مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

السبت، 28 نوفمبر 2015

القديس انطونيوس يدخل البرية .

إلى البرية :
كان نصر أنطونيوس على الشيطان فى الحربين الأولى و الثانية، سبباً فى ازدياد ثباته. و وثوقه فى سيده و فاديه يسوع المسيح، لذا رغب فى ترك عزلته،
و التوغل فى البرية اكثر ليتمتع اكثر فأكثر بعذوبة العبادة و جلال الوحدة.

اجتاز انطونيوس نهر النيل، و سار متكلاً على قوة الله، مردداً ما ذكره اشعياء النبي:
" اجعل فى البرية طريقاً، فى القفر انهارا ً، يمجدني حيوان الصحراء، الذئاب و بنات النعام، لأنى جعلت فى البرية ماء، انهاراً فى القفر لأسقى شعبي مختاري هذا الشعب جبلته لنفسي يحدث بتسبيحى " (أش 43 :  19، 20)
و بعد فترة عثر على اطلال قصر قديم فطاب له المقام فيه، وما أن دخله حتى هجرته الوحوش المفترسة و الحشرات السامة التي كانت قد ملأته من قبل!
أعد القديس لنفسه مكاناً فى داخل البرج، و كان قد حمل معه من الخبز الجاف ما يكفي لسد حاجته ستة أشهر كاملة، أما الماء فكان يستقيه من عين تنبع فى أحدى الصخور القريبة من المكان، وهكذا عاش أعذب عيشة مجتهداً فى نسكه ومكثرا من صلواته و أصوامه و تقشفاته..
البرية و الكتب السمائية:
و دارس الكتب السماوية يعرف تماماً ما للبرية من الأهمية، إذ فيها تخرج أعظم الأنبياء، فموسى كليم الله قبلما يرسل إلى الديار المصرية ليكون زعيما للأمة الإسرائيلية عاش مختلياً مع ربه فى البرية حيث استمد منه تعالى قوة صنع المعجزات، وتلقن أول درس عن سر التجسد المجيد عندما أبصر العليقة تشتعل بالنيران و أغصانها لم تحترق!
و إيليا النبي رجل الغيرة، كان يسكن فى البرية أغلب أوقاته، وهناك أعاله الرب بواسطة الغربان التي كانت تحضر له فى كل يوم قوته (1 مل 17: 3 – 6).
و يوحنا المعمدان ذكر عنه الكتاب المقدس انه:
" يأكل جراداً و عسلاً برياً، و كان فى البرارى إلى يوم ظهوره لإسرائيل "
(لو 1: 80)
و شاول الطرسوسى قبلما يبدأ فى الكرازة باسم السيد المسيح اعتزل العالم إلى البرية التى تسمى " العربية " حيث هناك تلقن أسرار الديانة المسيحية، وأعاد دراسة " روح " الناموس ليصحح ما علق فى ذهنه من عبودية " الحرف ".
و قد شهد عن نفسه قائلاً :
" و لما سر الله الذى أفرزنى من بطن أمي و دعاني بنعمته أن يعلن أبنه فى لأبشر به بين الأمم، للوقت لم أستشر لحما ودما، و لا صعدت إلى أورشليم إلى الرسل الذين قبلى بل انطلقت إلى العربية ثم رجعت أيضا إلى دمشق "
(غل 1: 15 – 17).
و فى البرية أعال الله شعب إسرائيل أربعين سنة، وفوق أحد جبال سيناء لقنهم الشريعة الموسوية ثم أعطاهم إياها مكتوبة فى " لوحى العهد " بيده الإلهية.
و الرب يسوع المسيح نفسه، قبلما يبتدىء فى خدمته الجهارية، خرج ليجرب من ابليس فى البرية (مت 4: 1 – 10، مر 1: 12 – 13، لو 4: 1 – 12).. وهناك رسم لنا طريق الأنتصار ووضع فريضة الصوم المحيية!..
البرية و الرهبنة القبطية :
كان لهذه الإختبارات الروحية لحياة البرية التى سطرها الكتاب المقدس بين ثناياه، أعظم التأثير فى قلوب آبائنا السابقين، والذين لمسوا ما فيها من مزايا كثيرة.. حيث لم يجدوا مكانا أعظم منها من حيث الإبتعاد عن العالم مع الوحدة الكاملة، فنزح كثيرون منهم إليها متفرغين فيها لتقديم العبادة الحقيقية، مفضلين أن يذلوا أنفسهم فيها عن أن يكون لهم فى العالم تمتع وقتي بالخطية... ومن هنا نشأت فضيلة الرهبنة! وعندما كثر الرهبان تحولت البرية المخيفة إلى أرض مقدسة تصعد فيها للرب فى كل وقت العبادة النقية والصلوات الحارة.
البرية والحياة الروحية :


  إن منظر القفر و الإنفراد فيه سواء أكان بالأقامة أو بالطواف، يوجد فى العبادة إحساسات وعواطف روحية تشعرهم كأنهم قريبين من الله، و قليلون هم الذين يدركون لذة الحياة النسكية والتعلق بأهداب العزلة والتخلص من تكاليف هذه الحياة المضنية التى لا تزيد الإنسان إلا تعباً و شقاءاً، فهناك فى تلك العزلة لا يشغل الإنسان شاغل عن الصلاة و العبادة و دراسة الكتب المقدسة و التبحر فى العلوم و الفنون و الوصول إلى درجة سامية من العلم والتقوى..
 لقد اختار السيد المسيح الجبال العالية و البرارى الشاسعة للصلاة فيها مع تلاميذه.. أو لتعليم الجموع الغفيرة التي كانت تترسم خطواته.(مت 5، 14،.. ولو 9: 10، 11، ويو 6: 3 – 5).
قال مار اسحق المتوحد:
" السكون جوا يصلح لعمل الله و لأجل هذا قبض القديسون حواسهم أولا من العالم، وبعد ذلك اهتموا باستعداد القلب بعمل الله الخفي لأنه إن لم يرتبط الجسد أولا بعمل الفضيلة لا يتفاوض الفكر بفلاحة الفضيلة، لأن الجسد المنفرد يصلح كثيراً لعمل الفضيلة لأن منه يقتنى ذهناً مجموعاً و ضميراً هادئاً و لافكاراً غير مضطربة بمناظر العالم ".



الرجوع الى :

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق