تدبير المتوحد المفرد بالاسبوع
+ و الآن نتكلم عن تدبير المتوحد
الذي يمسك سكون الأســابيع ،
و لأي
ســــبب كان الآبــــــاء –كل واحـــــــد في زمـــــــــانه –
يأمرون الإخوة بالجلوس في السكون , و نُظهِر بعد ذلك ما هي منفعة السكون .
تَعْلـــم أن أيـــام القديـــس مقاريـــــوس ما كانــــت مثــــل
زماننـــا نحــــــن ،
إذ لو
كانت أيامنا مثــــل ذلك الزمـــــــان الـــذي عــــاش فيـه القديســـــــون ،
لَما
كانت هناك ضرورة تدعو الإخوة المبتدئين إلى الحبس أسابيع محــــدودة .
لأننا نعلم من الكتاب الذي وضعه القديس مقاريوس :
أن الأخ المبتدئ لا يخرج من قلايته في وسط
الأسبوع مطلقاً ، ولا يزور أحدٌ أخاه .
لكنهم في يوم السبت :
كانوا
يخرجــون من قلاليهم وقــت العشــــاء ، و يأتون إلى المجمع و هم صيــام .
لأنهم كانــــوا يتقــربون عشــــية الســـــبت طــــوال السـنة
صيفاً و شــــــــتـاء .
+ و لما كان
الآباء والإخوة يخرجون و يأتون إلى المجمع ليســـمعوا القراءة ،
فالذي كان يتهـــــــاون و لا يحــضر كانوا يقطعـــون عليه
بحكــمٍ صعــب .
و بعدما يتقرَّبـــــــــــون يدخلون إلى المائدة .
و بعـــــد الأكـــل يقفون في الصلاة ليلة الأحد ،
ســـــــاهرين بلا نوم من العشية إلى باكر بخدمة
المزامير والتسابيح ،
و قراءة الكتب وتفاســـيرها و أســئلة الإخـــــوة و إجـــابات
الشـــــيوخ ،
و يترتـبـــــون منهم بالمواعظ .
و ما كانــوا يعطون فرصة لا للشـــيطان و لا لأحـــــــد من الإخــــــوة المنحلِّــــــــين ،
أن يتكلم كلمة
تجلب خسارة لأحد ، و لا أن يثلب أحدٌ رفيقه أو يحرك معه خصومة ،
أو أن يجلب أحــــــــــــــدٌ ذِكر أي شــــيء مـــن أمــــور العـــــــــــــــالم ،
أو من سيرته الباطـــــــلة حتى لا يتأذَّى أحدٌ من
الإخوة المحترصـــــــين .
+ فحتى وإن
كان أحد يتأذى في قلايته ، إما من ضجر أو من قتال ،
فهـــــو عندما كان يخـرج إلى
المجمــع كان ينتفع بمنظـر الآبــاء ،
و يحترّ بالغيرة كما بنار عندما ينظر أعمال الآباء ويسمع كلامهم و يشاهد فضائلهم ،
فيتـــــزود
مما نظر وسمع بمنفعة عظيمة ومعونة في العمل والجهاد في حبســـه .
و رغـــــم هذه المنفعـــة كلهـــا التي تكــــون من اجتمـــاعهم
يـــــوم الأحـــــــــد ،
فمع هذا مـــا كانوا يسمحـــون للإخوة أن يخرجـوا من
قلاليهــم وسط الأســــــبوع .
+ و أما فـي
زماننـــا هـــذا العــــدم من الاســـــــــتقامة ،
الذي بـرد فيه الحب و تخلَّفت الحرارة و انعدم
التحفــظ ،
فإننـــــــــا كل وقـــت نخــــــــرج فيــــه إلى المجمـــــع ،
نوســــــق خسارة ليست بقليلة بسبب كلامنا الباطــل ،
و لا تكــون فـــــــي صلاتنـــــــا و خدمتنــــا قـــــــــــــوة .
و إن كــان فينــا إخـــــوة حريصون فإن حرصهـم طــــــوال
الأســــــبوع ،
يتشــــتَّت بسبب الكلام الردئ الذي يسمعونه من
المعتادين بالانحلال .
فالضـرورة تلجئ الذين يهتمــــون بخـــــلاص نفوســهم
و يتشـــــــوقون :
لمحبة ربنا ولتكميل وصاياه المقدسة
أن
يداوموا الثبات في السكون كل واحد حسب رتبته .
+ أولاً
يُبعد الإنسان ذاته ،
و يحـــــــــــدد
لنفســـه قانونـــاً ألا يخــرج مطلقـاً من قلايتــه طـوال مدة الأسبوع ،
و لا يســـمح لأحد من الناس أن يعبر إليه ، وإن أمكن ولا من الطاقة يتكلم مع أحد ،
حتى يأخذ لنفسه خبرة في جميع الضوائق ،
التي تحدث له من الآلام و من الشياطين الملاصقين
لعمل السكون الأسبوعي ،
و يمـــــــــــيز الأفهام الروحانية والتعزيات الإلهية التي
تُعطى له بنعمة اللــــــــه ،
حســـــــبما
يليق بطقس عمل الســـــــــــكون الصغـير الذي هو حبس الأسابيع .
و بعـــــد ذلك
يتـــــــدرج إلى ســــكون أعلى من هذا، الذي هو سكون كل الأيام .
و إن
استطاع و أراد فيكمل كل أيام حياته في
السكون الكلي و الانقطاع
الدائم حسب إرادة سيدنا .
+ فإن كـــــان
أحد يحفظ سكــون الأسابيع ، و يعمل داخــل سكـونه بحفــظ الحـواس ،
و قمع الأفكار كقدر قوَّته وحسب رتبته ــ لأن الله لا يطلب من الإنسان أكثر من قوَّته –
و لكنــــــــــه عنـدما يخــرج إلى المجمــع يوم الأحـد ، يجـد أنه لا يـأتي إلى قـدام ،
و لا ينجح في الحفظ وفي
الأعمال و لا في محبة الثبـــات في الســكون بالقــلاية ،
بــــل كــــــم من وقتٍ يخسر من النظــر و السمع ,و لا يقـدر أن يثبت في الحرص ،
فتكـــــثر عليه المجــــــاذبات و الانزعــــاج لأجل الأمـــور
النافعـــة و غــير النافعــة ،
و ينحـــط إلى الانحــــــــــــــــــــــلال و الكـــلام و بغــــض الثبـــــات في
القـــلاية ،
و توسوس له الرخــــاوة أن يخـــــــرج و يدخـــل و يأكـــــل و يشـــرب
و يتحــــدث ،
فإن وجد ذلك فليـــسرع إلى الســـكون الكلي العـــــادم من
الدخـــول و الخـــروج .
الذهاب الى
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق