ضــــرورة التجــــــارب
+ لا تظن أن :
الله يدبرك في هذا العالم بغير تجــارب ،
و بالأكـــثر إذا كـنت محبــــاً لله و لمـــــا
يخصـــــــه .
و إن عرض لك
هذا الفــكر فـــلا تثق به و لا تصدقه ؛
لأن
الله إنما
قد حدَّ حياة بغير أحزان للعالم الجديد فقط .
و الذين
لا يعرفون قصد الله و غرضه و سـياسة تدبيره ،
و لأي
حكمة قطع الله بالأحزان على حياة هذا العـالم ،
أناس منهم يظنون أنه لأجل مكافــــأة
الشـرور فقـــط ،
يجلـــــب الله الضيقات على الناس ،
و هذا فكر ناقص جداً عن سبق معرفة
الحكمة في تدبيره ،
و لو أنهـم أخذوا مــادة لهـــذا الفكـــر
بسذاجة من الكتب .
فمَن مِن الناس خلا وتبرَّأ من
الأحــزان والضيقـــــات ؟
هوذا الأنبيـــاء و الرســل و الصديقون
الذين كانوا في كل الأجيال أيضــاً ،
كم من ضيقات قاســوها و بكم من الأحزان أكملوا حياتهم في العـــالم ،
ألعل هــــــــؤلاء
كانــــــــــوا خطــــــاة ؟
و من
أجل أية خطية انقمعوا بالأحـــزان ؟
و أنا
أســــكت عن ذِكر عمـلهم الصــــالح و ســــــيرهم التَّــــعِب .
أم لعلهم
لم يكونوا قد انعتقوا بعد من الزلل حتى ينقمعوا لأجله ؟
فمن هو الذي يعرف لأجل أي أمر أو سبب قاســوا تلك
الأحـــزان ؟
فينبغــــــي
لنــــا إذاً
أن ننتظـــــــر
الأحــــزان و الضيقــات مثل
الأنبيـــــــاء
و الرســـــل و الصديقـــــــين ،
ســـــــــواء كـــانت :
مكافــأة من أجل خطيــة أو من
أجــل البر ؛
فإنه و لا واحد منهم عــــــــاش بلا أحــــــزان أو ضيقـــــــــات .
+ و لنذكر
أيضاً هؤلاء الذين لم يبلغوا بعد إلى الخطأ أو للتبرر ،
و هم
كجزء من الطبيعة يشاركوننا في الأحزان و الضيقات ،
و أعني بقولي هذا الأطفال
البسطاء .
فلمكافـــــــأة أية خطيــــــــــة و
لقمـــــع أي شــرور ،
أو لاختبار أية حرية يتضايق
هؤلاء الأطفال الطبيعيون ؟
فمع أنهم عادمون من هذه الأمور جميعهـا
،
إلا أنهم مثل التامين في القامة
و المعرفـة ،
ينضغطون بأحزان الجســد و بأمـــــــــــــــــراض
مختلفـــة ،
و أوجاع
صعبة تُضنك أجسادهم ،
و يســـــــلَّمون
بيـــد الشياطين ،
و أكثرهم
يخرجون من هذا العالم بضيقات مختلفة .
فلأجل أي سببٍ و مكافأة لأي أمر
بالعدل يؤدَّبون ؟
غير أنه مثلما قلنا سابقاً
إن الله قطع على حياة
هذا العالم بالأحزان الدائم و الضيقات .
و لولا أننا قد نتمرمر بقلوبنا و نقع
في أن نلوم الخــالق تعالى ،
لكننا نقـــــــول بإفصــــاح
ظـــــــاهر إنـــــه :
يُسرُّ
و يشاء أن نتضايق في كل حال ،
و قد رأى أنه هكذا ينبغي أن يكون
سكنانا ما دمنــا مقيمــين في هذه الحيـــاة .
لأنه غير لائق أنه :
من أجل تلك المعرفة اللذيذة ، و السعادة المعدَّة قد سمح بهذا ،
و أخفــــــــــى
مشـــــــــيئته ، و لعل
سبب ذلك إنهــــاء الخطية .
أما نحن
فنسجد لحكمتــه على سائر الأمور ,
و كيف
أنه بسياسة لا يُنطق بها يدبِّــر الكــل .
و
لهذا فليس أحد من الحكماء العارفين يفكر
أنه يُستطاع أن يكون الإنسان خالياً من حدوث التجارب و
الضيقات ،
مــــا دام في الجســــــــد , و في تصـــــرف تدبــــــــير الفضيــلة .
+ اعلم أنه : بحســــب
ما تعـــدم أُنــــــــس النـــــــــــاس ،
و بحســـب
بعـــدك و انفـــرادك من المسـكونة ،
يفتقدك الله في جميع أحزانك بتعزيات متواتــرة ،
و تحــــــــس بهـــــــذا بالفعـــــل في
نفســــك .
لأن إلهنـــا الصـــالح الطيب
لا يهمل الذي من
أجل حبه يزدري و يترك
الآباء و البلد و يحب
القفر و البراري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق