الميمر التاسع ( 10 )
الأشياء
التي تحفظ
اليقظة
الخفية داخل النفس
ليس للغـــاش المــــــــاكر قوة و استطاعة ليقاوم و يعيق من يشتهون الفضائل ،
إلا إذا وجــــــــــــــــــــــــد فرصـــــــــــــــة و تهــــــــــــاون من محبي الفضيــلة ،
و الأمر هكذا حسبما أقول : مع بدء كل حركة في القــلب نحو محبـة الفضيــلة ،
تنشــــب غـــيرة ملتهبـــــة مثـــل جمــر النــــــــار ،
و هذه الغيرة تحيط بتلك الحركة كالسور
و تطرد من قبالها كل أمر يعاكس و يعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق
و تمنحهــــا عصمـــــة عظيمـــة و قــوة جسيمة لا يعـــبر عنهــــــا
و تحصن كل النفس لئلا تتــراخي و تجبن لصعوبة الضغوط و الضيقات .
محبة الخير ( أي محبة الفضيلة ) السابق ذكرها تكون :
بدافــــع من قوة الشهوات المقدســـة المغروســـة
في طبيعـة النفــس ،
أما هذه الغيرة فتتحرك من قوة الغضــب المختلجــــــــــة
أيضــــــــاً في النفـــــــــــس ،
و التـــــي وضعت فيهــــــا مـــــن الخالق لتحفــــــــــظ حدود
الطبيعـة ،
و تنطلـــــــــق في حدة حركتها لتكميل شهوات النفس
الطبيعية التي هي الفضيلة .
و لا يمكــــــن عمل الفضيلة و تكميلها من دون هذه
التي تسمى الغــــــــيرة ،
لأنــــه
( أي عمل الفضيلة) يغير و يحرك و يلهب و يشعل مــــــن وقـــت لآخر
فيتقـــــــوى عمل الفضيلة علي الجســـــد في كل الضــــــــوائق
و
التجارب الصعبة التي
تصــــــــدمه
و يسلم نفسه للمـــوت
متواتــــــراً
و يلاقي قـــــوات العدو المـــــــــارد
لأجــــــــــــــــــــــــــــــــــل تكميل الشيء الذي أحبته النفـــس أي الفضائل .
و أنبا أوغريس ذكر هذه الفضيــــلة أي الغيرة في
كتابه
و سماها كلباً حافظا لقانون الله و شرائعه التي هي
الفضيلة ،
و هــــذه الفضيـــــلة هي تكميـــــــــــــل شــــــرائع اللـــــه ،
و تعتصـــــــم قوة هذه الغــــــيرة و تتيقظ و تلتهب لتحفظ
البيت( في هذا فكرة الكـلب
الذي يحفظ البيت ) بسببين ، و تضعف أيضاً و تخمد و تتهاون بسببين ،
أما السبب الأول لاستيقاظه هو :
إذا ما تحـــــرك في الإنســــان :
الخوف
من أجل الفضيلة التي اقتناها في نفسه أو المزمـــــــــــــــع اقتنائهــــــــــــــــا ،
لئـــــــــــلا تســـــــــــــــــــــــلب منــــــــــــــــــه أو تفسد بسبب أي عارض يلحق بها .
و هذا
الإحساس يتحرك من العناية الإلهية في كل محبي الفضيـــلة الحقيقيـــــــــين
لأجـــــــــــــــــل اليقظة و غيرة النفس على الدوام حتى لا
تتكاسل النفس و تتهاون .
و متى يتحرك في الطبع خوف من أجل الفضيـــلة فعند
ذلك ينهض هذا الكلب
الــــذي ذكرناه ليلاً و نهاراً ليحفظ بحرارة
كالتنـــــور المشـــــــــــــــــــــــــــتعل ،
و ينبه الطبيعة لتكـــون متيقظـــــــــة كالشاروبيم ، حتــــى أنــــه كمــــا قيـل
لــــو
عبر أمامه طائر و صاح بشــــــدة تفوق الوصف، فإنــــــــــــه لا يتحــــرك .
أما إذا كان الخوف لأجل الجسد :
فهو شيطاني ،لأنه شك في عنــــــاية الله و قد تزعــــــــــــــــــزع إيمــــانه
و نسى كيف أن الله يعتني بالذين يهتمون بعمل الفضيلة
و يهتم كل وقت بمصالحهم ،
حسب قول الروح على
فم النبي :
عين
الرب على الصديقين ، وضمير الرب على خائفيه...الخ( مز32 قبطي ( 33 ): 18 ).
و أيضاً " وجه اسم الرب لخائفيه " ( مز 24 قبطي (25 ): 14 ) ،
" لا يدنو منك شر ولا ضربة ... الخ
" ( مز 90 قبطي (91 ): 10 ) ،
و متى كان هذا الخوف من أجل النفس بسبب العوارض
المحيطة بالفضيلة
لئلا
تسلب أو تتأذى بأي شكل من الأشكال
فهذا فكر الهي و اهتمام فاضل ، و الحزن و الضنك
هنا هو من العناية الإلهية .
أما السبب الثاني فهو عصمة الكلب و توقده ،
فمتى كان بزيادة فهي تنمي محبة الفضيلة في
النفس
الي
الحد الذي به تلتهـــب الغــيرة لأجل حفظ الفضيلة .
أسباب الكسل و فتور الغيرة :
أولهمـــا : بسبب بـــــرودة المحبـــــــــة و نقصهـــــــا في النفـــــــــس
.
و الثاني : متى دخل و سكن في القلب فكر الثقة
بالنفس في القلب .
فيعتقد الإنسان و يثـــــق أنه لا خــــوف من أي مكـــــــان ،
و لا أمر من الأمور يقدر أن يؤذيه أو يضره .
و بسبب هذا الفكر يلقي عنه سلاح الغيرة و يكون
كبيت بغير حارس
و يضطجـــع الكلـــــــــــب و يتغـــافل عن الحراســـة و الحفــظ ،
و مــــن هذا الفكر تســلب بيـــوت العقــل ،
و هذا
يحدث وقت أن تظلم نقاوة شــعاع المعــرفة المقدســـة .
و ما الذي يطفئ هذا الشعاع ؟
إما فكر شك بسيط يدخل و يسكن في النفــــــــــــس ،
أو
من اهتمام الإنسـان الزائــــــــد بالأمـــــور الجســدية ،
أو من لقــــاءات متواتـــرة مــــــــع أمور العالم بدون
نظام ،
أو من شـــــره البطــــن ســــــيد كــــل الشـــــرور ،
لأن فـــــــــي أي وقـــــــــت يصطـــــدم المتــــوحد بمـــلاقاة العــــــــــــــــــــالم
تضعف
نفسه و تتراخى و بالأخص عند ملاقاة امرأة .
أما المغرمون بمحبة المجد الباطل و الذي يزداد
بمــــلاقات الكثــــيرين
فنقـــول
عنهـــــم في إيجــــاز :
إن تفكيرهم ليس له الاتجـــاه الصحيح ،
ففي
كل وقـــت يلتقون بالعالم
يكونون شبه النوتي السائر في البحر بهدوء
و يقع بغتة بين الصخــــــور
لأنـــه
بمقدار ما يستهين الإنسان بهذا العالم و يهتـــــم بمخـــافة اللـــه
فبهذا المقدار تدنو منه العناية الإلهية و يحـــس
خفيــــة بمعونتهــــــــــــا
و تعطى له حركات ( أي خلجات ) نقية ومعرفة معاني ( الأسرار الإلهية ) .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق