الميمر التاسع ( 9 )
التفاوض
مع اللــــه في السكون
+
قال أحد الشيوخ :
إني متعجب من الذين وهم في سيرة السكون
يسجسون أنفسهم
من أجــــــل أنهم يريـــــــدون أن يريحوا آخـــرين بأشياء
جســــدانية .
قال أيضـــــــــــاً :
ينبغــــــــي ألا نشرك مع عمل الســــــــكون اهتمام آخر أو
عمل ما،
ما خـــــــــلا الأشياء التي تليق بعمــــــــــــل الســـــــــــــــــــــكون ،
و في كل تدبير لنتحفظ كما يليق به
لئلا نتخبط في ســيرتنا و نضطرب في تدبيرنا .
الذي يهتم بأشــــــــياء
كثيـــــــــــــــــــــــــرة هو عبد كثيرين ،
و الذي يرفض كل شيء و يهتم باصلاح نفسه هو
محب للـــه .
انظر ان:صانعي الصدقة و المكملين محبة القريب
بأمور جسدانية موجودون في العالم
و أمـــــا السائرون في تدبير السكون كما يجب
و المتفاوضين مع اللـــــــــه ،
فبعد
جهد تجــــــــــــــــد أفراداً قليلين .
و من من هؤلاء المتبررين بالأمور ( الملموسه ) و صانعي البر بأشياء جسدانية
يمكنه نوال واحدة من المواهب التي ينالها من
الله العمالين في الســـــــكون !؟
+ وقال أيضـــاً :
إن كنت علمانياً تدبر بالسيرة الحسنة التي
للعلمانيين .
و إن كنت راهبــاً تدبر بالأعمال الفاضلة التي
للمتوحدين .
و إن كنت تريد أن تسير في التدبيرين ( معاً )
أي
تدبير العلمانيين و تدبير الرهبان فإنك تسقط و تخيب من الاثنين .
لأن عمل الرهبان هو : التحرر من كل المحسوســـــات
و المداومة مع الله بهذيذ القــلب و تعــــــب الجســــم بالصلاة .
فهل يمكن أن تقرن الفضيلة العالمية مع هـــــذه ؟!
أو هل تكون عوضــــــاً عنهــــا إذا ما أهمــــــــــلت عمـــل
السكون .
أو هل يمكن للمتوحد العمال ( أي المجاهد ) في
سيرة السكون
أن
يكمل التدبيرين أي ( الداخلي في القلب (
و الخارجي .
أي
هل يمكنه الاهتمام بالله بالقلب مع الاهتمام بأمر الآخرين !؟
أما أنا فأقول : إن الــــذي يـــــريد أن يســـــــــــــير حســــناً
مع الله ،
فلـــو أنــــــه يرفض كل شيء و يهتم بنفسه فقط في هذا
التدبير ،
و مع ذلــــك فهو غير كفء ليتدبر بكل واجبات عمل
السكون كاملة
لأنه عاجــــز عـــــن حمـــــل أثقـــــاله ،
فإن كــــان هذا هو
حال من يرفض كل استعمال و هذيــــذ العالم
فكم بالحري إذا حمل ذاته و أيضاً وضع نفسه
للاهتمـــــام بآخرين .
إن ســـيدنا له فــــــــي العــــــــــــالم مــــــــــــن يخـــدم و يفتقـد عبيده
و بنيه ،
و اختار أيضاً ساكني البرية هؤلاء الذين
يخدمونه ( هو وحده ) فقط .
و نري مثل ذلك في ترتيبات الملوك الأرضيين ،
فالذين يخدمون الملك هم جليلي القـــــــــدر ذوي رتــــــــب عــــــــــالية ،
و متداخلين في
أسرار الملك لوقوفهم قدامه دائماً
( و هم
في ذلك) أكثر من الــــــــذين يحبون الملك و يؤدون أعماله و هم بعيدون عنه .
فهكـــــــذا أيضـــــــاً في الأمـــــــور الإلهية :
نرى أن الذين يتفاوضــــــون مــــع الله
بالصـلاة كل وقـــت
لهــــم
دالـــــــــة قد اقتنوهــــــــا مــن الهــــــــــــــذيذ به،
و هـــو قد أعطاهم السلطان على ثروة سماوية و أرضية .
و كم
يظهر سلطانهم على كل الخليقة و يخضع لأمرهم علانية و بغـــــير مقــاومة
كل
الناطقين و غير الناطقين بكل وقار و كرامة
أفضــــــــل مـــــــــــن الــــــــــــــــــــذين يخدمونه بالأشياء الأرضية
، و اقتنــــاء الأمــور
و يرضونه بالبر الذي يصنعونه مع عبيده
رفقائهم،
و هذا و إن كان حسناً جداً و لكن لا
ينبغي أن :
نأخذ لنا مثالاً ( أي قدوة ) الذين نقصت
درجتهم في عمل الله ،
بل من النشطاء الحاذقين في طريقنـــا هــــذه ،
و من القديسين أصحاب هذه السيرة و التدبير ،
الذين رفضوا الأرضيات
و صـــاروا جنــداً لملك السماء و هم بعد على
الأرض و تركوا الأرضيات
الاهتمام و الهذيذ باللـــــــه وحده :
ســـؤال : بماذا أرضى القديســـون القدمـــــــــــــاء الــــــــــــــرب
هؤلاء الذين طرقوا هذه السيرة و صاروا محنكين
فيهــا ؟
الجواب : القديس يوحنا التبايسي كنز الفضائل
و ينبوع النبـــوه ،
ألعله بأمور جســــدانية كان يريح إخوته و الذين
يأتون إليه و هو داخل حبسه؟
أليس بالصلاة أرضى الله .
أنا اعرف من صاروا من أولئك ( أي من المهتمين
بخدمة الآخرين ) فضـــــــلاء ،
و لكنهم ليسوا مثل أرضوا الله بالصلاة
و رفض الأشياء ، فهم أنقص منهم جداً .
أما عن المنفعة التي تكون للناس من هؤلاء
الذين بالسكون يتفاوضون فهي معروفة ،
و هــــــــــي أنهــــــــــــــم :
يعضدوهم بكلام وعظ نافع و يصلون عنهم وقت الضرورة ؛
يعضدوهم بكلام وعظ نافع و يصلون عنهم وقت الضرورة ؛
و خارج عن هذين الأمرين ،
فينبغي على المتوحــــد ، ألا يترك في قلبــــه ذكـــــراً لإنســــــــــــــان
أو اهتماماً بشيء ما من الأمور
الجسدانية ،
لأن
هــذا ليــس هــــو عمــــل الحكمـــــــة ،
و أمـــــــا قـــــــــــــــــوله " أعطوا ما لقيصر لقصير و ما
لله لله " ( لو 20 : 25 )
أي ما يخــــص القــــريب و مــــــــا يخـــص الله
فهـــــــــــــــــــــــــــــــــذا ليس للمتوحــــدين الســــاكنين
في الهــــدوء ،
بــــــــــــــــــــــــــــــــــــل لأولئك الذين يتبــررون بالإعمــــال
الظـــــاهرة ،
أمــــــــــــا الـــــــــــــذي يتدبر بسيرة الملائكة أعنى بالهذيذ النفساني
فلا يلزمه أن يتفاضــــل بأمـــــور
جســـــدانية
و يلقي ذاته في الاهتمـــام بعمـــل اليــــدين،
و ينتظر أن يأخذ من واحــــد و يعطي آخــــــر
لأن عمـــــــــــله هـــــــــو فــــــي الســــــــــــــماء .
لا يليــق بالمتوحــد أن يدع الاهتمــــــام بشــــــيء من
الأشـــــــــياء
يحـــرك و ينــزل فكـــره من القيــام قــدام الله ،
و إن عرض أحد :
ذكر بولس الرسول بأنه كان يعمـــل و يعطـــي
صدقـــة ،
نقـــــــــــــــــول :
بولس واحد ظهر في العالم كان كفء لكل الأشياء
، ولم نعرف بولس ثان .
إن أمــور تدبير التبشير لـــم تدخــــل
في أفعال العـامة ،
فالتبشـــــير هــــو عمـــــل آخــــــر غـــــــــــير
عمل السكون ،
و أما أنـــت فــــان كنــت تريد أن تتدبــــر في
عمل السـكون
فكن مثل الشاروبيم الذي لا يهتم بشيء
من الأرضيات ،
و فكر أنه ليس في الخليقة إنسان آخر إلا أنت
وحدك والله
الـــــــــذي اهتمامـــــــــــــــــك و هذيــــــــــــــــــــــــــــذك
بــــــــه ،
هـــــــــذا حسبما علمك آباؤك الذين ساروا قبلك في
هذا التدبير .
إن لــــــم يقس الإنسان قلبه و يضبط مراحمه ( أي
عاطفة الرحمة ) غصباً
لكي يكون بعيداً عن كل انسان من أجل الله ،
و لا يفكر في شيء من الأمــور الجســدانية
بـــــــــــــل في الصــــــــــــــــــلاة فقـــــــــــــــــــــــط ،
و لا يتـــــرك في قلبــــــه اهتمــــــــــــام أو تعـــــــــلق بإنســـــان
و لا يتـــــرك في قلبــــــه اهتمــــــــــــام أو تعـــــــــلق بإنســـــان
فلا يقدر أن يتحرر من سجس و اضطراب الاهتمامـــات
الزائــــلة ،
و لا أن يكون في السكون كما يجب أن هذه هي
النهاية باختصار .
من أجل الله أهرب :
إذا أتاك فكر أن تهتم بإنسان على أنه فضيلة
إلا أنه ســـــــــينزع منــــــــك الســــــــــــلام
الذي من عادته أن يكون في القلـــــــــــــــب
بســـــبب
ذكـــــر الـــــــــــله الدائــــــــــــــــم ،
فقـــــــــــــــــــل له : إن الحب و الرحمة من أجل الله تدبير
حسن ،
و لكن أنا أيضـــــــاً من أجل الله لا أريــــــــده .
حسب قــــول ذلك الســــــائح عندما كان يجري وراءه ذلك
المتوحد
و يقول : من أجل الله قف لي حتي لا أجــــــــــري وراءك
فأجابه : وأنا أيضــاً من أجل الله أهــــــــــــــــــــرب منـــــــــــــــــــك .
فأنبا أرسانيوس ، من أجل الله ما كان يفتح فاه ويتكلم ولا كلام
منفعة و لا غيره ،
و آخــــــــــــــــــــر
من أجل الله كان يتكلم النهار كله و يقبل الغرباء الذين يأتــونه ،
فذاك ( أي أنبا أرسانيوس ) فلأجل إنه اقتنــي
الصمت و السكون
كان يسير مع روح الله
داخل بحر هذا العالم بسلام و مرتفع في سفينة تدبير السكون ،
و ذلك حسبما ظهر لواحد من القديسين بإعلان
عندما فحص و فتش عن هذا الأمر .
إن لفظ " السكون " معناه الهدوء من
كل الأشياء و الهرب و الفرار من كل الأمور ،
فإن كنت في سكونك ممـــــــــــلوء سًجســـــــــا و اضطراباً
و الجســـد يتخبــط بعمــل اليديــن و القيــام ببعض الأعمال
و تتخبط النفس بالاهتمام بالآخرين ، فأي سكون
اقتنيت ؟!
لأنه لا يمكـــــن أن تهتم بأمور كثيرة و تستطيع أن
ترضي الله بسيرة السكون .
و لتعرف هذا في نفسك ، أنه بدون رفض الأشياء
و كل أمر واهتمام إن كان من النظــــر أو السمع
ثم تقول انك تضبط تدبير السكون فهذا هزل !!
و أيضاً في
السكون
افتقاد النعمة :
يتفق في أوقات كثيرة في وسط ساعات النهار ،
إنــــه لـو أعطى للمتـوحـــد مملكـــة كل الأرض
لا يقبــــــــــــل الخــــــروج من قلايتــــــه في تلك الســـــــــاعة
،
لأن وقـت التجـــــارة و الربــح قـد أتاه
بغتـــــــــة ،
و هذا يحدث في الأيام التي يظن فيها أنها
أيام تراخي و يدعوه فكره ليدخل ويخرج ،
لأن النعمة تفتقــده بغتــة بدمــوع بغـير
حسـاب أو بحزن حاد يتحـرك في القــلب ،
أو بفـــــــــرح بغــــــــــــــــير ســــــــبب أو بحلاوة و لذة أداء
المطــــانيات .
اعرف أحد الإخوة ، وضع المفتاح في باب قلايتـــه
لغلقهــــا
و يخرج يرعى الريــــح كقــــول الكتــــاب ،
فافتقدته النعمة فرجع لوقته إلي القلاية .
عمل المتوحد غير المدرك :
لا يلوم أحد المتوحد إذا ما تخلف عن حضور
الصــلاة الجـــامعة
في
الأيـــام التي يتبــع فيهــــا قـــانون ( أي نظــام ) الحبـــس ،
خاصــــة
إذا كـــــان ليس من أولئك المعروفين بالتهاون والمنساقين للحديث الفارغ ،
و لم يكن تخلفه لأجل رغبته في الشغل اليدوي .
اعلمــــوا يا أخــــوتي :
إن
عملنــــا لا يكمل أمام نظر الناس،لأن لنا عملاً مخفياً عن نظرهم،
و هــــــــــــو
غــــــير معـــــــروف للمبتــــــدئين و العلمــــــــــــانيين ،
و المتوحــــــــــد عندما يكـــون تحت الانفعال فليس له سلطان
على ذاته ،
وإن أتفـــــق و أتاه إنســـــان وطــــرق بابه و لم يجبـــــــه
فعلـــى ذاك الإنسان أن يرجع لتوه ولا يلوم أخاه
المتوحد
لأنه
لا يعرف في أي حـــال هـــــــو في تلك الســـــــاعة
لأن
قلايــــة المتـــــوحد هي
ـ مغارة الصوان ـ حســب قول آبائنــا حيث تكلم الله مع موســى .
و الرهبان غير المحنكين في الجهاد
لم يتـــذوقوا السكون الحقيقي ، لذا
لا يعـــرفون هـــــذه الأشـــياء ،
فيدينون أخاهم و يحتقرونه لأنهم يريدونه
موافقا معهم في التواني .
ثم هنـــاك وقت يتعرض فيه المتوحـــــــــــــــد لقتـــــــــــال شـــــــــديد ،
ففي
تــــلك الســـــــــــــــاعة يكـــــون في شدة و خطر ،
وقد
وضع يده علي خده و هو ملقى على الأرض و يتضرع إلي اللــــــه ،
وفي هـــــذه الحـــــــال لا
يمكنه أن يسمع صوت إنسان
و هذه
الغيارات (أي الحالات)
يعرفها الذين ساروا في البحر ( أي طريق
الجهاد )
و اختبـــــــروا الرياح التي تهــب فيــه .
و ثم وقت يتحــــرك في قلبـــه فكــر توبة ،
فتتجمع
في ذاكرته كل خطاياه و عثراته القديمــــــة ،
و ذكــــــــــــــــــــــــــر
مـــوته ، و تتصور قدامه بغتـــة ،
حتى أن هذه الشمس المنيرة تظـــلم
في وجهـــــه ،
ثم تقوم عليه بغتة رياح وزوابــع ،
و تغــــرق سفينته بالسقطات الخفية غير المعــروفة لكل أحد
لأنهــــــا بسبب صعوبة حرب الشياطين تعرض ـ
دون توقـــع ـ
للمتوحد الجالس داخل الســــــــــكون
و تكون له قلايته بيت النحيب و البكاء
.
لا تتهــــــــاون :
كثيـــــــــرة هي
تقلبــات هذا البحـــــر ، فمـــــن يقـــــــدر أن يعرف
أعمــاله
وكثـــــــرة ربــــــــــح التجـارة
التي فيـه ، والجواهر النفيسة التي في عمقــه
و الوحــوش الضـــارية التي تصعـــــد منه .
لــــــــذا لا يقـــــــــــدر إنســـــان على التفـــاوض
بالإلهيـــــــات
إن لم يرذل : و يبتعـــد عن كل الزمنيــــــــــــــــــــــات
،
و يتغــرب عن كرامات هذا العالم و لذاته
و يتبـــع
هـــــــــــــــــوان الصــــــــــــــلب ،
و يشرب كل يوم خلا و مرارة من الآلام ( أي حرب
الشهوات )
و الشياطين و المسكنة ( أي الفقر و العـــــوز )
و النـــــاس .
أنشط يا أخــــي ، و كـــــــــن كالتــــــــــاجر
الحكيــــــــــــــــــــــــم ،
و احمل جوهرتك و أنت
في هذا العالم لئلا يتشوه حسن بهائها.
احــــــــــــــــترس لئلا تسلب منك بتهاونك فتنزل الهاوية بالحزن .
اسمع يا أخي متبعــــــــاً العزاء القليل الذي
يقتنيه في وقتــه من الأعمـــال ،
لتؤهـــــل لذلك العزاء العظيم
المتولد من الإحزان و الضغطات
الموجوده فى هذا المسكن الانفـــــرادي الممــلوء أحـــزاناً
.
الأمور الصغيرة أولاً :
لا تهمل الأمــور الصغيرة لئلا لا تنـــــال الكبــــار
،
فليـــس أحد يضـــع لحمــاً في فم طفـل رضيـــع ،
كذلــــك فمن الصغــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيرات
ينفتـــح قدامك الباب
لتدخل إلي الأمور العظيمة .
أنت يا أخي تكون كمن يهين الله إذا اشتهيت أن
يدبرك بلا نظام و لا ترتيب ،
فلا يؤتمن أحد على الكبـــار إن لم يحنك أولاً و يختبر بالصغــــار .
ضع هذا في قلبك يا أخي ـ و اذكرني في وقتهـــــــــا ـ
إن كل منزل ( أي درجة ) تصل إليه في طريق
الفضيلة و في معرفة الحق
تجده أفضل و أعظم من الذي تركتــه
أمــــــــــس،
ذاك الــــــــــــــذي كنت متعجباً من شدة بهاء حسنه قبل أن
تنتقل منـــه ،
لكــــــــــــــــــــــــن مجد منزل أمس يبتلع بحسن المنزل الذي
تدخله اليوم .
من هو الذي يشعر بتغييرات الفكر اللذيذة ؟!
صلـــــــي
لكي ينفتح قدامك الباب ،
و
أحـــــذر من قطــــع الرجـــــــــــاء ،
فعمـــلك ليـــس مع قــاس ظــالم ،
بل مــــع سيد رحوم طيب رؤوف و قدامـــه أنــت تجــــــــــاهد.
ذاك الذي لم يأخذ شـــــــيئاً منك و لكـــــن أعطاك كل
الأشياء ،
إذ لم تكـن موجـــــــوداً أتى بـك إلي الوجـــــــــــــود ،
و من
هو الكفء أن يوفيه تمجيداً و شكراً من أجل ابتداعه لنا من العدم إلي الوجود .
يا للنعمة التي لا تقاس !
من فيه الكفاءة لتمجيــــــد ذاك الذي أعطانا معرفة
كل الأشياء !!
ليس
فقط الأمور الظاهرة بل و الأشــياء الخفيــة ،
حتى أننــــــــا نعرف الشيء الذي لم نكن نعرفه دون
أن نسأل أن يعطينا معرفته ،
من عرفــــك يا ابن الموتى أن تتحـــرك مشــــاعرك بمحبــــة
طـــــــلب الشــــيء
الـــــــذي معرفـــــة طلبتــــه ليســت في طبيعتـــــك .
اللـــه يريد أن يعطينا :
لا تطلب إلا العزاء الذي يحل في القلب ،
فهـــــذا هو مصــدر المعرفـــة و التمييز
و لكــــي
تؤهـــــــل لــــــــــــه ابتعد عن كل عزاء يأتي عن طريق الحواس .
المتوحد الذي تغـرب عن العزاء العــــــالمي
و لكن لا
يترجى كل يوم العزاء من المسيح
فهـــو مائـــــــــــــــت في حيــــــــــــــــــاته .
رحوم هو الله و رؤوف و يريد أن يهب و يعطينا
و يشاء أن نكون نحن سبب العطية ،
ويفـــــــــــــــــــــــرح إذا ما قـــــــــــــدم له إنســــــــــــــــــان صـــــــــلاة حكمــــــة
التي هي علامة الصحة ( أي البرء )من المــرض و الســــقم ،
وعلامـــة الصحـــة أن نشتهي الخفــــايا حتى
لو تأخر بلوغنا الصحـة الكامـــــــــلة .
الرجاء :
الذي يمل من الســــــؤال إذا طـــــال انتظــــــــــاره
فهو
رفيق المتضجر لأن الملل يبطل سؤال صلاته .
الكسل يمنــــــــــــــــــــع
من السؤال ،
و أما الضجر فيقطع المداومة على السؤال ،
و أما الأنــاة و الرجـــــاء فيمنـــــــح
الصـــبر
و يجـــــــذبك إلي الثبـــــــــات في الصـلاة ،
لأن الرجــــاء يخفف ثقل الأعضــــاء و يعرف ( أي له
القدرة )
أن يعطـــــي القلب نياحـاً في وقت ضيقــــاته و ضغطـاته
.
ليس وسق أخف و أحلى من العمل مع الرجاء و لا
أنيس حلو المحادثة مثله ،
حتـــــى لو سكن في السجن فهــــــــو لذيذ معــــــــــــــــه .
أيها التائب :
أجعل هذا ( أي الرجاء ) أنيسك
فلا تحس بشيء من الأتعاب في جهادك ،
إن كنت في القـــــــــلاية فليكـــــــــــن معــك ،
و إن كنت في وسط الناس اشخص فيه بعقلك
و لا يطش فكـــــرك في شــيء من الأشــــياء
فيصبــــــح العالم عنــــدك كالغــــريب هو و جميــع ما فيــه .
في وقت رقادك أجعله سريرك إلي أن تســتغرق في
النوم
لتكن مفاوضتك فيه ، فلا يدنو من قلبك فكر أو
هاجـــس ســــمج ،
لأن مفاوضتــك فيه عمــــل غــــير مـــادي ،
و الشيء الذي يحمل الشكل المادي لا يقدر أن
يحرك نظرة الفكر
و لا أن يظهـــــر هنــــــــاك في الذهــــــــــن .
لأن الفكر الشيطاني لا
يظهـر ذاتــــــه دون النظـــــــر المـــــــــادي .
مداومة الصلاة و طول الأنة فيها
تخـــرج ثمـــــــــرة الحيــــــــــــــــاة ،
و الرجـــــــــــاء و الانتظـــار
هما المعين في الصلاة للمتمسك بهما .
و إذا كنت لا تصلي ، فاذكر الفلاح الذي يجني بالإيمان أضعاف كثيرة
،
و لتكن
طلبتك ملكوته و بره
أكثر من الزمنيات .
و هو
يعطيك سؤالك حسب وعده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق