مشورة نافعة فى سيرة معرفة الحق ( 5 )
ــ المتوحد الذي دائماً يكافئ بالصلاح عوض الشرور كوصية مخلصنا ،
قلبه هـــــــو ينبوع سلام ويثـــــــبت غير مضــــطرب .
ــ الكلمــــــــــــــة اللينـــــــه تحطم الأعضاء ( أى الأعصاب الغاضبة ) ،
ــ وشرارة الغضب والبغض أن نفخـــت فيها أثــــــــــارت الحنـــــــق ،
وإن قابلتها بسلام وحـــــــــب تطفئهــــــا .
وأنت بحريتك لك سلطة إتباع أحد الأمرين ، فمن داخلك يخـــرج الاثنـــان ،
إمــا الكلام الطــيب والســـلام ،
أو كلام التشــامخ والغـضب .
ــ القــــــــــــــلب المتوقد بالغضب خال من العزاء الخفى ، وأيضاً فاقد العزاء الــــــــذي يأتيـــــه مـــن خـــارج ،
لأن العزاء الداخــــلى هو الذى يقبل العزاء الخارجى ويهتم به وفيه راحتــه ،
فإن كـــــــــــــان ليس فينا عـــزاء خفى من الداخـــــل ،
فليـــــس للعزاء الذي من خـــــــارج موضع ليستريح فينا .
وعلى هذا المثال أيضاً :
الصلاح الداخلي هو الذي يقبل الصلاح الذي من الخـــارج ، والشرور للشرور ،
والأفراح للأفـــراح ، والأحزان للأحزان ،
لأن كل جنـــــــس يقبل أبناء جنســــه ويريحه ويرتاح له .
فإن كان الشــــــيء الذى نقبله ( من خارج ) بالحواس لا يوجد داخلنا من جنسه ،
هذا الــــــــــــــــذي يرتاح إليه ، فإنـــــــه فى الحــــــــال يمضى كالخــــــــــــاطر ،
فلهذا ممدوح جــداً صلاح النفس أكثر من جميـــــــع الفضـــــائل .
فإن قــلب الإنسـان مثله سيدنا بالأرض ، الكلمة بزرع فى الأرض .
وافهــــــــــــم كــم من تغيرات تتم فى الأرض من تعدد الأعمال والسماد والري ،
أما الأرض البور فلا تفلــــــح ولا تســـــمد ولا تــــــــروى .
وافهم أيضــــــــــــــاً الفرق بــــــــين الزرع الجيد والــرديء الــــذي تزرعه أنت فيها .
وقياساً على الأراضى تكون القلوب والفرق بين الـــــــــزرع هــــــو الفرق بين الكلام ،
فافطــــــــــــــن لخفايا أرض قلبـــــــك ، وأنواع كلامــــــــــــــك ،
فهــــــــــــــــو مثـــل الفـــرق بــــــــين الأراضــــــــــــــــــــــــى ،
وبـــــــين الزرع الـذي من خــارج .
ــ إن كــانت المعرفة شبهت بالماء كقول الكتب ، فافهم كم من تغييرات تطرأ على المفاهيم بقياس بعضها ببعض ،
فهكذا أيضاً تتغير أنواع المعرفة والتأمـــلات ، افهــــــم أن المعرفـــــــــة عمل عـــــقلى داخل نفـــــوس الناس .
ــ الذي يعد مائدة ( بأطعمة ) جسدية لكثيــــــرين . فإنه يزينها بكل أنواع المأكـولات ،
حلو ومر ، مالح وعذب ، حريــــف وحامض ( أى مخلل ) ،
لكى يتغـــــذى كل واحــــد حســــب مزاجــــه وشــــهواته ،
فهكذا الكتب الإلهية التي هى مائدة النفـــــــس ، زينها الروح بجميع المذاقات ، لكــى تغتــــــذي كل نفــــس ،
من كل كتاب حسب منزلتها وقدرتها وتعـــــدد ميولهـــــــا ،
فلهذا لا ننتقد الكتب الإلهية الموضوعة بالروح ، إذ فيها تنوع وتعدد ( الموضــوعات ) لمنفعــة الجميـــــــع .
ــ كما أن الأجســــــــــــام تقبــــل الغذاء
مـــــن الخــــــبز البســــــــــيط ومن اللحم والخمر ،
ومــن الفاكهـــــة المتعــــــــددة والبقــــــــــــــــــول ،
فهكـذا النفـــوس بتعـــــدد التدابير تتغــذى وبســــير متعــددة تتعـــــــــزى :
فواحـــد بخدمات متعـددة وآخــــــر بصــــــــــــــــــــلوات ،
وآخــــــر بقراءة مع تأمـل وفهـــــم و هذيــــــــــــــــــــــــذ ،
وآخــــــر بمحبـة العلــوم وإيجـــاد تفاسير جديــــــــــــــدة ،
وآخــــــر بصــوم ونســك وآخــــــر بتجـــرد وســـــــــياحة ،
وآخــــــر بثبــات وسكون وآخــــــر بتواضع وصبر وطاعة ،
وآخــــــر بســكون كـامل وآخــــــر بعمله يريح الكــــثيرين ،
هذا الذي بعد فترة يرتاح هــــــــو نفسه بهذا الســـــــــلوك .
إن هـــذه كلها دبرهــــــا الخــالق لمنفعــــــة الجميــــــــــع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق