الميمر الثانى ( 2 )
+ طبيعــــة النفـــــس هي : فهــــم المخلوقات جميعها المحسوسة
و ما فوق طبيعتهـــــــــــــا هـــو تحركها
بالثاؤريـــــا ( أي المشاهدة ) الإلهية ،
+ وقد قال مصباح المسكونة القديس باسيليوس :
" أذا ما وجدت النفس في وضعها الطبيعي كانت في العــــــــــــــلاء ،
وإذا كانــت خارجـا عن طبيعتهـــــــــــا فهي في أســـفل الأرض
"
لان الشهوات ليس لها مكان في الموضع الذي يقال
عنه انه بلد النفس
( أي أعماق النفس ).
لكن إذا انحط الطبـــع إلي أســــــــــــفل عند ذلك يعاني
من الشهوات.
فأين إذا هي الشهوات النفسية ،
إنما تتحــرك بشهوات الجســــد المرذولة مثل إنها
تحزن معه بالجـــوع والعطــــش ،
ولان
هذه لا يوضع ها ناموس ينظمها فلا لوم عليها ، مثل تلك التي هي تحت اللوم ،
بــــــــــل
قــــــــــــــد يؤمــــــــر الإنســـــــان بفعل ما يكون تحت اللوم ولا يلام عليه
بــــــــــل
يأخـــذ أجراً صالحاً مثل هوشع النبي الذي شــارك زواجــاً غـــير شـــرعي ،
و كإيليا الذي باشر القتل لأنه غار لله و كاؤلئك الذين
طعنوا بالرماح أقرباءهم بأمر موسي
(عد 5:25)
فإن قيل : إن الشـــهوة و الغضـــب في طبيعــــة النفـــس
و ليســـت في طبــــــع الجســــد ، أفليست هذه ألامها ؟
قلنـــــــا : إن شهوة النفس
إذا كانت ملتهبــــة بالإلهيــــات فهذه
أمور طبيعيــــة بالنســـــبة لهـــــــــا ،
وإذا كانت ملتهبـــة بالأرضيـــات و
الجســدانيات فلا ( أي ليس من طبعها ).
وإذا كانت تغير لأجل
الإلهيات فهذا غضب طبيعي للنفس.
و إذا كان
لأجل شهوة الجسد والحسد
و المجــد الباطل ،
وما يشبه هذا كان هذا خارجاً
عن طبعها .
أمور كثيرة يقولها الكتـاب و يضـــــع لهـــا أســــماء
مستعارة ،
و كم من مـرة ينسب
للنفـس ما يخص الجســــد ،
و يضــــــــــع عـــــلي الجسد ما
يخص النفــــس دون أن يفـــرق بينهمـــا.
وذلك لئلا يطول الحديث . الفهماء هــم الذين يفهمون ما يقرأونه و يعرفون
قصد الكتب .
كمثل ما يخص لاهوت ربنـــا ينسبه إلي بشريته
علوا و رفعة
و ما يخــــــــص بشـــــــريته ينسبه الى لاهوته ،
و كثيرون لأجل أنهم لم يفهموا قصد الكتاب عثروا عثرة
لا قيام منها.
و هكـــذا تكون أمور النفس و الجسد .
إن كانـت الفضيـــــــــــــــــــــــلة هـــــي
قــوة النفــس و صحتهـــا
فالآلام ( أي الشهوات ) هـــــي أمراضهــــــــا و أسقامها
التي تعارض الطبــــــــع
و تخرجه عن الصحة و المعـــروف.
الآن انه مــن الطبيـــعي أن :
تســــــــــــــــــــــــــــــــبق الصحــــة
، العـــــــوارض و الأســـــــــــقام ،
و إذ أن هذه هي الحقيقة فالفضيلة بحكم الضرورة هي طبيعة النفس ،
و
العــوارض ليسـت من طبعهـــا ،
و لا يمكن و لا يستطاع أن : يكـــــــون
الأصيــل فيها هــو غير الطبيعي .
والآلام ( الشهوات ) الجسدية هي من طبــع الجســـد
وليســـت مســـــتعارة ،
وأما النفس فبسبب الجســد فالمستعار وضع عليها
( أي نسبت لها الشهوات ).
و لقد بان الآن و كل واحد يصدق إن النقـــاوة هـــي
طبيعة النفس و الاشتهاء مستعار
لان المــــرض يأتي بعد الصحــة ، و لا يمكن أن يكون الطبع جيــــد و رديء بالخلقـــة ،
و علي كـــل شــيء عــــارض لا يقال انه من خصائص الطبع ، بل هو يأتي من خـارج ،
و كل شيء مفاجئ و عارض يلازمه الزوال و التغيير
،و أما الطبيعي فلا يتغير و لا يزول .
الآلام التي تخص الجسـد وضعها الله للمعونة لأجل
تهذيب وتقويم الجسد ،
و أما الآلام التي تخص النفــس ( يقصــد المحـــــاربات
التي تواجــــــه النفــس )
فهي لتهذيب النفس و معوناتها.
وإذا ما غصب الجسد علي الخضوع للنفس و لا
يتابع شهواته فأنه يتضـــايق ،
كــــــــــذلك النفـس أذا تركـــــــــــــــــت ما يخصهـــــــــــــــــــا
تتضــــايق ،
حسب
قول الرسول : " إن الروح تشتهى ما يضر الجسد ، و الجسد يشتهى ما يضر الــــــروح
" (غل 17:5)
و الاثنان يضاد بعضهما البعـــــــــــــــض بالطبيعة .
لا يجدف أحد علي الله و يقول : انه وضــــع شــــــهوات
و خطيــــة فـــي طبيعتنـــــــا ،
فهــــــو خـــلق فينا الطبـــائع لكـــن وضــــع في كل منهـــا ما
يضبطهـــــا ،
علي أن يتوافق الواحد مع الأخر ، ويصنع ليس ما يخصه بل ما يناسب رفيقه.
لأنه إذا كانت هذه الشـــهوات هي طبيعيـــة في النفـــــس
لكانت لا تتأذي أذا مارستها ، فخواص الطبيعة لا تؤذي الطبع .
و إلا فلماذا يكون إتمـــــــــــام شهوات الجسد يربي
و يقوي الجسد و يؤذي النفس ؟
لأنها لو كانت هذه شـهوة للنفــس أيضــاً لمـــــــا كــــــــانت
تؤذيهـــــــا.
و لمـــــاذا الفضيــــــــلة تعـــذب الجســــد و تنعــــم النفــــس ،
أليس هذا دليــلاً عــلي أن الشيء الذي ليس
طبيعياً هو الذي يؤذي الطبيعــة ،
أن
كل الطبائع أذا قـــرب كل منهــــا لمـــا يخصــــــه يفــرح و يبتهـج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق