مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

الرسالة الرهبانية السابعة للأنبا أنطونيوس الكبير

الرسالة السابعة للقديس أنطونيوس
 أبنـــــــائي :
إنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلنا إفتقر و هو غنى لكى نستغنى نحن بفقره
( 2 كو 8 :9 ) . إنظروا إنه قد صار عبداً ، فجعلنا احراراً بعبوديته ، و ضعفه قد شددنا و أعطانا القوة ، و جهالته قد جعلتنا حكماء .
و أيضاً بموته صنع قيامة لنا . حتى نستطيع أن نرفع صوتنا عاليا و نقول :
و إن كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد كذلك , و لكن إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة( 2 كو 5 : 16 ـ 17 ) .
   
حقاً يا أبنائي الأحباء فى الرب :
أنى أخبركم إنه فيما يخص نواحي الحرية التي تحررنا بها ، فلا يزال عندي أشياء أخرى كثيرة لأقولها لكم ، و لكن ليس هناك وقت الآن لذلك .

الآن أحييكم جميعاً يا أبنائى الأعزاء فى الرب :
أيها الأبناء القديسون الإسرائيليون فى جوهركم العقلى . حقاً إنه من المناسب لكم ، يا من اقتربتم من خالقكم ، أن تطلبوا خلاص أنفسكم بواسطة ناموس العهد المغروس ( فى الداخل ) . ذلك الناموس الذى جف و توقف بسبب كثرة الإثم ، و إثارة الشر ، و إشتعال الشهوات ، و إنعدمت حواس النفس ، و لذلك لم نعد قادرين على إدراك الجوهر العقلى المجيد ( الإنسان الباطن ) ، بسبب الموت الذى سقطنا فيه . لذلك كما هو مكتوب فى الكتب الإلهية :
كما فى آدم يموت الجميع , هكذا فى المسيح سيحيا الجميع ” ( 1كو 15 : 22 ) . لذلك فإنه هو الآن حياة كل طبيعة عاقلة مخلوقة على مثال صورته ، و هو نفسه ( المسيح ) عقل الآب و صورته غير المتغيرة ( عب 1 : 3 ) . أما المخلوقات المصنوعة على صورته فإنها من طبيعة متغيرة لأن الشر قد دخل فينا ، و به متنا جميعا ، حيث إنه غريب عن طبيعة جوهرنا العقلي . و من خلال كل ما هو غريب عن طبيعتنا ، صنعنا لأنفسنا منزلاً مظلماً و مملوءاً بالحروب . و أشهد الآن لكم أننا قد فقدنا كل معرفة الفضيلة . و لذلك فإن الله أبونا رأى ضعفنا ، و رأى أننا أصبحنا غير قادرين أن نلبس لباس الحق بطريقة سليمة ، لذلك جاء لكى يفتقد خلائقه بواسطة خدمة قديسيه .
  أتوسل إليكم جميعاً فى الرب , يا أحبائي :
أن تفهموا ما أكتبه لكم ، لأن محبتي لكم ليست محبة جسدية ، بل محبة روحية إلهية . لذلك أعدوا أنفسكم للمجئ إلى خالقكم ،و مزقوا قلوبكم لا ثيابكم ” ( يؤ 2 : 13 ) ، و إسألوا أنفسكم ماذا نستطيع ” أن نرد للرب من أجل إحساناته لنا ” ( مز 116 : 11 ) ، الذى حتى و نحن فى مسكننا هنا , و فى مذلتنا ، ذكرنا فى صلاحه العظيم و حبه غير المحدود ” و لم يصنع معنا حسب خطايانا ” ( مز 103 : 10 ) ، و هو الذى سخر لنا الشمس لتخدمنا فى بيتنا المظلم هذا ، و عين القمر و جميع الكواكب لأجل خدمتنا ، و جعلهم " يخضعون للبطل الذى سيبطل " ( انظر رو 8 : 20 ) و ذلك لأجل تقوية أجسادنا . و توجد أيضا قوات أخرى كثيرة قد جعلها لخدمتنا ، و هى قوات لا نراها بالعين الجسدية .


  و الآن بماذا سنجيب الله فى يوم الدينونة ,
و أي خير ينقصنا , و هو لم يهبنا إياه ؟
الم يتألم رؤساء الآباء لأجلنا ألم يمت الأنبياء لأجل خدمتنا ؟
أو لم يضطهد الرسل من أجلنا ؟ أو لم يمت ابنه المحبوب لأجلنا أجمعين ؟
و الآن ينبغى أن نعد أنفسنا لملاقاة خالقنا فى قداسة . لأن الخالق رأى خلائقه ـ
و حتى القديسين ـ لم يستطيعوا أن يشفوا الجرح العظيم الذى لأعضائهم . لذلك لكونه أب المخلوقات , فإنه عرف ضعف طبيعتهم جميعا ، و أظهر لهم رحمته ، بحسب محبته العظيمة .
" و لم يشفق على إبنه الوحيد لأجل خلاصنا جميعاً بل بذله لأجل خطايانا " ( انظر رو 8 : 32 ) ." و هو مسحوق بآثامنا و بجلداته شفينا " ( إش 53 : 4 ) .
و جمعنا من كل الجهات بكلمة قدرته ، حتى يصنع قيامة لعقولنا ( أرواحنا ) من الأرض ، معلما إيانا أننا ” أعضاء بعضنا لبعض ” ( أف 4 : 25 ) .
   لذلك يجب علينا فى إقترابنا من الله أن ندرب عقولنا و حواسنا لنفهم و نميز الفرق بين الخير و الشر ، و لكى نعرف تدبير يسوع الذى صنعه فى مجيئه ، كيف أنه : " جعل مثلنا فى كل شئ ما عدا الخطية وحدها " ( عب 4 : 14 ) . ولكن بسبب إثمنا العظيم ، و إثارة الشر ،

و تقلباتنا المحزنة ، فإن مجيئ يسوع صار جهالة فى نظر البعض ، و للبعض عثرة ، و أما للبعض الآخرين فهو ربح ، و للبعض حكمة و قوة ، و للبعض قيامة و حياة ( 1 كو 1 : 23 ـ 24 ) . و ليكن هذا واضحا لكم ، أن مجيئه قد صار دينونة لكل العالم . لأنه يقول : ” ها أيام ستأتى يقول الرب , و سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم , و لا يعلمون كل واحد قريبه و كل واحد أخاه قائلا إعرف الرب , و سأجعل اسمى يصل إلى كل أطراف الأرض . لكى يستد كل فم و يصير كل العالم تحت قصاص من الله , لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله ” ( إر 31 : 34 , رو 3 : 19 و 1 : 21 ) . و بسبب غباوتهم لم يستطيعوا معرفة حكمته ، بل إن كل واحد منا باع نفسه لعمل الشر بإرادته و صار عبدا للخطية .

  لهذا السبب : " أخلى يسوع نفسه و أخذ صورة عبد " ( فى 2 : 7 ) , لكيما يحررنا بعبوديته . و نحن قد صرنا أغبياء ، و فى غباوتنا و جهالتنا ارتكبنا كل أنواع الشر , و لذلك أخذ شكل الجهالة حتى بجهالته نصبح حكماء . و قد صرنا فقراء و فى فقرنا افتقرنا إلى كل صلاح و فضيلة ، لذلك : " أخذ شكل الفقر لكى بفقره نصبح أغنياء فى كل حكمة و فهم " ( 2 كو 8 : 9 ) . و ليس هذا فقط بل إنه أخذ شكل ضعفنا حتى بضعفه نصبح أقوياء . " و أطاع الآب فى كل شئ حتى الموت موت الصليب " ( فى 2 : 8 ) ، " لكى بموته يقيمنا جميعاً . لكى يبيد ذاك الذى له سلطان الموت أي إبليس " ( عب 2 : 14 ) . فإذا تحررنا بالحقيقة بواسطة مجيئه و تشبهنا بتواضعه فإننا نصير تلاميذ للمسيح ، و نرث معه الميراث الإلهي .

    حقاً يا أحبائي فى الرب :
إنني منزعج جداً و مضطرب فى روحي لأننا نلبس ثوب الرهبنة و لنا اسم القديسين ، و نفتخر بهذا أمام غير المؤمنين . و أننى أخشى لئلا تنطبق علينا كلمة بولس الذى يقول ” لهم صورة التقوى و لكنهم ينكرون قوتها ” ( 2 تي 3 : 5 ) . و بسبب المحبة التي عندي من نحوكم ، أصلى إلى الله من أجلكم , أن تفكروا بعمق فى حياتكم , و أن ترثوا الأمجاد غير المنظورة .
حقــــاً يا أبنـــــائي :
اننا حتى إذا أكملنا عملنا بكل قوتنا فى طلب الله فأي شكر نستحق ؟ لأننا نطلب فقط مكافأة لنا ، نحن فقط نطلب ما يتفق مع طبيعة حياتنا الروحية و جوهرنا العقلي . لأن كل إنسان يطلب الله و يخدمه بكل قلبه ، فإنما يفعل ذلك وفقا لجوهره و هذا طبيعي بالنسبة له . أما إن صدرت منا خطية ، فإنما هي غريبة عن طبيعة جوهرنا ( الروحي ) .

يا أبنائي الأعزاء فى الرب :
يا من أنتم مستعدون لتقديم أنفسكم ذبيحة لله بكل قداسة , أننا لم نخف عنكم أي شئ نافع ، بل أظهرنا لكم كل ما قد رأيناه أن أعداء الصلاح يدبرون الشر دائما ضد الحق . و خذوا من هذا كلمة منفعة بأن ” الذى حسب الجسد يضطهد الذى حسب الروح ” ( غل 4 : 29 ) . ” و جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى فى المسيح يسوع يضطهدون ” ( 2 تي 3 : 12 ) .
و لأن يسوع عرف كل الآلام و التجارب التي ستأتى على الرسل فى العالم ، و انهم بصبرهم سيقضون على قوة العدو ، أي عبادة الأوثان , لذلك عزاهم بقوله : ” فى العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ” ( يو 16 : 33 ) . و علمهم قائلاً : ” لا تخافوا من العالم لأن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا . إن كانوا قد اضطهدوا الأنبياء الذين قبلكم , فسيضطهدونكم , و إن كانوا يبغضونني فسيبغضونكم أيضاً . و لكن لا تخافوا لأنكم بصبركم ستبطلون كل قوة العدو ” ( رو 8 : 18 , مت 5 : 12 , يو 15 : 20 , لو 21 : 19 ) .

  أما عن معاني الحرية التي نلناها فعندي الكثير : " و لكن اعط فرصة للحكيم فيصير أوفر حكمة " ( أم 9 : 9) . و مع ذلك فإننا نحتاج إلى التعزية المتبادلة بكلماتنا البسيطة . و لمحبتي فيكم كلمتكم بهذه الكلمات القليلة الروحانية لتعزية قلوبكم ، لأنى أعلم أنه إذا كان العقل قد بلغ الإدراك الحقيقي فلا يحتاج إلى كثرة الكلام الجسداني . و لكنني أفرح بكم جميعا أيها المحبوبون فى الرب ، أنتم الأبناء القديسون الإسرائيليون فى جوهركم العقلي .


لأن أول ما يحتاج إليه الإنسان العاقل هو :
أ ـ أن يعرف نفسه .
ب ـ ثم بعد ذلك يحتاج أن يعرف أمور الله ,
و كل الهبات السخية التي تهبها نعمة الله دائما و أبدا للإنسان .
ج ـ و بعد ذلك يحتاج أن يعرف أن كل خطية و كل إثم إنما هي غريبة عن طبيعة جوهره العقلي ( الروحي ) .

  و أخــــــيراً :
إذ رأى الله أنه بإختيارنا قد صارت لنا هذه الأشياء الغريبة عن طبيعتنا الروحية و أصبحت هي سبب موتنا هنا , لهذا السبب تحرك بالرحمة نحونا و بصلاحه أراد أن يرجعنا ثانية إلى تلك البداية التي بلا نهاية , ( أي حالتنا الأولى التي لا موت فيها ) و افتقد خلائقه , و لم يشفق على نفسه لأجل خلاصنا جميعاً . لقد : " بذل نفسه لأجل خطايانا " ( غل 1 :4 ) و صار مسحوقاً بسبب آثامنا ، و لكننا بجلداته شفينا ( إش 53 : 4 ) . و بكلمة قدرته جمعنا من كل مكان من أقصاء الأرض إلى أقصائها ، و علمنا " أننا أعضاء بعضنا لبعض " ( أف 4 : 25) .


 لذلك فإن كنا قد تهيأنا و عزمنا أن نحرر أنفسنا بواسطة مجيئه إلينا ، فلنمتحن أنفسنا كأناس عاقلين لنرى ماذا يمكننا ” أن نرد لرب من أجل حسناته التي صنعها معنا ” ( مز 116 : 11 ) . و هكذا أنا أيضا المسكين البائس الذى أكتب هذه الرسالة ، إذ قد نبه عقلي من نوم الموت بنعمته ، قد صرفت معظم زمان عمري على الأرض باكيا منتحباً و أنا أقول :  ” ماذا يمكننى أن أرد للرب من أجل كل إحساناته التي صنعها معى ” .


فليس هناك شئ ينقصنا إلا و قد تممه لنا و عمله لأجلنا و نحن فى مذلتنا . فقد جعل ملائكته خداما لنا . و أمر أنبيائه أن يتنبأوا ، و رسله أن يكرزوا لنا بالإنجيل . و التدبير الذى هو أعظم كل تدبيراته أنه جعل ابنه الوحيد يأخذ صورة عبد لأجلنا .

     لذلك فإني أتوسل إليكم , يا أحبائي فى الرب أنتم الوارثون مع القديسين :
أن تنهضوا عقولكم فى مخافة الله . لأنه يجب أن تكون هذه الكلمة واضحة لكم ، أن يوحنا السابق ليسوع عمد بالماء للتوبة لمغفرة الخطايا ليجتذبنا إلى معمودية ربنا يسوع الذى عمد بالروح القدس و النار . فلنستعد الآن بكل قداسة أن ننقى ذواتنا جسداً و روحاً لنقبل معمودية ربنا يسوع المسيح ، لكى نقدم ذواتنا ذبيحة لله . و الروح المعزي يعزينا ليردنا ثانية ، إلى حالتنا الأولى فنستعيد الميراث و ملكوت ذلك الروح المعزي نفسه . و اعلموا أن ” كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح , ليس ذكر أو أنثى , ليس عبد و لا حر ” ( غل 3 : 27 و 28 ) . و حينما بنالون تعليم الروح القدس تبطل منهم حركات الأفكار الجسدانية فى ذلك الوقت , حينما ينالون الميراث المقدس ” و يسجدون للآب كما يجب بالروح و الحق ” ( يو 4 : 24 ) . و لتكن هذه الكلمة واضحة لكم ، و لا تنتظروا دينونة آتية عندما يأتي يسوع ثانية , لأن مجيئه ( الأول ) قد سبق و صار دينونة لنا أجمعين .
     
لذلك اعلموا الآن أن القديسين و الأبرار ، الذين لبسوا الروح :
يصلون دائماً لأجلنا لكيما ننسحق أمام الله و نتحد بربنا و نلبس ثانية ذلك الثوب الذى خلعناه ، و الذى كان لنا منذ البدء أي صورتنا الأولى الروحية التي خلعناها بالمخالفة . لأنه كثيراً أيضاً ما جاء ذلك الصوت من الله الآب إلى كل الذين لبسوا الروح قائلا لهم : ” عزوا عزوا شعبي يقول الرب . أيها الكهنة كلموا قلب أورشليم ” ( إش 40 : 1 و 2 ) لأن الله دائماً يفتقد خلائقه و يسكب عليهم صلاحه .
      بالحقيقة يا أحبائى :
إنه يوجد معانى للحرية التى بها قد تحررنا و يوجد أشياء أخرى كثيرة لأخبركم بها . و لكن الكتاب يقول : ” اعط فرصة للحكيم فيكون أوفر حكمة( أم 9 : 9 ) .

ليت اله السلام يعطيكم نعمة و روح الإفراز ، لتعرفوا أن ما أكتبه إليكم هو وصية الرب
و ليحفظكم إله كل نعمة مقدسين فى الرب إلى آخر نسمة من حياتكم ،
إنى أصلى إلى الله دائما لأجل خلاصكم جميعاً .

يا أحبائى فى الرب نعمة ربنا يسوع المسيح تكون معكم جميعاً .
آمين

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق