الكتاب الثاني
الخدمة الليلية حسب الطقس المصري
يتحدث فيه عن صلوات السواعي (الأجبية) والسهر، جاء فيها:
[إذ يتمنطق جندي المسيح بهذه المنطقة المزدوجة... يليق به أن يتعلم صلوات السواعي ونظام المزامير التي رتبها الآباء القديسون في الشرق. أما عن سماتها وطريقة الصلاة فكما يوجهنا الرسول: "صلوا بلا انقطاع" (ا تس 5: 17)، سنعالجها كما يعطينا الرب في المكان المناسب، عندما نبتدئ نسرد المناظرات مع شيوخ إسقيط مصر[9].]
[أعتقد أنه من الأفضل أن أتبع أقدم نظام للآباء هذا الذي لا يزال يحتفظ به خدام الله في مصر كلها، حتى يتعلم ديركم الجديد، الذي لا زال في طفولته في المسيح والذي بلا خبرة، أقدم الأنظمة للآباء الأوائل[10].]
[في كل مصر وطيبة حيث تأسست الأديرة يزهد كل شخص العالم، ليس حسب هواه، وإنما خلال التمثل بالآباء الذين لا تزال تقاليدهم باقية حتى اليوم، والتي وُضعت لكي تدوم. لقد لاحظنا في هذه الأديرة نظامًا للصلوات موضوعًا، يُراعى في اجتماعاتهم المسائية وسهراتهم الليلية. فإنه لا يُسمح لشخص ما أن يرأس اجتماعا للاخوة أو حتى يدبر أمور نفسه ما لم يتخلص أولاً من كل ممتلكاته وأن يتعلم أيضًا الحقيقة انه ليس مدبرًا لنفسه، وليس له سلطان على تصرفاته. لأن من يزهد العالم، مهما كانت ممتلكاته أو غناه الذي يملكه، يلزمه أن يسعى ليحيا نظام الشركة، فلا يفتخر بأية وسيلة بما قد تركه أو بما أحضره إلى الدير. يلزمه أيضا أن يكون مطيعا للكل، لكي يتعلم أن يعود ليكون طفلاً صغيرًا (مت18: 3) كقول الرب، فلا يُعجب بنفسه، ولا بعمره، ولا بعدد السنوات التي يحسبها الآن مفقودة حيث قضاها في العالم بلا هدف، ويدرك إنه مجرد مبتدئ، وبسبب حداثة تدربه إذ يعرف انه يخدم المسيح، لا يتردد عن أن يخضع حتى للأصغر منه.
علاوة على هذا يلتزم أن يدرب نفسه على العمل والتعب، لكي يعد بيديه طعامه اليومي سواء لنفسه أو لاحتياجات الغرباء، كوصية الرسول (1 تس9: 11)، وأن ينسى كبرياء حياته السابقة وترفهه، مقتنيًا اتضاع القلب بالتعب بانسحاق.
هكذا لا يُختار أحد ليقُام على جماعة اخوة قبل أن يتعلم ذاك الذي يوضع في مركز سلطة الطاعة وما يجب أن يأمر به الخاضعين له، ويكتشف من أنظمة الشيوخ ما يعلم به الحديثين التابعين له. إذ قبل أن تحكم أو تكون تحت الحكم بطريقة حسنة يحتاج الأمر إلى إنسان حكيم، ويُحسب هذا أعظم هبة ونعمة للروح القدس. فإنه لا يقدر أحد أن يأمر الخاضعين له بوصايا نافعة إلا ذاك الذي سبق فتدرب على كل أنظمة الفضائل. ولا يقدر أحد أن يطيع شيخًا إلا ذاك الذي يمتلئ بمحبة الله ويتكمل في فضيلة الاتضاع[11].]
في الفصل الرابع:
يوضح عادة تحديد المزامير باثني عشر مزمورًا في صلوات الغروب والخدمة الليلية، وختم الصلاة بفصل من العهد القديم وآخر من العهد الجديد. وأن هذا النظام قديم جدًا، ظل معمولاً به دون أن يُكسر، ويُقال انه ليس من اختراع إنسان، بل نزل إلى الآباء من السماء بخدمة ملاك.
وفي الفصل الخامس:
أوضح كاسيان أن كنيسة الإسكندرية ابتدأت بالإنجيلي الطوباوي مرقس كأسقف عليها، وأن جماهير المؤمنين كانوا يبيعون كل شيء ويقدمونها للكنيسة، وينسحبون إلى خارج المدن ليمارسوا حياة الوحدة في زهد وتقوى. وقد نظموا العبادة تجنبا للشقاق. وإذ اختلفوا في عدد المزامير التي تُصلى، حدث إذ اجتمعوا لممارسة صلاة الغروب قام واحد في الوسط (ملاك) وابتدأ يسبح بالمزامير وهم جلوس ينصتون إلى المرتل الذي تلى اثني عشر مزمورًا، ثم أنهى الأخير بالليلويا، ثم اختفي فجأة، بهذا وضع حدًا للمناقشة في هذا الأمر. هكذا يرى القديس يوحنا كاسيان أن الصلاة بالمزامير وتحديد عددهم 12 مزمورًا يرجع إلى القرن الأول الميلادي.
في الفصل السابع:
تحدث عن ممارسة المطانيات أثناء المزامير.
يقول بان المصري لا يتسرع بالسجود قبل نهاية المزمور كما يحدث في أديرة جنوب فرنسا كمن يريد أن ينهي صلاته سريعًا[12].
إذ يحني المصري ركبتيه يمضى بعض الوقت في الصلاة، لكنه سرعان ما يقوم منتصبًا ويبسط يديه حتى لا تتشتت أفكاره بالسجود لفترة طويلة[13].
لا يجرؤ أحد أن يحنى ركبتيه قبل أن ينحني الرئيس، ولا يتمادى أحد في سجوده بعد أن يقوم الرئيس، وإلا يكون قد فصل نفسه عن الجماعة[14].
في الفصل الثامن:
أوضح توزيع المزامير حيث يرنم المزمور الشخص الذي يقف في المنتصف. ولا تُقال المجدلة "المجد للآب والابن والروح القدس" إلا في نهاية التسبحة. وأوضح أن المزامير لم تكن تتلى بل تُرنم كتسبحة أو أغنية للرب[15].
في الفصل التاسع أوضح أن المصريين لا يهتمون بإنهاء المزامير التي يسبحونها بتلاوتها مرة واحدة دون توقف، لكنهم يقسمونها إلى قسمين أو ثلاثة حسب عدد الآيات... انهم لا يهتمون بالعدد بل بانتباه الذهن والفهم، حاسبين أنه من الأفضل أن يصلى الشخص عشرة أبيات بتسبيح مفهوم وفكر يقظ عن أن يتلو المزمور كله بفكر طائش. هذا غالبًا ما يحدث حينما يهتم المرتل بالأعداد، ولا يضع في حسبانه توضيح الألفاظ والمعاني، انه كمن يُسرع لينهي الخدمة.
بسبب عدم الدراية يطيل الراهب المبتدئ في التسبيح أكثر من المعتاد، بينما يهتم المتقدم صاحب الخبرة ألا يسبب مللاً للحاضرين أثناء التسبيح بسبب التطويل[16].
وفي الفصل العاشر:
يوضح كيف يمتاز المصريون في صلواتهم بالسكون، فمع كثرة عدد الحاضرين يترنم واحد بمزمور ولا تسمع صوتًا كأنه لا يوجد أحد غير المرتل وحده الذي يقف في المنتصف. ليس من يبصق ولا من يتثاءب أو يفتح فاه ولا من يتنهد... حتى لا يشتت فكر غيره.
كما تتسم الصلوات بأنها مختصرة حتى لا يتخللها تشويش يقطع الصلاة فجأة في أوج حرارتها حتى لا يخطف الشيطان الفكر ويطيش به بعيدًا ولكي لا تفتر الصلاة أو تبرد[17].
[يعتقد (الآباء) أنه من الأفضل أن تكون الصلوات قصيرة وتقدم بطريقة متكررة على الدوام، حتى من جانب نستطيع أن نلتصق بالله باستمرار، ومن الجانب الآخر باختصارها نتجنب السهام التي يريد العدو أن يجرحنا بها خاصة أثناء ممارسة صلواتنا[18].] جاء في الرسالة 130: 20 للمغبوط أغسطينوس: [جاء عن الاخوة في مصر انهم يمارسون صلوات متنوعة جدًا وقصيرة للغاية. إنها تنطلق فجأة وبسرعة حتى لا يتشتت الذهن اليقظ والمتنبه، والذي يُعتبر أثمن ما في الصلاة...]
وفي الفصل الحادي عشر:
ذكر أن المصريين لم يكونوا يهتمون بكمية الآيات التي تُرنم في الصلاة بل بضبط الفكر هادفين نحو: "أرنم بالروح وأرنم بالفهم" (1 كو 14: 15)، كما أكد اهتمام المرتل أن يكون النطق واضحًا ومفهومًا.
يعلل في الفصل الثاني عشر سرَ جلوسهم بينما كان المرتل وحده يقف ليسبح أنهم كانوا يعملون طول النهار بكل غيرة صائمين فلا يستطيعون الوقوف وقتًا طويلاً.
وفي الفصل الثالث عشر:
أوضح انه لم يكن يسمح للراهب أن ينام بعد الخدمة المسائية مباشرة حتى لا يثير عدو الخير في أحلامه خيالات تسقطه. يليق بالراهب أن يسهر في قلايته حتى لا يفقد بركة المزامير والصلوات.
وفي الفصل الرابع العشر:
يقول أن الراهب يكرس حياته في قلايته للعمل اليدوي والصلاة بالتساوي.
وفي الفصل الخامس عشر:
يوضح أنه لا يجوز للرهبان بعد الصلوات أن يتباطئوا في الذهاب إلى قلايتهم والالتقاء مع بعضهم البعض، كما ليس لهم ان يتركوا أعمالهم وقلاليهم خلال اليوم إلا إذا كان هناك استدعاء لواجب هام.
في الفصل السادس عشر:
يعلن أنه لا يجوز للراهب أن يشترك في الصلاة مع راهب ممنوع من الصلاة الجماعية، حتى يقدم الشخص توبته وتقبله الجماعة.
في الفصل السابع عشر:
يقول بأن المسئول عن تنبيه الرهبان للصلاة يجب أن يلتزم بالمواعيد المحددة ولا يسلك حسب هواه.
أخيرًا في الفصل الثامن عشر:
يوضح أنه لا يجوز عمل المطانيات من السبت عشية حتى الأحد عشية
---------------------
[9] فصل 1.
[10] فصل 2.
[11] فصل 3.
[12] فصل 7.
[13] فصل 7.
[14] فصل 7.
[15] فصل 8.
[16] فصل 9.
[17] فصل 10.
[18] فصل 10.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق