الأربعاء، 24 أبريل 2013

الأشياء التي تحفظ اليقظة الخفية داخل النفس ـ ميامر مار اسحق ( الميمر التاسع ) ـ الجزء الثانى .


الميمر التاسع ( 10 )
الأشياء التي تحفظ
اليقظة الخفية داخل النفس

ليس للغـــاش المــــــــاكر قوة و استطاعة ليقاوم و يعيق  من يشتهون الفضائل ،
إلا إذا وجــــــــــــــــــــــــد فرصـــــــــــــــة و تهــــــــــــاون من محبي الفضيــلة ،
 و الأمر هكذا حسبما أقول :  مع بدء كل حركة في القــلب نحو محبـة الفضيــلة ،
                                   تنشــــب غـــيرة ملتهبـــــة مثـــل جمــر النــــــــار ،
و هذه الغيرة تحيط بتلك الحركة كالسور
                    و تطرد من قبالها  كل أمر يعاكس و يعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق
                     و تمنحهــــا عصمـــــة عظيمـــة  و قــوة جسيمة لا يعـــبر عنهــــــا
                    و تحصن كل النفس لئلا تتــراخي و تجبن لصعوبة الضغوط و الضيقات .
محبة الخير ( أي محبة الفضيلة ) السابق ذكرها تكون :
               بدافــــع من قوة الشهوات المقدســـة المغروســـة في طبيعـة النفــس ،
أما هذه الغيرة فتتحرك من قوة الغضــب المختلجــــــــــة أيضــــــــاً في النفـــــــــــس ،
                   و التـــــي وضعت فيهــــــا مـــــن الخالق لتحفــــــــــظ حدود الطبيعـة ،
و تنطلـــــــــق في حدة حركتها لتكميل شهوات النفس الطبيعية التي  هي الفضيلة .

و لا يمكــــــن عمل الفضيلة و تكميلها من دون هذه التي تسمى الغــــــــيرة ،
 لأنــــه ( أي عمل الفضيلة) يغير و يحرك و يلهب و يشعل مــــــن وقـــت لآخر
 فيتقـــــــوى عمل الفضيلة علي الجســـــد في كل الضــــــــوائق 
                                   و التجارب الصعبة التي تصــــــــدمه 
                                   و يسلم نفسه للمـــوت متواتــــــراً
                                   و يلاقي قـــــوات العدو المـــــــــارد 
  لأجــــــــــــــــــــــــــــــــــل تكميل الشيء الذي أحبته النفـــس أي الفضائل .

و أنبا أوغريس ذكر هذه الفضيــــلة أي الغيرة في كتابه
                  و سماها كلباً حافظا لقانون الله و شرائعه التي هي الفضيلة  ،
                  و هــــذه الفضيـــــلة  هي تكميـــــــــــــل شــــــرائع اللـــــه  ،
و تعتصـــــــم قوة هذه الغــــــيرة و تتيقظ و تلتهب لتحفظ البيت( في هذا فكرة الكـلب
                الذي يحفظ البيت ) بسببين  ، و تضعف أيضاً و تخمد و تتهاون بسببين ،

أما السبب الأول لاستيقاظه هو :
  إذا ما تحـــــرك في الإنســــان :
الخوف من أجل الفضيلة التي اقتناها في نفسه أو المزمـــــــــــــــع اقتنائهــــــــــــــــا ، 

لئـــــــــــلا تســـــــــــــــــــــــلب منــــــــــــــــــه أو تفسد بسبب أي عارض يلحق بها .

و هذا الإحساس يتحرك من العناية الإلهية في كل محبي الفضيـــلة الحقيقيـــــــــين
 لأجـــــــــــــــــل اليقظة و غيرة النفس على الدوام حتى لا تتكاسل النفس و تتهاون .

و متى يتحرك في الطبع خوف من أجل الفضيـــلة فعند ذلك ينهض هذا الكلب
الــــذي ذكرناه ليلاً و نهاراً ليحفظ بحرارة كالتنـــــور المشـــــــــــــــــــــــــــتعل ،
 و ينبه الطبيعة لتكـــون متيقظـــــــــة كالشاروبيم ، حتــــى أنــــه كمــــا قيـل
 لــــو عبر أمامه طائر و صاح بشــــــدة تفوق الوصف، فإنــــــــــــه لا يتحــــرك .

أما إذا كان الخوف لأجل الجسد :
 فهو شيطاني ،لأنه شك في عنــــــاية الله و قد تزعــــــــــــــــــزع إيمــــانه 
                      و نسى كيف أن الله يعتني بالذين يهتمون بعمل الفضيلة
                      و يهتم كل وقت بمصالحهم ،
 حسب قول الروح على فم النبي :
  عين الرب على الصديقين ، وضمير الرب على خائفيه...الخمز32 قبطي ( 33 ): 18 ). 
و أيضاً " وجه اسم الرب لخائفيه " مز  24 قبطي (25 ): 14 ) ،
" لا يدنو منك شر ولا ضربة ... الخ " مز  90 قبطي (91 ): 10 ) ،
و متى كان هذا الخوف من أجل النفس بسبب العوارض المحيطة بالفضيلة
              لئلا تسلب أو تتأذى بأي شكل من الأشكال
فهذا فكر الهي و اهتمام فاضل ، و الحزن و الضنك هنا هو من العناية الإلهية .

أما السبب الثاني فهو عصمة الكلب و توقده ،
                      فمتى كان بزيادة فهي تنمي محبة الفضيلة في النفس
                       الي الحد الذي به تلتهـــب الغــيرة لأجل حفظ الفضيلة .

أسباب الكسل و فتور الغيرة :
أولهمـــا : بسبب بـــــرودة المحبـــــــــة و نقصهـــــــا في النفـــــــــس .
و الثاني : متى دخل و سكن في القلب فكر الثقة بالنفس في القلب .

 فيعتقد الإنسان و يثـــــق أنه لا خــــوف من أي مكـــــــان ،
                    و لا أمر من الأمور يقدر أن يؤذيه أو يضره .

و بسبب هذا الفكر يلقي عنه سلاح الغيرة و يكون كبيت بغير حارس
                     و يضطجـــع الكلـــــــــــب و يتغـــافل عن الحراســـة و الحفــظ ،
و مــــن هذا الفكر  تســلب بيـــوت العقــل ،
                    و هذا يحدث وقت أن تظلم نقاوة شــعاع المعــرفة المقدســـة .

و ما الذي يطفئ هذا الشعاع ؟
                                 إما فكر شك بسيط يدخل و يسكن في النفــــــــــــس ،
                                 أو من اهتمام الإنسـان الزائــــــــد بالأمـــــور الجســدية ،
                                 أو من لقــــاءات متواتـــرة مــــــــع أمور العالم بدون نظام ،
                                 أو من شـــــره البطــــن ســــــيد كــــل الشـــــرور ،
لأن فـــــــــي أي وقـــــــــت يصطـــــدم  المتــــوحد بمـــلاقاة العــــــــــــــــــــالم
                                تضعف نفسه و تتراخى و بالأخص عند ملاقاة امرأة .

أما المغرمون بمحبة المجد الباطل و الذي يزداد بمــــلاقات الكثــــيرين
 فنقـــول عنهـــــم في إيجــــاز :
                                     إن تفكيرهم ليس له الاتجـــاه الصحيح ،
ففي كل وقـــت يلتقون بالعالم
         يكونون شبه النوتي السائر في البحر بهدوء و يقع بغتة بين الصخــــــور
        لأنـــه بمقدار ما يستهين الإنسان بهذا العالم و يهتـــــم بمخـــافة اللـــه
        فبهذا المقدار تدنو منه العناية الإلهية و يحـــس خفيــــة بمعونتهــــــــــــا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق