مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

اعترافات القديس اغسطينوس . مختارات من الكتاب الأول

اعترافات القديس اغسطينوس .


مختارات من الكتاب الاول
========
عظمة الله و عدم إمكان إدراكه
-1-
عظيـــم أنت يا رب  و أعظــــــم من أن تٌســـــــــبح ،
عظيمة هي قوتك  أما حكمتك فإنها تفوق كل وصف .


ربـــــــــــــي ، إنك جدير بأن يسبحك الإنسان ،
الإنسان الذي ليـــــس إلا ذرة من خليقتـــــك ،
الإنسان الذي يقاســــــــــي مــــــــــــــــــوته ،
ذلك المـــــوت الشاهد علي خطيتـه و إثمــه ،
و مــــع ذلـــك فهــــــل هو يســــــــــــــبحك ؟


ليتــــــــك توقظنــــــــا لنبتهج في تسبيحك .
لانك صنعتنـــــا لـــك و سيظل قلبنا مضطرباً ،
                       إلي أن يهجــــع فيـــك !


* * *
هَب لي يا رب أن أعلم و أفهم أيهما يكون أولاً :
أأدعــــــــــــوك أم أســـبحك ؟
و أيضاً أأدعوك أولاً أم أعرفك ؟
إذ من ذا الذي يقدر أن يدعوك و هو لا يعرفك ،
لأن الذي لا يعــــرفك قد يدعو ســـــــــــــواك ،
قاصــــــداً بهـــــــــذا أن        يدعــوك أنت !


* * *
و نحن الذين ندعـــــوك هل نعــــرفك ؟!
و لكن كيف يدعون الذي لا يؤمنون به ؟    
و كيـــــــف يؤمنــــــــون بلا كــــــــارز ؟
إن الذين يطلبـــون الـرب يجـــــــــدونه ،
و الذين يجـــــــــــــدونه يســـــبحونه .


* *     *
ســـأفتش عنــــــــك يا رب بالدعـــــاء لك ،
و سأصلي إليــــــــك مؤمنــــــــــــــــاً بـك ،
           لأنك أنت الذي كُرز باسمه لنا !...
سيدعوك إيمـــــاني الذي أعطيتنــي إياه ،
          الذي أوحيت به إليً بتجسد ابنك و بخدمة الكارز .
( المقصود بالكارز القديس أمبروز أسقف ميلانو الذي آمن القديس أوغسطينوس علي يديه ) .
* *     *
كيف أدعو إلهي – إلهي و ربي –
إننـــي عنــدما أدعـــــوه إنمـــــا أدعــــوه لنفســي ؟
أي فراغ يوجد في داخلي حتى يقدر الهي – الله –
الذي خلــــق الســــماء و الأرض أن يدخــــــل فيً ؟


آه أيها الرب إلهي :
هــــل يوجد هنالك حقاً موضع فيً يمكن أن يسعك ؟
و هل من ثم الســــــماء و الأرض اللتان خلقتهمـــــا ،
ثــــــم خلقتنــــــي منهمــــــــــا هـل يســــــعانك ؟
و إذا كان لايمكـــن أن يوجد بدونك شئ مما أوجدته
فهل يوجــــد هنالك شــــئ يمكن أن يســـــــعك ؟


و أنا..الذي أوجدتني لماذا أطلــــب أن تدخــل فيً ،
أنا الــــــذي لــم أكـــــن موجـــــوداً بـــــــــــدونك ؟
أحــــــــــقاً أنك لســــــــــــت فيً ؟ لمــــــــــــاذا ؟
إننـــــــي لن أهبـــط إلي الجحيــم لأنـــــــك فــيً ،
و مع ذلك إذا هبطت إلي الجحيــم فأنـــــت هناك !
آه يا إلهي لا أقدر أن أموت ، بل لا أقدر أن أكون مطلقاً ،
ما لــــــــم تكــن أنــت فيً ، أو أكـــــون أنا فيــــــــــك ،
لأن
     لــــــــــك و بـــــــــك و فيــــــــك كـل الأشـــــــياء .


* *     *
أين أدعــــــــــــوك يــــــــــــــــــــا رب ؟
أين أدعــــــــــــوك مادمت أنا فيـــــك ،
و من أين تقــــدر أن تدخــــل فــــــيً ،
لأنني من أين أقدر :
أن أتجاوز السماء و الأرض حيث يدخل إلهــــــــــــــــي ،
الـــــــــذي قــــــــــــال : " إنني أملأ السماء والأرض " .
* *     *
هــــل تسعك إذن السماء و الأرض ما دامت أنت تملأهما ؟
أو هل أنت تملأهما و تفيض عنهمــا لأنهما لا يســـــعانك ؟


و إذا كانت الســماء و الأرض مملوءتان بك ،
فأيــــــــــن تفيض إذن بالبــــاقي منـــــك ؟
و هل تحتاج إلي شئ يسعك يا من تحوي كل الأشياء ،
و تمــــــلأ ما أنـــــت تمـــــــلأه باحتــــــوائك إيــــــــاه ؟…
إن الأوانــــــــي التي أنــــــــت تملأهــا لا تدعمــــــــك ،
لأنهـــا قد تٌكســــــر و أنــــــــت لا تفيض منهـــــــــــــــا !
                       و أنـــــــت عنـــــدما تفيض علينـــا ،
                         فإنــــــك لا تكدرنا و لكنك ترفعنـا !
                         أنـــــــت لا تبددنا و لكنك تجمعنا !
و لكنــــــك يا من تملأ كل الأشياء هل تمــلأها بذاتك كــــلك ؟
و إذا كانت كل الأشياء لا يمكـــــن أن تســـــــعك كــــــــــلك ،
فهــل هي تحوي جزءاً منك ؟ و أي جــــزء هذا الذي تحــويه ؟
و هل هي جميعـــــاً تحـــــــــــوي نفــــــس الجـــــــــــــــزء ؟
 أم أن     لكل شــــــئ منهـــــا جـــــــزئه الخــــــــــــــاص !
و هل هذا الجزء هو الجزء الأكبر بزيادة أم الجزء الأصغر الأدنى ؟
 إذن       هل يوجـــد فيــــك جـــزء كبــــير و آخــــر صغــــــير ،
أم أنـــــك كـــــلك في كــــــــل مكـــــــــــــــــــــــــان ،
بينمـــــــا لا يمكن أن يوجد مكان يستطيع أن يحويك ! .


* *     *
مـــــــــــاذا أنـــت يا إلهي ؟ مـــــــاذا أنــت إلا الرب الإله !
لأنه من هو السيد إلا الرب ؟ و من هو الإله ســوي إلهنا ؟
عـال جــداً ! صـــالح جـــداً ! قـوي جــــداً ! مقـتـدر جــداً !


رؤوف جـــــــــــــــداً  و مـع ذلـك  عـــــــــــــــــــادل جـــــــــــداً ! ...
مستتر للغـــــــــــاية  و مـع ذلـك  ظــــــــــــــــــاهر جــــــــــــداً ! ...  
جميـــل جــــــــــــداً  و مـع ذلـك  قــــــــــــــــــــاس جـــــــــــداً ! ...
دائـــــــــــــــــــــــــم  و مـع ذلـك  لا يمكــــــــــــــن إدراكــــــــه ! ...
ثــــــــــــــــــــــــابت  و مـع ذلـك  يغــــــــــير كــــــل شــــــــئ ! ...


أبـــــــــاً حــــــــديث  و عتيــــق  عــــــــلي الإطـــــــــــــــــلاق ! ...
يجــــــدد الكـــــــــل  و يعطـــي  المتكبرين أياماً وهم لايعلمون !...
دائـــــــم يعمــــــــل  و مستريح  إلـــــــي الغـــــــــــــــــــــــاية ! ...
دائمــــــاً يحشــــــد  و مـع ذلـك  غـــــــير محتـــاج إلي شــئ ! …
يدعـــــــــــــــــــــــم  و يســـــد  العــــــــــــــــوز و يســــــــــتر ! ...
يبــــــــــــــــــــــــدع  و يعــــــول  و ينمــــــــــــــــــــــــــــــــــي !...
يطــــــــــــــــــــــلب  و مـع ذلـك  يمــــــــــلك كل شــــــــــــئ ! .
* * *
أنت تحـــــــــــــــــب  بـــــــــــلا  شــــــــــــــــــــهوة ،
و غـــــــــــــــــــــــيور  بـــــــــــلا  قلـــــــــــــــــــــــق! ...
تنــــــــــــــــــــــــدم  و مـع ذلـك  لا تأســـــــــــــــف ! ...
أنــــت حانــــــــــــق  و مـع ذلـك  أنت هــــــــــــادئ ! ...
تغــــــــير كل أعمــــــــالك  و غرضــــك   ثابــــــــــــــــــت ! ...
تأخـــــــذ كل ما تجـــــــده  و مـع ذلـك  أنت لا تضيعه أبداً ! ...
لا تحتاج مطلقاً إلي شئ   و مـع ذلـك  تســــــــر بالأرباح ! ...
لســـــــت طمـــــــــــــاعاً  و مـع ذلـك  تطـــــالب بالأرباح ! ...


تأخذ كثيراً لكي تصير مديوناً  ، و من عنده شئ و ليس هو ملكــــك ؟
أنت تدفع ديوناً ليس لهل أصل و تعيد ديونا دون أن تنقص منها شيئاً !


ماذا أقـــــول عنك الآن يا إلهي يا حياتي و فرحي الطاهر !؟ ...
و ماذا يقول أي إنســــــــــــــان عنـــدما يتكلــــم عنــــك !؟ ...
ويل لمــــن لا يتحدث بحمدك عندما ينطق الأخرس و يصير كأفصح البلغاء ! .


* *     *
ليتنــي أجــد راحتي فيك !
بل يا ليتـــــك تدخل قلبي و تخدره لعلي أنسي أسقامي ،
و أعانقـــــــك يا صـــــــــــــــلاحي الوحيــــــــــــــــــــــــد !
ماذا أنت ليً ؟ بحنــــانك علمنــي أن أنطــــق برأفتــــــك !
ماذا أنـــا لك ؟ حتى إنك تطلـــــب محبتي و تعادلني بك !
و إن لم أحبـك تهـــــــــــــــــددني بويـــــلات جســـــــام ؟
إذن كم هــي مصيبـــــة كـــــبري إن لـــــم أحبـــــــــــك ؟


..ليتك أيهـا الــــــرب إلهـــــي تخبرني – لأجلا مراحمك –
مـــــــــاذا أنـــــــــــت لــــــــــــــــــيً ؟
ليتك تقول لنفســــي أنا خــــلاصك !...
هكـــــذا تكلــــــــــم لعلي أسمعك !! .
ها هــــو ذا قلبــــي أمامــك يــــا رب .
أفتـــــــــح أذنيـــــى و قــــل لنفسـي أنـــــا خـــــــــــــــــلاصك ،
و بعد أن تُســـمعني هذا الصــــــــوت دعني أسرع و أمسكك !!
لا تستر وجهك عني و إن ســـــــترته دعني أمـــــــــــــــــــوت ؛
و لكنــــــــــــــــــــي لا أريـد المـــوت! فدعني أري وجهـــــك !!


* *     *
إن مسكن نفسي ضيق ! وسعه لعــلك تدخـــــــــــــل فــــــــــــيَ ؟
هــــــــــــــــو خـــــــــــرب ، هيئه لأن ما بداخله لابد أن يغيظ عينيك !
إنني أعترف و أعرف كل ذلك :
و لكن من ذاك الـــذي ســــــــــــــــيطهرني ؟
و إلي من يجب عليً أن أصرخ نحوه إلا إليك ؟


يـــــــــــا رب طهـرني من خطـاياي الخفية !
أشفق علي خادمك من ســـلطان العدو !
بهــــــذا أؤمـــــــــن و لذلك أتكـــــــــــلم !


أنت تعـــــلم يــــــــا ربي :
أنني أتكلـم ضــد نفســـي عن الخطايا التي صنعتها ضدك ،
لأنـــــــك يا الهـــــي قـــــد غفــــــــرت إثـــــــم قلبــــــي !
لا دخل في المحاكمة معك لأنــك أنت هــــــــو الحــــــق !
لا دخل في المحاكمة معك لأنني أخاف أن أخدع نفسي ،
فيفضحني شري أمامـــــك يا من تراقـــب الآثــــــــــــــام !
و إن راقبت الآثــام آه يا رب من يقــدر أن يحتمــــل ذلك ؟!
 
* *     *
دور الرضاعة
احتملني لأخاطب رحمتك أنا الرماد و التراب !
احتملني لأتكلم ما دمت أخـــاطب رحمتــك ،
و لا أخــــــــاطب إنســاناً مـــــزدري بــــــــه !
إنك قد تهزأ بي و لكنــك تعـــــود فترحمني !


ماذا يجــــب عـــليً أن أقــــــــول لك أيهـا الـرب الهي ؟
إنني لا اعلم من أين أتيت إلي هــذه الحيـــــاة المائتة !
كما لا اعلم هل ادعوها الحياة المائتة أم الموت الحـي ؟
يا ليــــــــــــــــــــــــــت تعزيات رحمتك تدركنـي سريعاً !!


* *     *
ها أنا أعيــش و إن كانت طفولتي قد ماتت منـــذ زمن طـــويل !
أما أنت يا رب  فدائـــم إلي الأبـــد و فيــــك لا يمـــــوت أحــــد !
لأنه قبـــل أن توجد الكائنات و قبل كل أن يدعي (قبلا) أنت هو ؟
أنت هو الله و رب كل ما أبدعته ..
فيك تـــدوم ثابتة إلي الأبد الأسباب الأولية لكل الأشـياء الفانية !
فيك تـــدوم الأصول غير متغـــــيرة لكــــل الأشـــياء المتغــــيرة !!
فيك تحيــــا البواعث الأولية لكل الأشياء غير المعقولة والزمنية !!


* * *
قل لي يـــــا رب ما هو ملتمســــك ؟ …
قل لي بكل أسف عن الذي يحزنك ! ...
قل لي هل ســـبق طفـــولتي دور آخــر لي مات قبلهـــا ؟ ! …
و هـــل كان ذلك الدور هو الدور الذي مكثته في بطن أمي ؟ ...
لقد سمعت قبلاً عن هذا و إن كنت شاهدت بنفسي نساء حبالي !


ماذا قبـــــل تلك الحيـــــاة يا إلـــــــــه بهجتـــــي ؟
ماذا كنـــــــــــــت أنـا وأي جســـــــــد كنـــــــــت ؟
لانه لم يخــبرني أحــــــد عــــــــــــــن هـــــــــذا !
لا أب و لا أم و لا اختبار آخرين حتى و لا ذاكرتي ! ...
أتســـخر لحــــيرتي هذه و تأمــــرني أن أسبحك ؟
إننـــــي أعــــــــــــــترف لـــــــــــــك بعجــــــزي !


* *     *
أعترف لك يا رب السماء و الأرض و أسبحك  ،
لأنك سبب وجودي و أصل طفولتي التي لا أعرف عنها شيئاً !
إنك قد رســـــمت للإنسان أنه ينبغــي عليه أن يعتقــد بأن :
الكثــــــــــير ممـــــا يجـــري عليـــه يجـــري عــلي الآخــرين  ،
و أن يعتقــد كثــــيراًَ فــــي مـــدي قـــــــوة الأنثى الضعيفة!!


لقد كــنت موجــــوداً و عائشـاً عنــــد نهــــــــاية طفـــــولتي ،
و كنــــــت قـادراً علي أن أعمل إشارات أكشــف بها للآخرين                                              
عن احساساتي.


فمن أين يمكن أن يكون وجود كهذا الوجود ،
إلا منـــــــــــك أنـــــــــت يــــــــــــــــــا رب ؟
لأنه هل يسـتطيع أحد أن يخـلق نفســــه ؟ ...


و هـــــل يمكـــــن أن يتفـرع في عالم غـير عالمنا هذا ،
أي وريد يكون منه روح و حياة لنا ســوي منــــــــــــــك ،
أيهـــــا الـــــــــرب الذي فيـــــــك الــروح و الحيـاة معـاً ؟


..أنت نفسك الــــروح و الحيـــــــــاة بأســـمى درجاتهــــــا !!
..أنت عـــــال جــــــداً و غير متغير !.. فيك لا ينتهي الزمان ،
و إن كان ينتهي فيك اليوم  ، لأن كل الأشياء أيضـــاً فيــــك ،
و ليس لها طريق تزول فيه إلا بـأمرك !!


أنت هو الله و سنوك لا تفني لأن سنيك هي اليوم !


كم عاماً لنا و لأجــــــدادنا ذابـــت في يومـــــــك  ،
و منهـــا أخذ وجود كهذا الوجود قياسه و شكله  ،
كمـــا أن أعوامــــــاً أخـــــري ســــوف تــــــذوب  ،
و تأخــذ شــــكل قالب وجـــــــودها .
و لكنـك أنت وحدك مازلت كما أنـت :
                            خالــــــــــق الأمور المســتقبلة ،
                            و مــــــــــــا  وراء  المســـتقبلة ،
                            و كل أمــــور  أمس و ما قبــــله .


ماذا أنـــــت لـــــــــــــي ؟  لا أحـــــد يـــدرك هــــــــــــذا .
دع مـــــــــن لا يدركــــــك يتعجــــب و يقول ماذا أنـــــت ؟
دعه يفــــرح و يســــــــــر ،لأن أحداً لم يعرفه بوجـــــودك ،
و هذا خير له من أن يفرح بكونه قد تعلم أنك غير موجود !


* *     *
اســـتمع يا الله استمع و آسفاه لمعصيتي ( هكذا أقول لك )
و أنت ترحمني لأنك خلقتني و لكنك لم تخلق الإثم الذي فيً .


من ذا الذي يذكرني بخطايا طفولتي ؟
لأنه لا يوجد أمام عينيك إنسان طاهر ،
حتى و لو كان طفلاً رضيعاً لم تتجاوز حياته يوماً واحداً علي الأرض !


* *     *
أنت أيهــا الــــرب إلهــي الذي أعطيت لطفولتي هــذه الحيـاة كما نراهــــا .
أنت الذي زودت جسدي بهذه الاحساسات شاداً أعضائه مزينــاً أحجامهــا !
كما أنـك لأجل سلامتها و حسنها زو دتها بكل ما يلزمها للحركات الحيوية !!


لقد أمرتني أن أســــــبحك علي هــــــــذه النعــم !!
             و أرنم لاسمك أنت أيها المتعالي جداً !!
أنت وحـدك الإلــــــــــــــــه القـادر عـلي كل شئ !!...
أنت ترفـض التســـــــــبيح لغـــــــــــــــــــــــــــــــيرك ،
لأنــــــــــك أنـــــت وحــدك القــــادر علي عمـــــــــل ،
            مــــــا لا يقـدر أن يعمــــــــله الغــــــــير ..


يا مـــن وحدا نيتـــــك قالـــب كل الأشـــياء!  
أنت الذي بصلاح خلقت كل الأشياء حسنة ،
و نظـــــمت كل شـــــــئ بالنـــــــــــاموس !


* * *


.. عشت أنوء بتعاسة نفسي زمنـــــــاً طــويلاً أشرفت فيه علي الموت ،
غارقاً وسط هذه الأوهـــــــام البعيدة كل البعد عنــك يا إله حيــــــــاتي .


* *     *
أي تعاســـــــــــة أكثر من تعاسة الإنسان الذي......
                   لا يبكـــي علي هـــــلاك نفســـه ،
                   لافتقــاره إلـــي محبتــك يا إلهــي .
                   أنت ضــــــــياء قلبــــــــــــــــــــــي .      
                   أنت خـــــــــبز نفســــي الروحــي .
أنت القــــــــــوة التي تعطـــــي القـــــــوة  لعقـــلي .
أنت الذي أحييت مـوات آمــالي ،فكيـــــف لا أحبــك ،
لقد ارتكــــبت الفســق ،
و كذلك جميع من حولي كانوا يفسقون ضد إرادتك ،
و هم يقولون لي ( حسـناً تفعل ! حســناً تفعل !)
غير علمين أن محبة هذا العالـــم هي عــداوة لك .


* *     *
و لكن الآن ناد يا إلهي في أعماق نفسي ،
و دع حقـــــــك يخــــــبرني قائـــــــــــــلاً :
( لا تفعـــــــل هـــذا ! لا تفعـــــل هـــذا )


مرفوع يحجبني عنك :
و لم يكن هذا البرقــع هو الفـاصـــــل الوحيــد بيني و بينـك ،
بل كان يوجد هنــــــــــاك فاصــــل آخر يفصــــلني عنــــــك :
- هو جهلـــي بك - الذي قد أعتـــــــذر به عن ضــــــلالي …


لا تدع أولئك الذين لا أخافهم أن يقفوا ضد رغبات نفسي ،
عندما أعترف لك يا إلهي مذعناً للقصاص الذي أستحقه
لسيري في طريق الشر لعلي أحب طرقك المستقيمة .


* *     *
..الرغبــة البحتة في المعرفة هي أقوي أثراً ،
فيمـــن يدرس مـــن ذلك الإكـــراه المخيـــــــــف ،
و إن كــــان الإكــراه لازماً لقمـع أوهــام الحريـــة ،
التــــــــي نجدها في نواميسك يا إلهــــــــــــي ،
و التــــــي لا يمكن ردعهـــا إلا بقصــــــــــــــاص
           كل من ينحرف عن الناموس أو قصاص ،
           كل من يدفعنا إلي الانحــــراف عنـــه ,
فنواميسك و إن بـــــــــدت ممزوجـــة بالمـــــــر ،
إلا إن فيها الشــــــــــــــفاء لنــــــــــــــــــــــــــا .
           لأنهــــا تدعـــونا إليــــــــــــــــــــــــك ،
مخلصة إيانا من تلك الشهوات المميتة ،
                التي أغوتنا عن طريقك .


* *     *
ويل لك أيتها الشهوة :
إنك تسودين علي البشر و تجرفينهم في تيارك ،
من يقــــــــدر أن يقـــــــف فـــــي طريقـــــــــك ؟


إلي متـــي لا تضعــــــف قوتــــــــك ؟
إلي متـــي تدفعـــــــين أبنـــاء حـواء
في خضـم محيطك الواسع المخيف ؟
ذلك المحيط الذي لا يقــدر أن يعـبره
إلا الذي يقدر أن يحتمــــل البـــلايا !!
و مع ذلك فهو لا يعبره إلا بالجهــــد .


* *     *
 
أيتها الشهوة أنــــــــــــــت ســـــيل شـــــرير ،
               يطرح البشـر أنفسهم في تيارك ،
               و هم يلقــون بأنفســهم فيــــك ،
               بحجـة أنهم يتعلمــــون علمـــــاً ،
               و هذا العلم لا يتحصلون عليــــه إلا بـأفدح الأثمان !!


ويل لك أيتهـــــا الشــــــهوة :
أنت تلطمــــين صخـــــــورك  و تزمجرين لكي تضمني النجاح أخيراً !!                     
أنت تدسين السم في آرائك و تضعـــــين في قلــــــوب البشــــــــر ،
*     * *
أعترف في حضرتك الآن يا إلهي - بدون ألم -
أنني من ســــوء حظـــــي أننــي تعــــلمت باختيـــــاري ،
و بعــــزم كبـير هــــــذه الألفـــــاظ و هــــــذه القبـــــائح ،
حتى إذا برعت فيها قالوا عني ( إنه صبي يُرجى منه ) .
* *     *
احتملني يا إلهي :
عندما أتكلم قليلاً عن ذكائي الذي هــــــو عطيتـــك!
هذا الذكـــاء الذي أضعتـــــــــه في الغـــرام الدنــس ،
و لكــــن ماذا استفدته أنا مــن هــذه الأســــــــطورة
                يا إلهــــي يا حيــــاتي المســــتقيمة ؟
          ماذا استفدت من كون مقالاتي التي كتبتها
في ذلك الوقت كانت أفضل من مقـــالات الكثـــيرين ،
ممــن هــــم في ســــني و مـــنزلتي ؟ ؟ ... أليس كل هذا بخار و هواء ؟ ؟
.. ألم يكن هناك علم آخر أتعلمه لأختبر به ذكــــــــــــــــــــــــائي و لساني ؟


أليســـــــت تســــابيحك المدعمــــــــة بكتبك المقدسة يـــــــــــــا رب ،
هي الضربة السريعة النهائية ،التـــــــي أنفتح لهـــــــــــا قلبــــــــــــي ،
فسار في طريق الهداية بعد أن كــــــان غنيمة دنســــة لطيـــــــــــــور الســماء ،
وسط هذه العلوم التافهة التي يقدم بها البشر أنفســهم ذبائح للملائكة الماردين.


* *     *


أما أنت يا رب فقد كنت تبصر كل هذا صامتاً -
ــ لأنك طويل الأناة و صادق كثير الرحمــة -
و لكــن هـل تســــــــكت إلي الأبـــــــــــــد؟
لقد أخرجت من هــــذا الطــــريق المخيــف.


تلك النفس التي كانت تبحـــــــث عنــــك !!
تلك النفس العطشى إلي ينابيعك العذبة !!


لقد نادتــــك من أعمـــاق القـــلب قائـــلة :
                " لــــــــك أطــــلب
               و لوجهـــك يـــــا رب ألتمس " .


* * *
إن الميـــــــول المظلمـــــــة ليســـت بخـــافية عليــــك ، و لا هــي بعيــدة عنـك .
فالبشـــــــــــــــــــــــــــــــــر إنما يبتعــــــدون عنــــــــــك و يعودون إليك بإرادتهـم ،
                                لا بأقدامهــــــــــــــــــــــــــم و لا بتغــــيير المكـــــان .


فالابن الأصغر لم يبتعد عنك لأنه نظر المركبات و الخيــول أو المراكب فسارع إليها ،
كمــــا أنـــــه لم يبتعد عنك ســــــــائراً علــي قدميــــه إلي كـــــوره بعيـــــــــدة ،
                               لينفــــق بإســــراف كل ما أعطيتـــــه له عند سـفره .
و إنما ابتعد عنك عندمـــــا :
                              انصرف إلي شـهواته و جرى وراء ميولـه المظلمة .
فهنا يكــون البعد الحقيقي عنك ،
و مـــع ذلك عنـــــــــــــدما أعطيته ما أعطيته له عند سفره كنت له أباً محباً ،
            و عندمـــــــــــا عـــــاد إليــــــــــك فارغـــــــــــــاً كنت له أكثر حباً .


* *     *
تطلــــــع أيها الرب مــن عليـــــــائك .
تطلــــــع بطول أناة كما هي عادتك !


تطلــــــع إلي بنـي البشر ،كيف أنهم
          يحفظــون بعناية زائـــــــــدة
          القواعد المتفق عليها للحروف ،و مقاطــع الكلمــات ،
          التـــي تســـــلموها ممـــــن ســـــــــــــــــبقوهم  ،
متغافلين عــــن ذلك الميثـاق الأزلـــي للخــــلاص الأبــــدي
         الـــذي ســــــــلمتنا إيــــــاه !


لأنك أنـــــت يا إلهي فد أنسيته الحكمة .
حقـــــــــــــاً يا لعمـق حكمتـم يا اللــــه !


ما أعظمـــك لأنك أنــت العظيـم وحـدك !
إنـــــــــــــك في سموك تجلــس صامتاً ،
و تقضـــــي - بشــــرع غـــير محـــــــلل -
بالجهل علي كل من انحــرف عن طريقك ،
و انســـاق وراء رغبـــــــاته الشــــــــريرة .
* *     *
اســتغيث برحمتــــك يا إلهـــــي مـــــن هـــذه الأثـــام ،  
التي نمت بذرتها في نفســـــي عندما صرت أكبر سناً .


* *     *
........... أيهـــا الـــــــــــــــــــرب خالق المسـكونة و قاضيها ،
أنــــــــــــت أيهـــا الفـــائق جــــداً و الصـــــــالح جـــــداً هــــو  ،
الـذي يليـق بــــك الشـــــــــــــكر يا إلهنــــــــــــــــــــــــــــــــا ،
لأنـــــــــــك منحت هـــــذا الامتيــــــــاز للأولاد فقــــــــــــــــط ،
لأننــــــــي و أنا منهـــم قد عشـــــــت و سقطت في الخطية ،
و رغم ذلك فإنني قد تحصلت علي تلك الذخـــــيرة الثــــــابتة ،


إذ كنــــــت متحــــــــــداً بــك اتحــاداً ســــــرياً ،
و لقد أدركت ســـــــــــــر ذلك الاتحــــــــــــــــاد ،
             بإحســـــــــاسي الداخــــــــــــــلي ،
و أنا أفكـــر في تـــــلك الأمــــــــــور الدقيقــــــة ،
التي كانت تتتابع أمامي فأشعر بها و أفكـر فيها .


...هذه كلها مواهبـــــك لي يا إلهــــي التي لم أمنحها لنفسي .
هــي مواهـــــب صــــــالحة و هي معاً معــــــي هي أنا نفسي .


صـــالح إذن الذي خلقــني و هــــو صــــلاحي ،
و أمامـــــه أتهلل بكل شئ حسن كان عندي ،


و أنا صبي،لقد كانـــت خطيتــي،
و ليســت خطيتي أنا وحـــــدي ـ بل خطايا كل مخلوق أخر ـ
لقـــــــــد كـــــــانت خطيتـــي :
إنني سعيت في الحصول علي الملــذات و المجـــد الباطــل ،
مـــــع إنــــــــي كنـــــــــــــــت أطـــــــلب الحــــــــــــــــــــق ،
و هكذا سقطت بنــــزق فـــــي الأحزان و الاضطرابات و الزلات .

الشكر واجب لك يا إلهـــي يا فرحـي و فخري و رجـائي .
الشكر واجب لك علــــــي عطـــــــــــــــــــــــــــــــــاياك ،
فهــــــــــــــــــل ستديمها لي ما دمـت ستحافظ علي ؟
إن هذه الأشياء التي أعطيتني إياها ستزداد و تكمـــل ،
و أنـا نفســـي  ســـــــــــــــأكون معـــــــــــــــــــــــــك ،
ما دمت أنـــت  قد وهبتني أيضـــاً هذه المـــــواهب !! .  




ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق