل الزمنيــــــــــــــــــــــات ،
                            و يتغــرب عن كرامات هذا العالم و لذاته
                            و يتبـــع هـــــــــــــــــوان الصــــــــــــــلب ،
                            و يشرب كل يوم خلا و مرارة من الآلام ( أي حرب الشهوات )
                            و الشياطين و المسكنة ( أي الفقر و العـــــوز ) و النـــــاس .

أنشط يا أخــــي ، و كـــــــــن كالتــــــــــاجر الحكيــــــــــــــــــــــــم ،
و احمل جوهرتك   و أنت في هذا العالم لئلا يتشوه حسن بهائها.
احــــــــــــــــترس  لئلا تسلب منك بتهاونك فتنزل الهاوية بالحزن .

اسمع يا أخي متبعــــــــاً العزاء القليل الذي يقتنيه في وقتــه من الأعمـــال ،
                  لتؤهـــــل لذلك العزاء العظيم المتولد من الإحزان و الضغطات
                  الموجوده فى هذا المسكن الانفـــــرادي الممــلوء أحـــزاناً .


الأمور الصغيرة أولاً :
                             لا تهمل الأمــور الصغيرة لئلا لا تنـــــال الكبــــار ،
                             فليـــس أحد يضـــع لحمــاً في فم طفـل رضيـــع ،

                             كذلــــك فمن الصغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيرات 
                             ينفتـــح قدامك الباب لتدخل إلي الأمور العظيمة .

أنت يا أخي تكون كمن يهين الله إذا اشتهيت أن يدبرك بلا نظام و لا ترتيب ،
               فلا يؤتمن أحد على الكبـــار إن لم يحنك أولاً و يختبر بالصغــــار .

ضع هذا في قلبك يا أخي ـ  و اذكرني في وقتهـــــــــا ـ
إن كل منزل ( أي درجة ) تصل إليه في طريق الفضيلة و في معرفة الحق 
                              تجده أفضل و أعظم من الذي تركتــه أمــــــــــس،
  ذاك الــــــــــــــذي كنت متعجباً من شدة بهاء حسنه قبل أن تنتقل منـــه ،
 لكــــــــــــــــــــــــن مجد منزل أمس يبتلع بحسن المنزل الذي تدخله اليوم .

من هو الذي يشعر بتغييرات الفكر اللذيذة ؟!
صلـــــــي لكي ينفتح قدامك الباب ، 
و أحـــــذر من قطــــع الرجـــــــــــاء ،

 فعمـــلك ليـــس مع قــاس ظــالم ،
 بل مــــع سيد رحوم طيب رؤوف و قدامـــه أنــت تجــــــــــاهد.  
ذاك الذي لم يأخذ شـــــــيئاً منك و لكـــــن أعطاك كل الأشياء ،
            إذ لم تكـن موجـــــــوداً أتى بـك إلي الوجـــــــــــــود ،
 و من هو الكفء أن يوفيه تمجيداً و شكراً من أجل ابتداعه لنا من العدم إلي الوجود .

يا للنعمة التي لا تقاس !
من فيه الكفاءة لتمجيــــــد ذاك الذي أعطانا معرفة كل الأشياء !!
                   ليس فقط الأمور الظاهرة بل و الأشــياء الخفيــة ،
حتى أننــــــــا نعرف الشيء الذي لم نكن نعرفه دون أن نسأل أن يعطينا معرفته ،
 من عرفــــك يا ابن الموتى أن تتحـــرك مشــــاعرك بمحبــــة طـــــــلب الشــــيء
                                  الـــــــذي معرفـــــة طلبتــــه ليســت في طبيعتـــــك .

اللـــه يريد أن يعطينا :
لا تطلب إلا العزاء الذي يحل في القلب  ،
 فهـــــذا هو مصــدر المعرفـــة و التمييز
 و لكــــي تؤهـــــــل لــــــــــــه ابتعد عن كل عزاء يأتي عن طريق الحواس .

المتوحد الذي تغـرب عن العزاء العــــــالمي
و لكن لا يترجى كل يوم العزاء من المسيح  

فهـــو مائـــــــــــــــت في حيــــــــــــــــــاته .
رحوم هو الله و رؤوف و يريد أن يهب و يعطينا و يشاء أن نكون نحن سبب العطية  ،
 ويفـــــــــــــــــــــــرح إذا ما قـــــــــــــدم له إنســــــــــــــــــان صـــــــــلاة حكمــــــة 
                         التي هي علامة الصحة ( أي البرء )من المــرض و الســــقم ، 
 وعلامـــة الصحـــة أن نشتهي الخفــــايا حتى لو تأخر بلوغنا الصحـة الكامـــــــــلة .

الرجاء :
           الذي يمل من الســــــؤال إذا طـــــال انتظــــــــــاره
            فهو رفيق المتضجر لأن الملل يبطل سؤال صلاته .

      الكسل يمنــــــــــــــــــــع من السؤال ، 
و أما الضجر فيقطع المداومة على السؤال ،
و أما الأنــاة و الرجـــــاء فيمنـــــــح الصـــبر  
و يجـــــــذبك إلي الثبـــــــــات في الصـلاة ،
لأن الرجــــاء يخفف ثقل الأعضــــاء و يعرف ( أي له القدرة )

أن يعطـــــي القلب نياحـاً في وقت ضيقــــاته و ضغطـاته .

ليس وسق أخف و أحلى من العمل مع الرجاء و لا أنيس حلو المحادثة مثله ،
                     حتـــــى لو سكن في السجن فهــــــــو لذيذ معــــــــــــــــه .

أيها التائب :
            أجعل هذا ( أي الرجاء ) أنيسك فلا تحس بشيء من الأتعاب في جهادك ،
  إن كنت في القـــــــــلاية فليكـــــــــــن معــك ،
و إن كنت في وسط الناس اشخص فيه بعقلك
و لا يطش فكـــــرك في شــيء من الأشــــياء
فيصبــــــح العالم عنــــدك كالغــــريب هو و جميــع ما فيــه .

في وقت رقادك أجعله سريرك إلي أن تســتغرق في النوم
                    لتكن مفاوضتك فيه ، فلا يدنو من قلبك فكر أو هاجـــس ســــمج ،
                    لأن مفاوضتــك فيه   عمــــل غــــير مـــادي ،
                    و الشيء الذي يحمل الشكل المادي لا يقدر أن يحرك نظرة الفكر
                   و لا أن يظهـــــر هنــــــــاك في الذهــــــــــن .

لأن الفكر الشيطاني لا يظهـر ذاتــــــه دون النظـــــــر المـــــــــادي .
مداومة الصلاة و طول الأنة فيها تخـــرج ثمـــــــــرة الحيــــــــــــــــاة ،
و الرجـــــــــــاء و الانتظـــار هما المعين في الصلاة للمتمسك بهما .
 و إذا كنت لا تصلي ، فاذكر الفلاح الذي يجني بالإيمان أضعاف كثيرة  ،

 و لتكن طلبتك ملكوته و بره أكثر من الزمنيات .
                        و هو يعطيك سؤالك حسب وعده . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق