الميمر الثالث ( 8 )
المريض و جهاد الوحدة
+ إن أعمال الوحدة المتعبة
التي ينبغي للجسد القـــــوي الصحيح ،
و النفس الشجاعة تكميلهـا ،
و مـا يقـــدر الجســـد الضعيــف المنحـــط أن يكملهـــا , هـي شـــيء ،
بينما تلك الأعمال التي تحتاج فقط إلى يقظة واهتمام هي شيء آخر .
فإذا لم نقدر أن نسهر الليل كله :
مثل كثـــــيرين ممن يقومون على أقدامهم من العشاء إلى باكر بلا نــــوم ،
و نخـــــــــــــدم مراميت ( مزامـــير ) كثـيرة في كل وقت من النهــــــار ،
و صلوات متواترة مع ضرب مطانيات كثيرة , وصوم أيام وطي (أي جــوع) ،
فيمكن لمن كان ضعيف الجسد
أن لا ينـــام من العشــاء ،
أن يخـدم أيضــاً قليـل مزامــير وقـت السـتار ثم ينـام ،
و أن يغصــب نفســه في الليل ــ إذا لم يكن مريضاً ــ و يكمل قليلاً من الخدمة ،
و إن لم يمكنه الوقــوف ، فيستطيع ذلك و هو جالس .
و إذا لم يقــــدر أن يخدم سبع مراميت في كل وقت من النهار مثل الأقويـــاء ،
فعلى كل حال يقدر أن يخدم و لو مرميت أو مزمــور و احد في كل وقـــت ،
و لا يعـــــبرها بإهمـــال و لا يبطـــــل شـــــيئاً مـــن الســـــبعة أوقــــــــات .
و أن يصوم إلى العشاء مثل الضعفــاء أو إلى التاســـــعة أو لنصف النهـــــار ،
و لا يأكـــل من باكـــر . و هذا الحفــظ و الاحتراس لا يحتاج إلى قوة جسدية .
كذلك إذا لم يقدر الضعيف
على الحبس الضيـــــــق مثل الأقويــــــــــاء ،
و لا حبس الأسبوع كله مثل المتوســـطين ،
فعليـــــــــــــــــــــــــــــه
ألا يفتــح بابه كل يـوم و يمضــي إلـــى أخيــه ،
و يركِّــب له الأســباب أو يطــيش خـارج قلايتـه .
و هــــذا جميعه يقدر أن يعمله ضعيف الجسم .
و أيضـــــــــــــــــــــــــاً
يجب عليــه أن يتصــــرف في قلايتــــــه بحسن نظـــــام ،
فـــلا يخلع عنه ثيابه و يتعرى و يبعد عنه الحياء و العفــة ،
بـــــل يتقلــب (أي يتدبر) بخـــوف و اســـــتحياء مـن الله .
و لا يهتـــــم بغســــــــــــــــــــــل و تنظيف جسده ، و يديـــــــه و رجـليه ،
و لا بتسريح شعر ذقنه و تربيتـــــــــــه ، و لا بتنظيــف ثيـــابه ،
كمن يعتني أن يجلب على نفسه قتــالاً على قتــال ،
و كالزانيــــة التــــي تهتــــــــــــم بالشــــــــــــــهوة .
+ و يقدر الضعيف أن يقتنــي يقظة الفكر :
حيـــــث توجد مخـــــافة الله ،
فهنـــــاك توجد الصــلاة الطاهرة التي بغير طياشــة ،
و هـي تشـجع الإنسان
و تعده للصـوم الكـثـــيرالذي يفــوق الطبيعة .
فمع مخافة الله
و لـــو سكن الإنسان في النواويس ( أي المقابر ) و المغاير الضيقة ،
جميـــــــــع أيـــــــــــــام حياتـــــــه فإنـــــــــــــــه لا يتضجـــــــــــر .
لأنه حيث لا توجد المخــافة فلا توجد التـــــــــوبة أيضاً .
و حيث تكـون مخافة الله لا يكون ذلك الإنسان محتاجاً إلى الوعظ أو الاحتراس الكثير .
+ كل صلاح في النفس يظهر فيه إشراق الفضيلة إما من الإرادة أو من الطبع .
و الـــذي من الإرادة هو من غصبية خــوف الله (الذي يحـرك) إفـــراز الإرادة .
أما الذي من الطبـع فهو من خاصية الطبيعة .
و حيث لا يوجد هذان الأمران أو أحدهما :
أى أن يكون الإنســان معاناً من طبيعتـه ،
أو أن يكـــــون فيـــــــه خـــــــــــوف الله .
الــذي يحـــــــــــرك إفــــــــرازات الإرادة ،
فإنه لن يخلو من شيء من الشـــرور .
لأن كل صلاح يتحرك بالعقل في الطبيعة الناطقة ، يتحــرك القلب به من اللـه أولاً ،
و منه يقوى على الثبات في الصلاح بالفكر الذي ينتبه في القلب بحرارة ،
و بعد ذلك تُعين حركة الصلاح التي في الطبيعة اهتمـــام الإرادة الحـــرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق