الميمر التاسع عشر ( 3 )
ـ المعرفة الحقيقية.
ـ التجارب التي ترشدنا
إلي الحق .
مواجهة الكبرياء
بالاتضاع :
وإذا تعظـم فكـرك قل : يا أبانا الذي في السموات ،
و ابــــك
واحــــزن و انتحــــب و ضــــــع وجهــــــــك عـــلى
الأرض
و تذكر زلاتك (
التي صنعتها ) فـي وقت التخلية ( أي تخلي النعمة )
لعلك بهـــــذا تنجـــــــو وتقتـــــــــــــني الاتضــــــــــاع .
و لا تقطع رجاء نفسك ، بـــــل بأفـــــكار التواضـــــــــــع اصنع مغفرة لخطاياك ،
لأن الاتضاع حتى
من غير عمل يغـــــفر خطــايا كثيـرة ،
ولهذا اغفر خطاياك بالاتضاع . كما سبق أن قلــــت لك .
كما أن المــلح يصــلح
جميع
الأطعمة ،
هكذا الاتضاع لكـــل الفضـائل ،
فالاتضاع قادر على سحق خطايا عظيمة صعبة .
لهذا فنحن محتاجــــين لـــه
حتى يتألم الفكر على الدوام بالاتضاع والحزن بتمييز ،
فان اقتنينــــــاه فهو يجعلنا أبناء
الله ، ويقيمنا أمام الله
(حتى
لو كنا ) بغـــــــير أعمــــــــــال صالحـــــــــــــة
لأن مـــــن دونــــــــــه باطل هو كل عمل كل فضيلة ،
ومن أجل هذا يسمح الله بتغـتــــــــــــــــير العقـــــل ،
فبالفكـــــر نتفاضل وبالفكر نتنجـــــــــــــــــــــــــــس
،
وهذا وحده ( أي
الاتضاع ) دون غيره فيه الكفاية أن
يقــــــــــف قــــــــدام الله و يعتــــــــــــذر عنـــــــــا .
يقــــــــــف قــــــــدام الله و يعتــــــــــــذر عنـــــــــا .
اعــــــترف لله بغير فتور ، كيـف
و انك بطبيعـة ضعيفة ســهلة
التغيير ،
لكن بمعونة النعمة ترى
إلي أين ترفع من وقت لآخــر ،
و لأي مواهب تؤهل وكيف تمكث فيما يفوق طبيعتـــك ،
(ومن جهة أخرى أذكر) إلي أي هوة تسقط عند تخلي ( النعمة ) ،
إذ يكون لك عقل البهــــائم و الحيــــــوانات ،
هكذا تذكر حقارة طبيعتك و سـهولة
التغييـــر اللاصـــــــق بـــــك ،
حسب قول أحد الشيوخ :
" إذا أتاك فكر الكبرياء بطريق ذكر فضيلتك ،
فقـــــــــــــــــــــــــــــل : يا شيخ اذكر زناك "
هــــــذا الزنى الذي
يكــــــــــــــون فــــــي وقــــــــت التخــــــــــــــلي ،
أي تلك الأفكار التي جرب بها ، حسب تدبــــير النعمــــة
إن كان بالقتال أو بالمعونة حســــــبما يوافق أو يليق بنــا .
أنظرت ذاك الشيخ العظيم ، كيف قال هذا بوضوح :
" إذا ما أتاك فكر بسبب ارتفاع سيرتك ، قل يا شيخ انظر زناك "
فالأمر بين أنه : إلي إنسان عظيم وجه الشيخ هذا
القول ،
لأنه لا يمكن أن يتأذي من أفكـــار الكبـرياء
إلا القائمـــــــون فـــــــــي رتبة عاليــــــة
و ســــــيرة تســـــــــتحق المــــــــــديح .
لأن قتال الكبرياء يثب
على النفس بعد عمل فضائل كثيرة
و ذلك لكي يفقرهـــــــــا تمامــــــــــــــــاً .
و يعرف هذا من إحدى رسائل القديــس مكاريــــوس ،
فإذا أردت أن تدرك الدرجة التي
يكون فيها القديسون
الذيــــن يتعرضــــــون للتخلـــــــــــي
وللتجــــــــارب ،
فها في بدء الرسالة :
يكتب الأب مكاريوس لجميع أولاده الأحباء مفصحاً بإيضاح
كيف تدبر الحروب بسياسة من الله ،
و أيضاً من معونات النعمة التي تستحسن حكمــــة الله
أن يتدرب بها كل من هـــم فـي هـــذه الحيـــــــــــــاة
لأجل ( اكتساب ) الفضيلة بالجهـــــــاد ضد الخطيــــة ،
لكي يشخص نظرهــــم
نحـــــــوه في كل وقــــــــــت ،
و بالنظر
الدائم إليه ينشــــأ فيهــــــــم حبه المقـــدس ،
و بالخوف على
الدوام من وثوب الآلام وخشية الانحراف
فإنهم يسرعون إليه ويثبتون بالإيمان والرجاء والمحبـــة .
لمن قليت هذه الرسالة :
و هذه بالحقيقة قيلت و سطرت
ليـــــس لأجــــــــل الــــذين هـــــم علي الــــــدوام مــع النــــاس
و يطيشون
بالدوران في كل موضع بالأفعـــال والأفكـــار
الدنســـــة ،
و لا
لأجــــــــــــــل
الذين يصنعون البر بأعمال
ظاهرة خارج السكون
فتنشط حواسـهم في كل وقت ،
و هم في كل حين في خطر السقوط في ( الخطايا )
القهرية
التي تصادفهم بغير إرادتهم و فيما يعرض لهم دون أن ينتبهوا
فهـــؤلاء
لا يســـــــتطيعون حفــــــظ أفكارهـــــــم فقــــــط
بـــــل و
لا حتــــــــــــــى حواســـــــــــــــــــــهم .
إنها قيلـــــــــت لأجــــل
الـــــذين يحفظون
أجسادهم وأفكارهم باحتراس عظيم ،
و يبتعدون
تماماً عن كل ما يسبب سجسًــــــــــــــــــــــــــا
و عـــــــــــــــــــن محادثــــــــات النـــــــاس ،
و يرفضــــــــــــون كل شيء حتى أنفسهم
و يتفرغـــــــــــون لحفظ عقلهم في الصلاة .
إنهم ( يخضعون )
لهذه التغيرات
التي من تدبير النعمة داخـــــــل الســــــكون
الكـــــــــامل ،
و يتــــــــــدبـــــــرون تحــــــــت ذراع
معــــــرفة الـــــــــرب ،
و ينالــــــــــــــــــــــــــــــــــــون الحكمـــــــــــة خفيــــــــــة من
الروح
بالســــــــــــكون عن الأعمال والنظر إلي أي شيء ،
و اقتنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا موت الضمير عن العالم .
إن الآلام لا تمـــــوت
بــل الفكر يموت عنها
بالابتعاد عن الأمور ( المسببة لها ) بمعونة
النعمة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق