مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الأربعاء، 10 أبريل 2013

رسالة إجابة على سؤال للأب سيماؤون ـ ميامر مار اسحق ( الميمر 15 ) ـ الجزء الثانى .

الميمر الخامس عشر ( 7 )
رسالة
إجابة على سؤال للأب سيماؤون

الســــــؤال :
 إن ســــيدنا شـــــبه الرحمــــــــــة ( أي رحمة القريب )
 بتلك الرحمة العظمى أي رحمة الأب الذي في السموات
  فلمــــاذا إختــار الرهبــــــان الســــكون و آثـــروه عنهـــا ؟

الجــــــواب :
حسناً هو قولك و سؤالك لي عمل ورد في الإنجيل ،
 هل يقـــــاس تدبــــير الســـكون بالرحمـــــــــــة ؟ 
                         نعمـاً تســــــأل عن مثـــل في الإنجيــل المقــدس
                         و أردت إيضاحاً عن السيرة العظمى سيرة السكون .


 إننا لسـنا ضــد هــذه الوصيــــة و لا نطـــلب إبطالهــــا كأمـــر زائـــد لا حاجــة لنـــا بـه ،
فالرب حدد أن الرحمة تشبه عمل الأب و يقرب متمميها إليه هذا أمر صحيح لاشك فيه 
و نحن الرهبـــان لا نلـــزم الســـكون لأننـــــا بـــلا رحمــــــة
بل نبتعد عن الاهتمـــام بالجســديات و التخبـط بقـدر قوتنــا ،
و نكون حريصين على ذلك ، ليس لأننا نقاوم الأمور الضرورية
لكننا نتوافـر على السـكون حتى نثبت مـلازمين لله تعالى .

و بهذا الســكون يمكنـــا أن نهـــدأ و نصفوا كثــيراً من المكــدرات ، و نقــترب مـــن الله ،
و لكن إذا ألجأتنا الضرورة في وقت ما لفترة من الزمان فما يليق بنا أن نتهاون بالمحبة
لأجل الســكون و لنغـــصب أنفســـنا دائمـــاً لنصـــير كامـــلين في كل وقت
في نطاق الرحمة لسائر الطبيعة الناطقة و ذلك لأن هذا بأمر و تعليم المسيح.

ومن قواعــــد ســـــكوننا وليـــــس الأمــــــر جزافــــــاً أو كيفمــــا اتفــــــــــق
فلا نحفظ فقط الرحمة في داخلنا بل متى دعت الحالة واضطررنا إلي العمل
بسبب حدوث أمر من الأمور الضرورية ، فما يليق بواحد منا أن يتهـــــاون في
 إظهـــــار محبتــــه بالفعل ظهورا واضحاً .

ســيما أولئك أصحــاب السـكوت الكلي 
الذين فرضــوا على أنفــسهم ألا يـلاقوا أحــداً إلا طبقا لقانون ( أي نظام ) الأســابيع ،
وأيضاً أولئك الذين فرضوا على أنفسهم سكوت لمده اسابيع محددة اى لفترات محددة .

فهؤلا لايمنعوا أنفسهم بسبب هذه القوانين( أي الأنظمة )  .
عــن إتمـــــــام تــــــلك الأشـــــــــياء ( أي عمل الرحمة )
 لأنه ربما يكون هناك إنسان قاسي بعيداً عن محبة البشر ويكون سكوته للرياء .

و إذا كنا قد عرفنا إنه بدون محبة القريب
لا يمكـــــن للعقــــل أن يســـتنير فــــي المحــــــــادثة و الحـــــــــب الإلهــــــــي
 فأي راهب إذا كان من الرهبان الحكماء عندما يرى أخوه أو قريبه جائعاً أو عرياناً
وكان لديه ملابس أو طعام و يحتمل أن يمسك هذه الأشياء عنه ؟!
أو من هو الذي يشاهد أخاه مريض الجسم وليس له من يفتقده
 ولميله إلي الســـكون ولكيــــلا يقطع نظام الانفــــراد والتوحــــد
يؤثر ذلك على نياح أخيه وقريبه ؟

أما إذا لم توجد مثل هذه الأمور ولا هي قريبة منا
فإننا نحفظ في عقلنا المحبة والرحمة نحو القريب ،ومتى كانت هذه الأمور قريبة منا
فلنكمل المحبة والرحمة للقريب عملياً أيضاً لأن الله يطالبنا أن نكملها ونتممها بالفعل.

أما إن كنا لا نمـلك شـيئاً من القنية ، فهو لم يأمـــرنا أن
نلقي نفوسنا في اهتمامات وتخبطات لأجل المساكين ،
لكن يطلب منا ما في مقدرتنا .

إن سيرتنا توجــب علينـــا الابتعــاد عن النـــاس
 وعن رؤيتهم ومن الاختلاط بهم والجلوس معهم
و لا يليق بنا قلالينــا ومكــان توحــــدنا وانفرادنـا
ونســلم أنفسنا لندور و نطــوف العالم و نتعهـــد المرضى
ونتشــــاغل بهــــذه الأعمـــــال لأنـــه مـــــن الظـــاهر
إن هذه الأمور هي انحطاط وانحدار من الأعلى إلي الدون .

أما إذا كان الراهب بالقرب من الكثيرين وسكنه بجوار الناس
وينال راحة من تعب آخرين معه في زمـان صحتــه ومرضـــه
 فيجب عليه هو أيضاً أن 
                              يعمل معهم كما صنعوا هم به فلا يطلب هو راحته من آخرين
                              وعندمـــا يـــرى ابن جنســـه وابن شـــكله وزيــه في ضيــــق
                              لا بل الأولى أن نقــــول أنه يبصـــر المسـيح طريحــاً متعبــــــاً
                              يفــر و يختفــي عنـه وينهـزم من تخيـله الكــاذب عن السكون
                              فكل من كان هكذا فهو غير رحيم .

وإن أتيت إلي بذكر يوحنا التيباسي و أرسانيوس و من يشبهما وتقول لي :
من هؤلاء سـلم نفســه إلي مثــل هذه الأشــياء
أو أهتم بأحد المرضي والمساكين وترك السكون ؟


 فأقول لك :
 لو كنت قد بعدت أنت عن كل راحة بشرية وزهدت في لقاء الناس مثل هؤلاء
لكان لك أن تطرح المرضى والمحتاجين ولا تتعاهدهم
أما إن كنت بعيــداً عن ذلك و عن طـــريق الكامــــلين
وتداوم على أتعاب الجسد ( أي مهتم بالأعمال الجسدية )
وتلازم الحديــث مع النـاس وقريب منهم في كل وقـــــت
فينبغي ألا تتهاون بالوصايا التي يقتضي حفظها لمن في منزلك
و لا تحتــــج  بسـيرة الآبـاء العظـماء  و القديســين الكامــــلين
 الذين أنت بعيــداً عن طرقهــم . وأنا أذكر هــذا الأب العظيــم ،
فمـــا كتـــب عنـــه يقطــع حجــج الــذين يتهــاونون بإخوتهــم
إنه مرة ذهب ليفتقد أخا مريضاً ولما ســأله عما يشتهيه قال :
اشتهي خبزاً طرياً
فمضى ذلك المستحق الطوبى من الإسقيط إلي الإسكندرية
وكان ابن سبعين سنة و استبدل خبزه اليابس بخبز طري وأحضره إلي الأخ .

و لقـــد فـعـــل أعظـــم مـــن هـــذا قــــديس آخـــر مــن الآبــاء و هــــو الأب أغــــــــاثو
 هذا الذي كان يلزم الصمــت والســكون والهــدوء طـول أيام حيــاته أكـثر من كل أحــد
أنه مضى مرة إلي الريف ليبيع شغل يديه فوجد في السوق إنساناً غريباً ملقى مريضاً
فاستأجر له بيتا وأقام معه يعمل بيديه وينفق عليه ويدفع إيجار البيت
وظل يخدمه ستة أشهر إلي أن عوفي وبرأ ،وكان هذا القديس يقول :
أني أشتهي أن أجد واحـداً مجزومـاً فأعطـيه جسـدي وآخذ جسـده .

هذه هي المحبــــة الكامــــلة محبــــة الخائفــين من الـــــرب .
لقد قال الرب إن الناموس والأنبيـاء متعــلق بهاتــين الوصيتـــين
وهمـــا محبــة الله تعالى ومحبــة القريــــب )مت 22 :   37ــ 40 ) 
وهذه ( أي محبة القريب ) عندما يكون بيدهم ( أي المتوحدين )
عملها وتكميلها فما كانوا يتركونها تفوتهم ولو كانت شاقة جــداً
أما الأولى أي محبة الله فهي بقصد وغرض اقتناء ثاؤريا أي الرؤيا الروحية
وهي بطبيعتها تخـــص الفكـــر فلا تحتــاج إلي العمــل الجسدي
 أو عمــــل مـــــادي لأن فعلهـــــــا بســــيط يكمـــل بالعقـــــــل
 وذلك حســــب بســـاطة المســــجود له الذي هو عـــلة الكـــل
 والذي يفوق إحساس الجسد واللحم .

أما الوصية الثانية التي هي :
محبــــة القـــريب فهـــي تقـــوم على العـلم و العمـل
بحسب الطبع الإنساني المزدوج ( أي الجسد والروح )
فهكـــذا يكـــون عملهـــا مزدوجــــاً بالتصـــور العقــلي ،
و هــذا الشــق غير منظور وتكمل أيضاً بالجسد ظاهرياً
 أي تعمل خفية في الذهن و بالعمل مع عمــل النيــة
و ذلك لأن الطبيعة البشرية مركبة من جزئين أي الجسد والنفس
و هكذا يكـــون تصـــرف الإنســان مزدوجــاً حسـب ازدواج خلقته
و لأن العمل يسبق العلم ( أي إدراك الروحيات ) في كل شــيء
و غير ممكــــن لأحــــد أن يرتفـــــــع إلي ما هــــــو أعلى
 قبل أن يكمل بالفعل المطـــلوب عمـــله بالجســــد أولاً ،
لذا لا يقدر أحد أن يقول أنه يكمل محبة القريب أو يقتنيها
إذا ما تـرك هـــذا الجـــــزء أي الــــذي يعمـــل بالجســـد
 حسب القدرة والإمكان ومناسبة الفرصـــة و ســـهولتها .

و ليس صحيحاً أن يكون قد اقتنى تلك المحبــة بالتصــور العقـــلي الصحيـــح ،
و هكذا تعرف وتكمل محبة القريب في المؤمن الحقيقي حسب الاستطاعة .
و عند ذلك تعطــى للنفـــس قــوة لتنطلق إلي ذلك الجــزء المرتفــع الجليل .
و التصـــــــور للإلهيـــــــــات بالخلجـــــــــــات البســـــــــــيطة لا تشــــــــبه .

و الإنسان الذي لا يكمل محبة القريب التي تتم بالجسم بأفعال منظورة بسبب توحده
يكفيه حينئذ أن يحفـــظ محبــة القــريب في فكــره مع محبـــة الله ،
إذا كـــان قــــد اقتنــــي الجـــزء العــــــالي ( أي ثــاؤريا الإلهيـــات )
لاكتفائه بالحبس الدائم ، أما إن كنا عاجزين عن إتمام عمل السكون
فينبغي أن نكمل الوصية الثانية أي محبة القريب بالعمل المحسوس
كمــا تدعــو الضــرورة ونتمـــم راحـــــة إخوتنـــا بتعــــب أجســــامنا
 و لا تكــــون حريتنــــــــا حســــب هــــــــوى الجســــد
 إذ يكون لنا فقط اسم التوحد كأننا نتفاوض مع الله دائماً
و نحن نهدس ( أي نفكر ) ونشقى باطلا ً.

لأنه معلوم لكل أحد أن من
أبتعد عن المحادثات والخلطة بالناس والقرب منهم كلياً
و صار ماًئتــــا عنهـــم لأجـــل مفاوضتــه مع الله وحـــده
 لا يطـــلب من مثــــــــل هــــــذا أن يخــــــدم الناس .

أما إن كان يتبع نظام سكون الأسابيع فيخرج و يختلط بالنــاس في نهــاية الأســبوع
ويتعزى بالمفاوضة معهم( ومع هذا ) يهمل الاعتناء بأخيه إذا نظره متضايقاً أو مريضاً
ظاناً أنه يحفظ قوانين ( أي نظام ) الأسابيع
 فهذا يكون بالحقيقــة قاسـياً و أمــره معــروف أنه بســبب عدم الرحمــة
وبسبب الأوهام الكاذبة لا يريد أن يدخل نفسه في شيء من هده الأمور .

 و من البين الواضح أنه لا يمتلك الرحمة .

و اعــلم أن المتهــــاون بالمــــريض لا يبصـــــر نــــــوراً ،
 و من يغص النظر عمن هو في ضيقة يظلم عليه النهار ،
 و المزدري بصوت المتعــب فانه في الظــلام يســـــلك .

لا نمتهن بجهلنــا الاســم العظيــم ، اســم الســــكون ،
لأن لكل ســـيرة وتدبـــــير وقـــت و زمــــان و إفــــــــراز

و بغير ذلك باطل هو عمـل السـاعين كل في منزلتـــــــه
لأن الله عـــارف الكــل و حســب القـــدرة يقبــل عمــله 
فالذي يرجو المساندة في وقت مرضه أو ضيقته و تجربته
لكي يصير عمله بفرح في وقت سكونه بعيداً عن الكبرياء والأوهام وضلالة الشياطين .

لأن العمل الملائكي أي عمل السكون هو أمر عظيم
متى امتزج به الإفراز الضروري لآجل حاجتنا للتواضع لئلا نسرق من حيث لا نعلم .

و لقد قال احد الآباء العارفين :
 إن شــــــيئاً ينجــــــى مــن شـــــــيطان العظمــــــــة
ويساعد على حفظ العفة في وقت اشتداد قتال الزني .
 مثل افتقــاد التعــابي من أمــراض وأســقام الجســـد .

يا أخوتي :
 أنا قلت هذا لا لكي نهمـــــل و نزدرى بعمل الســــكون ,
فنحن في كل موضع نتمســـك بقولنــا في هـــذا الصدد ,
و لم نحد هنـــا إلى الضـــد مقاومــين لمــــا قلنــــــــــاه ,
فلا يتحجج أحد المفسرين ولا يخرج معارضنا قولا (هكذا) ,
فأنا اذكــر أنى قلـــت في مواضـــع كثيـرة ـ داعياً وطالباً ـ
 إن عرض لإنسان أنة توقف تماماً (عن ممارسة النسك ) بسبب مرض اعتراه
 فـــلا يختـــار الخــــروج  (كأنــــه أفضـــل ) من توقفـــه هـذا ,
ولســـت أعـــنى بهـــذا أنه ما قــضت أن تخــرج من حبســنا
لكي نربح بذلك راحة وأخينا أو حياته فلا نحسب هذا البطالة .

فإن فكر الإنسـان إنه أعلى وأرفع من جميع الأمــور الحاضـرة ,
و ان ابتعـــاده عـــن كــــل عمــــــل ظـــــــاهر منظـــــــــــو ر,
و هو لآجل ثبات مداومته مع الله , 
فاختفائه عن هذه الأشــياء واجــــــب , ولمـــــــــاذا ؟ ,
 لأنه عظيم وهو عمل التمييز للقوم الذين يساعدهم الله ,
والذي بكثرة رحمته  يمنحنا إن نتمم القول الذي قاله :
" مهما شئتم إن يعمل الناس بكم فافعلوا أنتم بهم " )مت 7 :   12)

الذي يليق  له المجد والتسبيح إلى الأبد .
 أمين .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق