خصائص سيرة السكون :
ينبغي علينا ــ بحكم الضرورة ــ أن نعرف ما هي الطـــرق و
الإفــرازات
( أي الأمور
المتميزة التي يختص بها )
هذا العمـــل الهـــــــــادئ الطـــــــيب الـــــذي
هــــــــو الســـــكون .
لأنه ليـــس من بدايــة سيرة الســـكون يجد
(الراهب ) هذه الإفرازات
فـــــأول الطـــــــــريق و بـــدء
الســـيرة واحد لجميـــــع الرهبـــــــــان ،
و هو معروف لكل أحد لأن عمله ظــاهر ، و محـدد عن
غـــيره و هــــو :
خدمة المزامــــير و الصــوم الظاهر الملمـــــوس ،
و أن يكون للإنسان قـــــراءة في
الكـــــــــــــتب .
و فـــــــي البدايــة لا
يحــــــس بفهـــــــــم ما يقـــــــرأه حتــــــى لـــو كـــــــــــان
معلــــــماً فطنــــــاً جداً حاذقاً في القراءة المعتادة ( أي العلوم
العالمية ) والمنطق ،
لأن الفهم الحقيقي الذي
حســـــــــــــب غــــرض الـــــــروح ،
يكـــون علي قـــــدر نمو الإنسان الداخلي و في
هذه السيرة
و تقدمـــه و نجاحــــــه في
التدبير الخفي (أي الروح ) ،
فعلي هذا الحــــد يتـــــذوق (ما يقــــرأ ) بالقــــوة
الإلهيــــــــــة
التي تسوسه و تدبره في هذا البحر المتسع الذي هو الســكون .
ولهــــــذا ـ حسبما قلت ـ
إن البدء واحد و الطريق واحد لكل من يتدبر في سيرة السكون ،
و بعد ذلك ـ إذا نجــح فيـــه تخـــــرج منـــه ـ الطرق و الســـــبل
التي ذكرناهــا و بيناهــــا ( في الحديث عن استنارة النفس ) .
فقــــــد يتفــق أن يربــح أحد النـــاس بجــزء من أعمــاله أكثر من غــيره ،
وذلــــــك بمـــا يصـــادف فيـــه من النجــــاح و الســــهولة
و التقـــــــــدم ،
وكلمــــا يداوم الجهاد فيه يحظـــــــــــي
بنقـــاوة الأفكار و اسـتضاءة
العقل أكــــــثر من بقيــــــة الأعمال
،
و لهذا فهو يداوم عليه و يجعله مرجحـاً علي غيره (
من الأعمـــــال )
و ذلك لا يكــــــــــــون كيفمــــــــا
اتفـــــــــق بغــــير ترتــــــــــــــيب ،
بل بعــد خبــرة طويلة يتـــذوق ممـــيزاته ( أي مميزات هذا العمــل )
ويدرك ربحه و أثمــــار المعــرفة
المكنــوزة التي قد أخدرها في نفسه
أما من قراءة أو خدمة المزامير وإما صلاة ،وإما هذيذ ، وإما مطانيات ،
و إما التـــــــلاوة القلبيـــــــــة التي يصـــــلي بهــــا فـــي الخفـــــاء .
و هذا يكون حســـبما قيـل ان الكامــــلين غير موضـــــــوع عليهــــــم نامــــــوس ،
و هــــــــــــــم لا يلتفتون إلي البشر و لا
إلي أشــياء و عـادات بشرية ،
و كــل عمـــــل يبدأون فيه فإنهم يعملونه بتدقيق
ومخافة ، لا بتهاون ،
و لأجل هــــــذا يجـدون العــون و ينجحــون ( ويتقدمون ) إلي الأمــــام .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق