مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

اعترافات القديس اغسطينوس مختارات من الكتاب الثاني




اعترافات القديس اغسطينوس 
مختارات من الكتاب الثاني
=======


أمراض أخري ساقته إليها البطالة و لم تنكشف إلا في السادسة عشرة من عمره
مصائب المعاشرات الرديئة التي انقاد بسببها إلي السرقة .
-1-
اندفاع القديس وراء شهواته


سأتذكر الآن شروري القديمة و شهوات نفسي الدنسة ،
لا لأنني أحبها و لكن لعلي أحبــك يا إلهـي حباً عظيماً .
 سأتصفح في ذاكرة نفسي الحزينة الشرور العظيمة ،
التي ارتكبتها لعلك تتراءف بي (يا من لا تفني حلاوتك ،
أيها المبـــارك : يا من حلاوتك هي الحلاوة الحقـــــة ).

أنت الذي أختطفتني من طرق الخلاعــة ،
التي كنت فيها تائها شريداً منصرفاً عنك ،
أيهـــــــا الإلـــــــــه الصــــــالح وحــــــده .
لقد أبحـــــث لنفســــــي كل منكـــــــر ،
لأن نفســــــي كانــــــــــــت تميــــــــــــل إلـــــــــي الاستمتاع باللذات الدنيا ،
فتجرأت علي أن أنســاق في تيارها هائمـــاً بشتي الأوهـــام الحالكة الظلام ،
حتى ذبل جمالي و صرت مكروهاً أمامك لأن نفسي تلـــذذت بمحبـــة العالـم .


* * *
 لقد كانت غاية مناي أن أحب و أن أكون محبوباً .
و لكني لم أجعل مقياس حبي هو الصداقة البريئة الممزوجة باحترام آراء الغـــير .
بل جعلــــت مقيــــــاس حبي هو شهوة الجسد الترابية و غرور الشباب الباطل ،
فأفسحت مجالاً في قلبـــــــي لحب الأحزان فتراكمت عليه ،


و فقدت القدرة علي التمييز بين :
بهـــــاء المحبـــــة النقــــي و ضباب الشــــــهوة المــلوث ،
                               الذي كان يثير اضطـــــــرابي ،
و يدفع بشــبابي السـابح فوق هوة الرغبات الدنسة إلي ،
                            الغرق في خليـــج القبـــــاحة .
لقد تجمــــع علي غضبك و لم أدر بـــــه لأن أذنــــيَ ،
                      قد صٌمتا برنين قيود الموت ،
الذي هــــــو عقــــاب كل متكـــــــــــــبر النفــــــــس ،
                      فازددت ضـــلالاً فوق ضــلال .
أما أنت فقد بقيت صامتاً و تركتني أتخبط و حدي في
                     المجـــون و العهـــــــــــــارة .
آواه يا إلهي ... يا نهاية أفراحي ،
لقد زادني صمتك في ذلك الوقت ضلالاً و بعداً عنك ،
و قد ضللـــــت أكــــــثر فأكــــــثر ،
عندما تشامخت بتلك الأحزان المرة عديمة الفــــائدة ،
التي ســـــببت كآبتــي و ضجــــري و اضطـــــــــرابي .


كلمة الله تخفف أحزانه الناجمة عن الاندفاع وراء الشهوات
  آه يا ألهي ...
لقــــد أرسلت إلي في ذلك الوقت مَن لطف أحزاني ،
و عَـــدد لي ما فقـــــدته من جمــــــال بشــــــروري ،
كي أعود و أسير في طريق الخير الذي خلقتنا لأجله ،
            فوضع هذا حداً لشـــــــهوات شــــــــبابي ،


فلما لـم أستطع أن أقمعهــــا فكــــــرت في أن أتـــــــــــــــــــــزوج ،
و عزمت فعـــــلاً علي تكوين أسرة كمـــــا فرض ناموســــك يا رب ،
                  يا من اخترت هذه الوسيلة لتقيم من موتنا نسلاً ،
و أنت القـــــــادر أن تخفـــــف بيدك الحنــون وخـــز الأشـــــــــــواك ،
                  التي طـــردنا بســببها من الفـــــــــــــــــــــردوس .


 إن قوتك يا رب ليست بعيدة عنــا ،
و نحــــــــــــــن لسنا بعيدين عنك ،
و كان يجب علي أن أحذر جيداً و أصغي إلي ذلك الصوت الآتي من السماء القائل :
" مثل هؤلاء يكون لهم ضيق في الجسد و أما أنا فأشفق عليكم .
حســـــــن للرجـــــل أن لا يمـــــــــس امــــــــــــرأة .
غير المتزوج يهتـــم فيمـــا للــرب كيف يرضي الرب  ،
و أما المتزوج فيهتم فيما للعالم كيف يرضي امرأته " ( 1 كو 7 : 33 ) .
* *     *
كان من الواجب أن أصغي و أن أنتبه جيداً لهذه الكلمات ،
و أن أنتظــــــر بكـــل ســـــــرور معانقـــــــــاتك لــــــــي ،
لأني كنت مفـــــــــروزاً لأجـــــل ملكــــــــوت الســـموات ،
و لكنـــــــــــي ... أنا الشــــــــقي المســـــــــــــــكين ...
قد أزبدت مثل بحر مضطرب تارة أعلـــو و طــوراً أنخفض ...
نابـــــــــذاً إيــــــــــاك متجـــــــاوزاً كـــــل أوامــــــــــرك .


و مع ذلك فلــــم أســـتطع أن أنجـــو من سـياط تأديبـــــك .
و لـــــــم يقـــــدر البـشــــــر أن يعملـــــــوا بــــي شـــــــيئاً ،
لأنــــــك و إن كنت صــــارماً معي ، فقد كنت رحيمــــــاً بي ،
لــــــذلك مزجـت لذاتي المحــرمة ، بمـــرارة الحـــــــــــــزن ،
كـــــــي أبحث عن لذة لا كدر فيها ..
و لكــــن أين أجــــــد هـــــــــــذا ؟
                                   لم أجد هذا إلا فيـك يا رب ،
يا مـــــن بأحــــــزاننا تدربنــــــــــــا ،
يا مـــــن تجرحنــــــا لتشـــــــــفينا ، و تميتنـــــا لتحيينــــا ،
حـــــــتى إذا متنــــــــــا فإننـــــــــا ، لا نمـــوت بعيـداً عنك .
    في أي مكــــــــــــــــــان كــــنت موجـــــــــــوداً ؟
           و إلي أي مـــدي كنـــت منفياً عن مسرات بيتك .


عندما كنت في السادسة عشرة من عمري ،
خاضعـــاً لســـــــلطان جنــــون الشــــــهوة .
مطلقاً لجسدي العنان حتى تمرغ في الإثم مخالفاً شرائعك ؟
لقد أســـلمت نفسي لشــــــــــــــــهوات الجســــــــــــد ...
و لم يكـــن هنــــــــــاك بين أصـدقائي من يســعي لإنقــــاذي ،
لأن كل اهتمامهـــــــم كان منصرفاً في أن أبرع في علم الكلام ،
كي أصبح فيما بعد خطيباً يشار إليه بالبنان .
* *     *
لمن أقول هذا ؟ لست أقول هذا لك يا إلهي لأنك تعرف نسبي ،
و إنما أقول هذا لذلك العدد القليل من البشر الذي قد يعثرعلي كتاباتي هذه .
و لكن لأي ســـــبب أقـــول هـــذا ؟
إنني أقوله لكي يعرف من يقــــرأه ،
إنني كنت أصرخ إليك من الأعماق ،


لأنه ليــــس هنـــاك ما هو أفضــــــــــــــــل
                  و لا ما هو أقرب إلي أذنيك ،
مـــــــــــــــــــــن قلــب معــــــــــــــــــــترف ،
                 و حيــــــــــــاة مؤمنـــــــــة .


* *     *
في السادسة عشرة من عمري ....
كنت أذهـــب إلي الحمامـــــــــــات و هنـــــاك كان أبي يرانـــــي
فيذهــــــــب إلي أمي مسروراً و يخبرها بفرح عما كان يشاهده ،


لقد كان يــــــود أن أشب علي شاكلته ،
فكانت تسعده تلك الاحساسات الرديئة التي كنت أشـعر بها ،
تلك الاحساسات التي جعـلت العــــالم ينســــاك أنت الخـالق ،
و يُفــــــــــــــــتن بخليقتـــــــــــــــــــــك عوضـــــاً عنــــــــــــك ،
لقد ســــــــــكرت بأبخـــرة تلك الخمــــر غــــــير المنظــــــــورة ،
و تمكنت نفسي من مشاهد النجاســة فخـررت ســاجداً لهــا .
أما أنـــــــــــــت فقد وضعـــت من قبــل فـــــي قـلب أمـــــــي ،
أن تعـــــــــدني لأكون هيكلك المقدس ، و بيتاً صالحاً لسكناك ،


* *     *
ويلي …
    لأنني تجرأت و قلت إنك لزمت الصمت يا إلهي ،
عندما تمـاديت أنا في ضـــلالي بعيــــداً عنــــك ...
أحقــــاً أنـــــك لزمـــــــت الصــــــمت نحــــــــــوي ؟
و لمن ســــواك إذن كانــــت تلك الكلمــــات التي ،
رنمت بها في أذني بواســــطة أمي المؤمنــة بك ،
دون أن يستقر في قلبي شئ منها لأعمـل به ؟ ،
... إنني أتذكر جيداً كيف أنها كانت بغاية اللهفة تنذرني في الخفاء قائلة :
" لا ترتكب فسقاً و علي الأخص لا تدنس أبداً زوجة رجل آخر " .
    لقد كانت هذه الأقـــوال تظهر لي إنها نصــائح نســـاء ،
و كان يجب علي أن أشعر بالخجل من نفسي إذا أطعتها ،
فلم أطعها لأنني لم أكن أعلم إنها إرشاداتك .
و هكذا ظننت أنك كنت صامتاً عني فكنت أهزأ بإرشادات أمي أنا أبنها ..
أنا أبن أمتك دون أن أعلم هذا .
* *     *
ها هو ذا قلبي يا اللــــــــــــــــــه !
ها هو ذا قلبي الذي رحمتـــــــه !!
لقد كـــان فـي قــــــاع هـــــــــاوية لا قرار لها
فدعـــــــــــه - بعـد أن تنـظر إليه -
أن يخبرك عما كنت أبغيه بهذا العمل ،
حتى كنت أقدم علي ارتكابه مختاراً ،


و رغم عــــدم ميلي إلي الشـــــــــر ،
فقــد طلــــــبت الشـــــــر بعينـــــــه ،
لقـــد كان شراً و مع ذلك أحببتــــه ! !
لقـــد أحببـــت أن أهـــــــــــــــــلك ! !
لقـــد  أحببــت إثمــــــي الخــــــاص ،
ليـس الإثم الذي استحققت اللوم بسببه ،
بــــــل أحببــت الإثــــــــــم نفســــــــــــه .
نفس شريرة ساقطة من علياء سمائك لتنشر الهـــلاك ،
غير باحثــــــــــه عما قد يُخجل بل طالبة الخجل نفسه .
* *     *
لماذا يطلب الناس الأدنى ويرفضون الأسمى ؟
... عندما نهــوي هذه الأشياء الجميلة الدنيئة ،
نرفـــض ما هـــو أفضـــــــــــل و أســـــــــــمي ،
الــــذي هـــــــو أنـــت أيهــــا الــــــرب إلهنـــــا .
و نرفــــــــــــض حقـــــــــــك و ناموســـــــــــك .


إننـــا نســـــر بهـــذه الأشــــــياء الصغــــــرى ،
التي لا يمكن أن يعد السرور بها شيئاً مذكوراً ،
إذا قيــــــــس بســـــــــرورنا بخــــــــــــــــالقها ،
               الــــذي بــــه يبتهــــــج البـــــــار ،
               و هـــو فـــرح مســــتقيم القلب ! .
* *     *
أنت وحدك يا الله هو الإله المتسامي فوق الكل .
يا من لا يقدر أحد أن يغتصب حقه في أي زمان و مكان ،
إذا تحنن الظـــالم فإن حنـــــوه و عطفــــه يدعي محبــة .
و لكن أيوجد ما هــــو أكــــثر حنـــــــاناً مــــن محبتـــــك ؟


أيوجد شـــئ يمكـــن أن يُحــــب كمـا يجــــــب ،
أن يُحب حقك الذي يتلألأ ساطعاً فوق الجميع ؟؟


الرغبة في المعرفة و الرغبة في التعلم متشابهتان ،
و لكن مهمــا بلغ الإنســان من العــــلم و المعـــرفة ،
فلا يمكــــن أن يصــل إلي ســــمو معــــــــــــرفتك .
 
 الغباء و الجهل يستتران تحت أسم الوداعة و عدم الرغبة في إيذاء الغير
و لكن أيوجد هناك ما هو أكثر منــك وداعة يا أيهـــا العــالم بكل شئ ؟؟


مهما قل الضرر الذي يصيب الخاطئ فإن ضرره لا يتأتي إلا من أعماله .
  الكســـل يدفــع الإنســـــان إلي طـــــلب الراحـــة ،
و لكن أين توجد الراحة الدائمة إلا بقربك أيها الرب ؟؟


لا تلــــــــــــــــذذ إلا فـــــــــــــــــــــــي الراحة و سـعة العيـش ،
و لكن أنت وحدك كمال الكثرة غير الزائلة للملذات غير الفاسدة .
  التبــــــذير يشـــــــــــير إلي الســــــخاء ،
و لكنك أنت المعطي كل صلاح بأكثر وفرة .
  
الطمع يجعل الإنسان يشتهي امتلاك أشياء كثيرة ،
و لكنك مع كونك لست طماعاً تملك كل شــــــئ .


الحســد يجعل الإنسان يحسد أخاه الإنسان لأجــل الفخــر ،
و لكــــن أي فخر يعادل فخارك أنت الذي لا يحسدك أحد ؟؟
الغضـــب يولـــــــد في النفــــس الرغبــــــة في الانتقــــــــــــام ،
و لكــــن من يقدر أن ينتقم بحق أكثر منك أيها المنتقم الجبار ؟؟
الخــوف يجعل الإنسان قلقاً بسبب كل أمر مفاجئ غير مـألوف ،
          فيتبصر في العواقب لضمان السلامة ،
و لكــــن هل يوجــــد ما يفاجئـــــــــــــــــــك ؟؟
         أو ما هو غير مألــــــــــوف لديــــــــك ؟
و هــــل يستطيع أحد أن ينزع منك ما تحبـــــه ،
يا مــن لا توجد السلامة الدائمــــة إلا بقربه ؟؟


الحــــــزن يكــــــون بســـــــــــبب الحســـــــــــــــــرة ،
علـــــــي ما فُقــــــد مع ما فيــــه من بهجـــة و لـــذة ،
فهل تساوي هذه البهجة و اللذة بهجة و لذة جمالك ؟.
* *     *
.. كل من يتشبهون بك يفتخرون بأنك خـــالق الكون ،
و لا يعرفون مكــــاناً يلتجئـــــون إليــــه بعيـــداً عنك .
 
 ها هو ذا خادمك قد هرب من سيده بعيداً عن كل شــر .
آه من فساد الحياة و وحشتها ، آه ما أعمـــق المـــوت !!
لقد قدرت أن أحب ما لم أكن أحبه لأنني لم أقدر أن أحبه .
* *     *
بماذا أكافئ الرب ؟
لأن نفسي الآن تتذكر هذه الأشياء جميعها ، و مع ذلك لا أخاف منها ؟؟


أحبك يا رب و أشكرك و أعترف لأسمك لأنك قد غفرت لي هذه الكبـائر .
لقد ذابت آثامي كما لو كانت ثلجــــــاً بفضل حرارة إحسانك و رحمتـك .
لإحسانك الفضل فيما لم أفعله من شر .


لأن كل ما لم أفعــــله من شر لم أفعــله إلا بإرشــــــــادك .
لأنه من هو الإنسان الذي يتجاسر - رغم إحساسه بضعفه -
أن ينســـب إلي نفســــه الفضـــل في طهارته و بــــــره ؟؟


و مــن يفعــــل هــذا إلا غير المحتــاج إلي رحمتك ،
التي تغفــــر بهـــــا آثـــــــــام الخطــــاة التــــــائبين ،
لذلك فهو لا يحبك كثيراً بل يحبك أقل من كل شئ .
 دع الإنسان الذي يقرأ هذا يحبك كثيراً !!
بل ليزدد حبه لك أكثر جداً عندما يراني ،
و قـــد شـــــــتـفيت مــن إثمي العميق ،
لأنه ســـــيري نفســـــــه أيضـــــــــــــاً ،
و قد شفي بواسطتك من إثمه المماثل لإثمي .
* * *
أنت أيتها الشهوة لا يمكن إدراكك .
إنك تغرين النفس و تصنعــــــــين من المــــــــــــزاح و السرور شروراً ،
إنك ظمـــــــــــأى لهلاك الآخرين دون فائدة ترجي ، أو انتقــــام يبغي ،
..إننا لم نكـــــــن نســـتحي أن نكون بلا حيــــــاء .
* * *
إنني مشتاق إليك يا الله أيهـــا البر و الطهارة ،
لأنك جميل و ظريف لكل العيون الطــــــــاهرة ،
و لا يمكـــــــــــن أن يشــــــبع أبــــداً منــــك .
فيـــــك الســــلام التــــــــام و الحيـــــــاة الدائمــــة ،
و مـــــن يدخل إليك يدخل إلي فرح سيده بلا خــوف ،
و يصــــــير فاضــــــــــلاً في الله فائــــــــــق الكـــــل ...
لقد تذللت بعيـــداً عنك و تهت و ضــللت كثيراً - يا عضــدي -
في تلك الأيام ، أيام شبابي حتى صرت لنفسي أرضاً جدباء .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق