السبت، 15 يونيو 2013

ضرورة التجارب ـ ميامر مار اسحق ( الميمر الرابع) ـ الجزءالاول .

الميمر الرابع ( 23 )


ضــــرورة التجــــــارب 

+ لا تظن أن : 
                   الله يدبرك في هذا العالم بغير تجــارب ،
   و بالأكـــثر إذا كـنت محبــــاً لله و لمـــــا يخصـــــــه .
   و إن عرض لك هذا الفــكر فـــلا تثق به و لا تصدقه ؛

   لأن الله إنما
                   قد حدَّ حياة بغير أحزان للعالم الجديد فقط .

   و الذين لا يعرفون قصد الله و غرضه و سـياسة تدبيره ،
   و لأي حكمة قطع الله بالأحزان على حياة هذا العـالم ،
   أناس منهم يظنون أنه لأجل مكافــــأة الشـرور فقـــط ،
  يجلـــــب الله الضيقات على الناس ،
  و هذا فكر ناقص جداً عن سبق معرفة الحكمة في تدبيره ،
  و لو أنهـم أخذوا مــادة لهـــذا الفكـــر بسذاجة من الكتب .

  فمَن مِن الناس خلا وتبرَّأ من الأحــزان والضيقـــــات ؟

  هوذا الأنبيـــاء و الرســل و الصديقون الذين كانوا في كل الأجيال أيضــاً ،
  كم من ضيقات قاســوها و بكم من الأحزان أكملوا حياتهم في العـــالم ،

   ألعل هــــــــؤلاء كانــــــــــوا خطــــــاة ؟
  و من أجل أية خطية انقمعوا بالأحـــزان ؟
  و أنا أســــكت عن ذِكر عمـلهم الصــــالح و ســــــيرهم التَّــــعِب .

    أم لعلهم لم يكونوا قد انعتقوا بعد من الزلل حتى ينقمعوا لأجله ؟
  فمن هو الذي يعرف لأجل أي أمر أو سبب قاســوا تلك الأحـــزان ؟

  فينبغــــــي لنــــا إذاً
                              أن ننتظـــــــر الأحــــزان و الضيقــات مثل
                              الأنبيـــــــاء و الرســـــل و الصديقـــــــين ،

  ســـــــــواء كـــانت :
                            مكافــأة من أجل خطيــة أو من أجــل البر ؛
  فإنه و لا واحد منهم عــــــــاش بلا أحــــــزان أو ضيقـــــــــات .


+ و لنذكر أيضاً هؤلاء الذين لم يبلغوا بعد إلى الخطأ أو للتبرر ،
   و هم كجزء من الطبيعة يشاركوننا في الأحزان و الضيقات ،
   و أعني بقولي هذا الأطفال البسطاء .

  فلمكافـــــــأة أية خطيــــــــــة و لقمـــــع أي شــرور ،
  أو لاختبار أية حرية يتضايق هؤلاء الأطفال الطبيعيون ؟

  فمع أنهم عادمون من هذه الأمور جميعهـا ،
  إلا أنهم مثل التامين في القامة و المعرفـة ،

  ينضغطون بأحزان الجســد و بأمـــــــــــــــــراض مختلفـــة ،
                                   و أوجاع صعبة تُضنك أجسادهم ،
                                  و يســـــــلَّمون بيـــد الشياطين ،
                                  و أكثرهم يخرجون من هذا العالم بضيقات مختلفة .

   فلأجل أي سببٍ و مكافأة لأي أمر بالعدل يؤدَّبون ؟
   غير أنه مثلما قلنا سابقاً
   إن الله قطع على حياة هذا العالم بالأحزان الدائم و الضيقات .
  و لولا أننا قد نتمرمر بقلوبنا و نقع في أن نلوم الخــالق تعالى ،
   لكننا نقـــــــول بإفصــــاح ظـــــــاهر إنـــــه :
                                                         يُسرُّ و يشاء أن نتضايق في كل حال ،
  و قد رأى أنه هكذا ينبغي أن يكون سكنانا ما دمنــا مقيمــين في هذه الحيـــاة .

  لأنه غير لائق أنه :
                       من أجل تلك المعرفة اللذيذة ،  و السعادة المعدَّة قد سمح بهذا ،
                      و أخفــــــــــى مشـــــــــيئته ،  و لعل سبب ذلك إنهــــاء الخطية .

  أما نحن فنسجد لحكمتــه على سائر الأمور ,
  و كيف أنه بسياسة لا يُنطق بها يدبِّــر الكــل .

  و لهذا فليس أحد من الحكماء العارفين يفكر
                   أنه يُستطاع أن يكون الإنسان خالياً من حدوث التجارب و الضيقات ،
                    مــــا دام في الجســــــــد , و في تصـــــرف تدبــــــــير الفضيــلة .

+ اعلم أنه : بحســــب ما تعـــدم أُنــــــــس النـــــــــــاس ،
                و بحســـب بعـــدك و انفـــرادك من المسـكونة ،
                يفتقدك الله في جميع أحزانك بتعزيات متواتــرة ،
               و تحــــــــس بهـــــــذا بالفعـــــل في نفســــك .

  لأن إلهنـــا الصـــالح الطيب
  لا يهمل الذي من أجل حبه يزدري و يترك الآباء و البلد و يحب القفر و البراري .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق