2 ـ سكون التغصب وسكون الحرية
27- تدبير السكون على نوعـــــــين ، كل يفلح بنوع مختلف عن الآخر ،
فثــــــــم سكون حـــرية البنـــين ،
وثــــــــم سكون بعبودية التغصب .
28- والسكون الذي بالغصب هو المرتبط بحدود قــــوانين الســـكون الضيـــــق
( أي الـــــذي فيه تضييــــق عـــــــــلى النفـــــــس )
ذلك لكي تعتق الحواس والضــــمير من التخبـــــــط والتشويش الخـارجي ،
تهدأ بالسكون الداخلي وتتحرر من اللقاءات النافعة وغــــــــير النافعــــــة ،
الغيــــــــــــظ والحنــــــــق وتؤهــــــل للزكـــــاوة .
29- فى هذا السكون الضيق ، فبالانقبـــــــاض الداخلي الدائم يتولد الخـــــــــــــــــوف والحيـــــــــــــاء ،
وانسـحاق القلب ،
ومن تعدد ضيقات أعمال الغصب يتولد التواضــــــــــــــــع والتحفـــــــــــــظ ،
والصبر الغصبى ، وترتيب الحواس .
30- من الصلوات التغصبية
المقدمــــة بحزن وخضوع وإنسحاق قـلب تتولد صـــــــــــــــــــــلاة النعمــــــة إلإرادية
التي تصـــــــــــلى بنيـاح وراحة .
ومن صلاة المفاوضـــة التي مـــن تصورات العقــل بهذيذ الكـــــتب ،
والطبائع وفهم الكلام عن اللاهوت تتــــولد صـــلاة الهذيذ المدعمـة ،
من قـــــــــراءة الكتب يكـــــــــون جمـــــع العقـــل ويوجد الانقباض .
31- ومن الصلوات المتواترة والهذيذ الدائـــم بالله الذي يكــــون من جمع العقل وانقباضـه ،
يتولد داخـل القــلب نــــــــر الضــــــــمير ،
ليميز بفهم المعرفة الحقيقية من الطغيان ،
وحينئذ يؤهل بالنعمــــــة للصلاة الروحـانية التى للذهــــن التي فـــــــوق الطبيعـــــة ،
ويكــــــــــــــــون كامـــلاً فى الحــب .
32- ( والنوع الآخر من السكون )
سكون الحرية الذي هو سكون الضمير الهادئ المختلج بالله داخلياً وخارجياً ،
وهو زهرة السكون الغصبى ، وهــــــذه دلائلــــــــــــــــه :
حرية الأفكــار سلام القلب الدائـــــــــم ، نيــــــــــــــــــــاح الضـــــــــــــمير ،
عدم الخــوف من جميع أنواع الخليقة ، المتجســـــــــــمة وغير المتجاسمة ،
البعد عــــــن جميع مفاوضات الناس ،
محبــــــــــــة قفـــــــــر البريــــــــــــة ، كيلا تتعبد حــــــرية ضميره وأفكار ،
غصبــــــــــاً للرياء للشرفاء والدوان ، للمكرمـــــــــــــــين والحـــــــقيرين ،
ولا تكون له حـــــيرة في ذاتـــــــــــه ، وارتفاعه ( روحياً ) عن العـــــــالم ،
واتحـــــــــاد الذهــــــن باللــــــــــــــه ، ويصير هـــــو في الله والله فيــــــه .
33- ولا مــــرارة تكـــــــــدر نقاوة نفســـه ،
لأن ضميره يبقى بلاهم سواء كان جيداً أم رديئاً ( إذا يكون قــــــوياً ) كالوحــــــــــــــش ،
لايبـــــــالى من أعداء ، ولاعذاب من الحواس ، ولا مادة ( تدفعه ) للريــــــــــــــــــاء ،
والأخــــــــذ بالوجـــوه ،ولا خوف من سقوط ، ولاســبب لتتحـرك الآلام للفعـــــــــــل ،
لقــــــــــــد سبى العقـل ،وابتلع بمحبـــة ذاك الذي أحبـــه وصـــــــلى وطــــلب فوجــــد ،
فـــقد محى من ذاكرته الســـــماء والأرض وصار متوحشاً من جهة المفاوضة البشرية ،
ونسى قصـد هــذا العــالم وعــــــــــــــــزاءه .
34- يفكر أنه ليس خليقة أخـرى إلا هو مســـــكن اللـــه ،
ليس له أن يعيش مع الناس لأنهم لايعرفون لغتـــه ،
لأنــــــه أهل للغة الملائكـــة وبها يرتل بعقله خفية .
35- كمــــــا أن الخــــــــوف المتولد من التغصــــــــــــــــب
لايمكن أن يوجــــــــــــــــــــــــد مع الحرية المتولدة من النقاوة ،
هكذا لايمكن أن يسكن تدبيرالتغصب مع تدبــــــــــــــــــــــير النقاوة ،
لأن ذاك يولد تكدر وكـــــــــآبة ،
وهــــذا ســـــــلام وفـــــــــرح .
36- وإن كانت الثمار التي تلدها تدابير التغصب وتدابيرالحـــــــــــــــرية ( بسبب التغـــــــلب ) ،
لكن الله يقبل كل تدبــــــــير حسب الغرض والقصد الداخلى لفاعله ، وليس بحسب الظاهر .
37- كثيــــــــرون يستعدون بكل طرق الإستعداد
التي تصــــلح لإضــــــــــــاءة سراج أنفسهم مع زيت الرحمة ،
ولكن قليلون هم الذيــــــــن يؤهلون للنور ، حسب معرفة سياسة مراحم الله ،
لمنفعــــــــــــة ذاك الإنسان أو لفائــــدة العــــامة ،
كل واحد بقـــدر كفـــــاءة احتماله .
38- المجازاة الكاملة العتيدة مقابل إضاءة المصباح هي من النعمة ،
و أما إعداد مصابيح فضـــــائل ذاتنا بالزيــــت دون احتيـــــــاج هي لنــا .
أمــــا إضــــــــاءة السـراج هذا فليســت لنــــــا بل للــــــــــــرب .
39- العالم الجديد هـــــو نور روحاني ،
وكل إنســـان حسب المـــــــــادة التـــــي أعدهـــــــا هنـــــا للنور الروحاني .
الذي هنــــاك ليشعل سراج نفسه ويشرق ( أى ينير ) بمقدار سير تدبـــــيره .
40- كل واحد منــــــا نور وظــلام ، ويحمل داخله العالم الجديد وهو موجود فيه ،
ومن داخلنــــــا يشــــــــــــــرق نور الفـــرح أو ظـلام الكإبة والنـــــــــــــــدم ،
وهذا لايقبـــله أو يأتيــــه من جهـــة أخـــرى .
42,41- إن كان صعب جداً وعسر هـــــــــــو اقتناء تدبير الحـــــرية ،
وشديد ومر جـــــداً الجهاد من أجله ،
والمخاطر صعبة فى جمــــــــــــــع الغنى الروحــاني ،
ومع هذا فجمعـــــــــــــــه و الحصول عليه أسهل من الحرص على صيانته وحفظه .
43- المشى على حــد الســـــــيف أسهل مـــــــــن الثبات بلا انحراف في هـــذا السبيل .
والناس الذين أهلوا للكمال حقاً ينيحهم المسيح برحمتـــــــــــــــــه حســــب أملـــهم ،
كالقـــــــــــول : أريد أن انتقـــــــل لأكون مع المسيح ( في 1 : 23 ) .
44- ثـــــم إخوة طوبانيون
قبل أن تذل أجسادهم بسيرة الأعمال الجسدانية والنفســــــــــــــــــــــــــــــــــانية
ويتضعون بالنســـــــــك ، ويقومون ويقعــــــــون فى الآلام
ويدخلــون نار التجـارب ، ويحتمـــلون فى نفوســــــــــــــهم البرد والحر وشدة الظهـيرة ،
التـــــــــــي لصعوبة الجهـــــادات حســـب ترتــيب الســــيرة ،
وحــــــــدود قـــــــوانين الآبــــــاء ،
ويشـــــــــفي مذاقهــــــــــــــــــــــم ( أنهم قبل أن يجتازوا هذه ) ،
فإنهم يثبون إلى ما هو أعلى من درجتهـــم بحــــــدة الحــــركات ( أى الحمـــاس الشــــــديد )
يأخــــذون لهم حججــــاً من الكتب المقدسة ومن أقوال الآبــــاء الروحانين عن تدبير العقل
ويتخيلـــــون ومن أقوال الآباء الروحــــانين عن تدبير العقــــــل ،
ويتخيلـــــون فى أذهـــــــــانهم خيـــــــــالات عن تدبير الحــــرية ،
يكونـــــــوا حارين همجياً ( أي دون العقل ) ويســــــــــــــكرون ،
رغـــــــم أن الآلام فــــي حيــــــــــــــــــــاتهم لـــــم تمــــــت للآن .
الحـــــواس والحــــركات والعادات القديمة والطباع قائمــــــة كمــــا كــــــــــــانت .
هؤلاء عندما تبطل عنهم الحرارة ويستفيقون من الســــــــكر – هذا إذا تيقظوا –
يجــــــــــدون نفوســـهم فارغة مجردة من جميع تدبير ســـــيرة الرهبنة الحقيقية ،
فيذبل مـــــن رؤوســهم ما تخيلوه جـــزفاً أنهـــم صـــــــــــعدوا .
45- القديس أوغريس أب جميــــــع العــــــارفين لأجــــــــــــــــل كـــــــــــــثرة حرصه واجتهــــــاده ،
فإنـــــــــــــــــــــه بأعمال وأتعاب متعددة ونسك خمس عشر سنة نقى قلبه بالمعونة الإلهيـــــة ،
وأتت عليـــــــــه تجـــارب كــــثيرة مختلفة ،
ووثبت عليـــــــــه ضغطـات وضيقات وعذاب وجلد من المضادين
حتى كادت نفسه تخـــــرج من جسـده
– حسب ما يخبرنا كتاب ســـــــــيرته –
حتى تحنن عليه المســـيح و نيحه بســـــــــلام .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق