الخميس، 30 مايو 2013

الجهاد و النعمة ـ ميامر مار اسحق ( الميمر الخامس ) ـ الجزءالاول .

الميمر الخامس   ( 15 )
الجهــــاد و النعمــــة


+ هكذا مثلما أقول لك :
كل وقت تحرك الشياطين فيك فكراً ما,  إن كان شهوانياً  أو  غضبياً   أو  مجداً باطــلاً ،
 أو مهمــــــا كـــــــان مــــــــــن الآلام،  فلا توافقهــــــم   و  لا تتنــــازل   معهــــــم  ،
و لا تتركهم يدخلون قلبك وينعِّمونه، بل اذكر عاجلاً ذلك التنعم المحفوظ لك عند الرب ،
و انتهر تلك اللذة الألمية ،
و أغمـــــض عيني فكرك عن النظر في ذلك الفكر الردئ الشيطاني ،
و لو أن لذة الخطية تجذبك ، غصب نفسك لكي تهـــــــــرب منهــــا ،
و تنتقل بحبك إلى سيدنا ، و تسأله أن يمــدك بالمعونة لكي تغلب .

   فإذا نظر الله إرادتك، إنك حتى و لا بالفكــر تحب أن تتنعــم بالخطيـة ،
 هـــذا لأجـــل التنعــــــــم بمحبتــــــــه  ، ففي الحال يشير للملاك القديس التابع لك ،
 فيطرد الشياطين المقاتلة معك بمجاذباتها , كمثـــل الغبـــار من قــدام الريح العاصف .

 و لهذا قال لك أنبا إشعياء : 
اهــــرب وفِـــر مــــن مشـــيئات قلبــــــك . أعني أنت فقط إغــصب نفســك قليــــــلاً ،
أظهــر للشياطين بغضتــك لمجاذباتهم ، و محبتك لسيدنا، وهو يطرد عنك الشياطين ،
يقطع مجاذباتهم من قلبك، و ينير ضميرك،و يملأ نفسك أمناً وسلاماً و عزاءً من النعمة .

+ لا تخف أيها المتوحد محب السكون ،
 والمقاتل حتى الدم في جهاد البر مع الخطية لأجل محبة سيده .
 ليس يبطئ كثيراً زمن جهادك،بل بعد مدة من السنين معروفة ،
 إذا ما اختُبرت إرادتك الصالحة
                              و حبك الصادق للرب بالصبر في الجهاد والقتال مع أعـــدائه ،
 فمنذ ذلك الوقت، ليس كل وقت تقاتل معك الشياطين يمدك بالمعونة لكي تغـــلب ،
بل إنه إذا انقضى زمان جهادك يطرد عنك الشياطين كلية ،
و يقطع من قلبك جميع مجاذباتهم .

و عوض تلك الأفكار الكثيرة التي كانت تتحرك فيك ،تمتلئ نفسك أفهاماً روحانية ،
    و يبتهج ضميرك كل وقت بأفكار إلهية، التي هى :
 الهـــــــمُّ  بعظمة الطبع الإلهي ،
 الهذيــــــذ  بالثــالوث المقــدس ،
 تذكار دائم لا ينقطــــع بعشــق محبـــة المســــيح ،
و نــــــــــــور مجده الإلهي الساكن فيه في السماء ،
الهذيـــــــــذ برتب الملائكة الممجدة ، 
ذِكـــــــــــــر الفــــــــــردوس و أرواح الصديقين الذين كمــــلوا ،
 اســـــتعلان ربنا من السماء ، صعود القديسين إلى الســماء ،
 و أشياء كثيرة لا يســـهل علينــا كتابتهــا و لا النطــق بهـــــا .

    فبهذه 
الأفهام الروحانية يتحرك عقل المتوحد كل وقت بتنعــم لا يُنطـــق بــه ،
و يأخذ هذه المكافـــــــأة بعد مدة جهــــــاده ، كعـــــــــــــــربون ههنـــــــــــا ،
عوض كثرة تلك الأفكار الردية الشيطانية التي كان يتضايق بها أولاً في القتال .

+ والآن يا أخي، إن كنتَ مشتاقاً لهذه ( الأفهام الروحانية ) ،
 و لنقاوة القــــــلب التي بها ينظــر الإنســان الله ،
 أَعِـــــدَّ نفســـــك للجهاد مع الآلام و الشياطين ،
 و لا تتضجــــــــــر إذا ما ضُـــــــربت و نالتك الجراح في وجهك كل مدة مجاهدتك ،
 و لا تعطـــــــــي قفاً وتهرب من قلايتك مثل خصمٍ مغلوب .

    بل انتظـر بصــــبر و برجاء حقيقي للغلبة التي يعطيك إياها ربنا في السكون ،
بعد مدة جهادك و كثرة الراحــة و الفرح التي تحظى بها ،

    و لا تكن كالجهال البله المنحلين ،
 الذين عندما يكونون غالبـــين و منتصــرين و فرحـــين و نيّرين ،
                         يجلســون في السكون و الحبس ،
   و عنـــــــــــــدما يتضايقون و ينجرحـــون و يُغلبون و يحزنون و يسقطون و يُظلمون ،
                         يتركــــون الســـــــكون و يخرجـــــــــــون !

    بل أنت
 اصبر على جميع ما يحدث لك كل أيام مدة جهادك ؛
    إذ في وقت تضغـــــــــط أنت الشياطين،  و في وقت يضغطــونك ،
     و في وقت تســقطهم ،                      و في وقت يسقطونك ،
    حتى ينظر الله صــــبرك ،                      و يعطيـــك غلبة على أعدائك ،
    و يتوِّجـــك بمعرفة الروح . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق