الاثنين، 21 مايو 2018

2 ـ سكون التغصب وسكون الحرية ـ ميامر مار اسحق ( الميمرالخامس ) الجزء الرابع ـ فصل

2 ـ سكون التغصب وسكون الحرية
27- تدبير السكون على نوعـــــــين ،  كل يفلح بنوع مختلف عن الآخر ،
   فثــــــــم سكون حـــرية البنـــين ،
  وثــــــــم سكون بعبودية التغصب .

28- والسكون الذي بالغصب هو المرتبط بحدود قــــوانين الســـكون الضيـــــق
                                   ( أي الـــــذي فيه تضييــــق عـــــــــلى النفـــــــس )
    ذلك لكي تعتق الحواس والضــــمير من التخبـــــــط والتشويش الخـارجي ،
    تهدأ بالسكون الداخلي وتتحرر من اللقاءات النافعة وغــــــــير النافعــــــة ،
                                  الغيــــــــــــظ والحنــــــــق وتؤهــــــل للزكـــــاوة .

29- فى هذا السكون الضيق ، فبالانقبـــــــاض الداخلي الدائم يتولد الخـــــــــــــــــوف  والحيـــــــــــــاء ،
                                                                                                           وانسـحاق القلب ،  
                                  ومن تعدد ضيقات أعمال الغصب يتولد التواضــــــــــــــــع والتحفـــــــــــــظ ،
                                                                                   والصبر الغصبى ، وترتيب الحواس .

30- من الصلوات التغصبية
                      المقدمــــة بحزن وخضوع وإنسحاق قـلب تتولد صـــــــــــــــــــــلاة النعمــــــة إلإرادية
                                 التي تصـــــــــــلى بنيـاح  وراحة .

 ومن صلاة المفاوضـــة التي مـــن تصورات العقــل بهذيذ الكـــــتب ،
والطبائع وفهم الكلام عن اللاهوت تتــــولد صـــلاة الهذيذ المدعمـة ،
من قـــــــــراءة الكتب يكـــــــــون جمـــــع العقـــل ويوجد الانقباض .

31- ومن الصلوات المتواترة والهذيذ الدائـــم بالله الذي يكــــون من جمع العقل وانقباضـه ،
                                                              يتولد داخـل القــلب نــــــــر الضــــــــمير ،
                                                              ليميز بفهم المعرفة الحقيقية من الطغيان ،    
       وحينئذ يؤهل بالنعمــــــة للصلاة الروحـانية التى للذهــــن التي فـــــــوق الطبيعـــــة ،
           ويكــــــــــــــــون كامـــلاً فى الحــب .

32- ( والنوع الآخر من السكون )
      سكون الحرية الذي هو سكون الضمير الهادئ المختلج بالله داخلياً وخارجياً ،  
                             وهو زهرة السكون الغصبى ، وهــــــذه دلائلــــــــــــــــه :
     حرية الأفكــار سلام القلب الدائـــــــــم ،  نيــــــــــــــــــــاح الضـــــــــــــمير ،
     عدم الخــوف من جميع أنواع الخليقة ، المتجســـــــــــمة وغير المتجاسمة ،  
     البعد عــــــن جميع مفاوضات الناس ،
     محبــــــــــــة قفـــــــــر البريــــــــــــة ، كيلا تتعبد حــــــرية ضميره وأفكار ،
     غصبــــــــــاً للرياء للشرفاء والدوان ، للمكرمـــــــــــــــين والحـــــــقيرين ،
     ولا تكون له حـــــيرة في ذاتـــــــــــه ، وارتفاعه ( روحياً ) عن العـــــــالم ،  
    واتحـــــــــاد الذهــــــن باللــــــــــــــه ، ويصير هـــــو في الله والله فيــــــه .

33- ولا مــــرارة تكـــــــــدر نقاوة نفســـه ،
     لأن ضميره يبقى بلاهم سواء كان جيداً أم رديئاً ( إذا يكون قــــــوياً ) كالوحــــــــــــــش ،    
    لايبـــــــالى من أعداء ،  ولاعذاب من الحواس ،   ولا مادة ( تدفعه ) للريــــــــــــــــــاء ،
     والأخــــــــذ بالوجـــوه ،ولا خوف من   سقوط ، ولاســبب لتتحـرك الآلام للفعـــــــــــل ،
     لقــــــــــــد سبى العقـل ،وابتلع بمحبـــة ذاك الذي أحبـــه وصـــــــلى وطــــلب فوجــــد ،
     فـــقد محى من ذاكرته الســـــماء والأرض وصار متوحشاً من جهة المفاوضة البشرية ،    
                                                          ونسى قصـد هــذا العــالم وعــــــــــــــــزاءه .

34- يفكر أنه ليس خليقة أخـرى إلا هو مســـــكن اللـــه ،
     ليس له أن يعيش مع الناس لأنهم لايعرفون لغتـــه ،
    لأنــــــه أهل للغة الملائكـــة وبها يرتل بعقله خفية .

35- كمــــــا أن الخــــــــوف المتولد من التغصــــــــــــــــب        
     لايمكن أن يوجــــــــــــــــــــــــد مع الحرية المتولدة من النقاوة ،  
هكذا لايمكن أن يسكن تدبيرالتغصب مع تدبــــــــــــــــــــــير النقاوة ،
      لأن ذاك يولد تكدر وكـــــــــآبة ،
      وهــــذا ســـــــلام وفـــــــــرح .

36- وإن كانت الثمار التي تلدها تدابير التغصب وتدابيرالحـــــــــــــــرية ( بسبب التغـــــــلب ) ،
     لكن الله يقبل كل تدبــــــــير حسب الغرض والقصد الداخلى لفاعله ، وليس بحسب الظاهر .

37- كثيــــــــرون يستعدون بكل طرق الإستعداد
                      التي تصــــلح لإضــــــــــــاءة سراج أنفسهم مع زيت الرحمة ،
     ولكن قليلون هم الذيــــــــن يؤهلون للنور ، حسب معرفة سياسة مراحم الله ،
                                       لمنفعــــــــــــة ذاك الإنسان أو لفائــــدة العــــامة ،
                                                         كل واحد بقـــدر كفـــــاءة احتماله .

38- المجازاة الكاملة العتيدة مقابل إضاءة المصباح هي من النعمة ،
     و أما إعداد مصابيح فضـــــائل ذاتنا بالزيــــت دون احتيـــــــاج هي لنــا .
    أمــــا إضــــــــاءة السـراج هذا فليســت لنــــــا بل للــــــــــــرب .

39- العالم الجديد هـــــو نور روحاني ،  
     وكل إنســـان حسب المـــــــــادة التـــــي أعدهـــــــا هنـــــا للنور الروحاني .
    الذي هنــــاك ليشعل سراج نفسه ويشرق ( أى ينير ) بمقدار سير تدبـــــيره .

40- كل واحد منــــــا نور وظــلام ،  ويحمل داخله العالم الجديد وهو موجود فيه ،
     ومن داخلنــــــا يشــــــــــــــرق نور الفـــرح أو ظـلام الكإبة والنـــــــــــــــدم ،
                                           وهذا لايقبـــله أو يأتيــــه من جهـــة أخـــرى .

42,41- إن كان صعب جداً وعسر هـــــــــــو اقتناء تدبير الحـــــرية ،
                  وشديد ومر جـــــداً الجهاد من أجله ،
                   والمخاطر صعبة فى جمــــــــــــــع الغنى الروحــاني ،
       ومع هذا فجمعـــــــــــــــه و الحصول عليه أسهل من الحرص على صيانته وحفظه .

43- المشى على حــد الســـــــيف أسهل مـــــــــن الثبات بلا انحراف في هـــذا السبيل .
والناس الذين أهلوا للكمال حقاً ينيحهم المسيح برحمتـــــــــــــــــه حســــب أملـــهم ،
                                      كالقـــــــــــول : أريد أن انتقـــــــل لأكون مع المسيح ( في 1 : 23 ) .

44- ثـــــم إخوة طوبانيون
    قبل أن تذل أجسادهم بسيرة الأعمال الجسدانية  والنفســــــــــــــــــــــــــــــــــانية
                              ويتضعون بالنســـــــــك ، ويقومون ويقعــــــــون فى الآلام
                             ويدخلــون نار التجـارب ، ويحتمـــلون فى نفوســــــــــــــهم البرد والحر وشدة الظهـيرة ،
                                                               التـــــــــــي لصعوبة الجهـــــادات حســـب ترتــيب الســــيرة ،
                                                               وحــــــــدود قـــــــوانين الآبــــــاء ،   
                                                                 ويشـــــــــفي مذاقهــــــــــــــــــــــم ( أنهم قبل أن يجتازوا هذه ) ،
                         فإنهم يثبون إلى ما هو أعلى من درجتهـــم بحــــــدة الحــــركات ( أى الحمـــاس الشــــــديد )
                        يأخــــذون لهم حججــــاً من الكتب المقدسة ومن أقوال الآبــــاء الروحانين عن تدبير العقل
                       ويتخيلـــــون ومن أقوال الآباء الروحــــانين عن تدبير العقــــــل ،
                       ويتخيلـــــون فى أذهـــــــــانهم خيـــــــــالات عن تدبير الحــــرية ،
                      يكونـــــــوا حارين همجياً ( أي دون العقل ) ويســــــــــــــكرون ،
                      رغـــــــم أن الآلام فــــي حيــــــــــــــــــــاتهم لـــــم تمــــــت للآن .

      الحـــــواس والحــــركات والعادات القديمة والطباع قائمــــــة كمــــا كــــــــــــانت .
      هؤلاء عندما تبطل عنهم الحرارة ويستفيقون من الســــــــكر – هذا إذا تيقظوا –
      يجــــــــــدون نفوســـهم فارغة مجردة من جميع تدبير ســـــيرة الرهبنة الحقيقية ،
      فيذبل مـــــن رؤوســهم ما تخيلوه جـــزفاً أنهـــم صـــــــــــعدوا .

45- القديس أوغريس أب جميــــــع العــــــارفين لأجــــــــــــــــل كـــــــــــــثرة حرصه واجتهــــــاده ،
     فإنـــــــــــــــــــــه بأعمال وأتعاب متعددة ونسك خمس عشر سنة نقى قلبه بالمعونة الإلهيـــــة ،  
     وأتت عليـــــــــه تجـــارب كــــثيرة مختلفة ،
  ووثبت عليـــــــــه ضغطـات وضيقات وعذاب وجلد من المضادين
                                    حتى كادت نفسه تخـــــرج من جسـده  
                                 – حسب ما يخبرنا  كتاب ســـــــــيرته –  
                       حتى تحنن عليه المســـيح و نيحه بســـــــــلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق