الميمر الرابع ( 18 )
الفضــائل أم الضيقـــات
+ النفـــــس التي تحمل
غـــيرة الفضيـــلة ،
و أعمال مخافة الله ،
لا يمكـــــن أن تكـــون بلا أحزان كل يــوم ؛
فالذي يهــــــــــــــرب من الضيقات يخــيب من الفضيلة
أيضاً ،
والذي يثــــــــــــــبت في الفضيلة يقاسي أيضــاً الأحـــــزان .
فـــــــإن
اشــــتقت للفضيلة ,
أسلمت
نفسك لكل ضيقـــة .
فـالفضـــائل
تولِّد الضيقــــــات ،
و الضيقـات
تولِّد التواضــــــــع .
+ إن الله لا يشاء أن
تكون النفس بلا اهتمام ،
فالذي يريد هذا (أي أن
يكون بلا اهتمام) ،
قــــد أوجد عقله خارجــــاً عن
إرادة الله .
و الاهتمام
ليس هو الــذي يكــــون مـــن أجل الجسدانيات ،
ليس هو الــذي يكــــون مـــن أجل الجسدانيات ،
بــــل هو الهم من أجل
الضرر الذي يتبع الفضيلة .
فإلى أن نبلغ إلى معرفة
الحقائق التي هي استعلان الخفـــايا ،
لا يمكنـــــــــا أن ندنـــــو من
الاتضــــــاع إلا بواسـطة التجـارب .
و الذي هــــــــو بلا أحزان في الفضيلة فإن باب العظمة
ينفتح له ؛
لأنه لا يمكـــــن من غير
أســــــباب المقــت ( أي المحقـــرة ) ،
أن يكون الضمـــــير في التواضـــــــــــــــــــــــع .
كمــــــا أن الله :
لا يرفض الإنســـــــــان بالكليـــــــــة ،
أو يَكرهه لأي شيء
من الخطــــــايا ،
و لهـــــــــــذا تكـون
الأولى ( أي العظمــــة ) سبباً للثانية ( أي رفض الله) .
و الذين يخرجون مـن طـــريق
التواضع بضميرهم ،
و بهــذا يتعــرّون من
المعونات الإلهية , يسقطون :
إما في ســــــماجة الفســـــــــق ،
أو في التجديف على الأمور الإلهية ،
أو يتـــــــــــأذون في عقــــــــولهم .
أما الذين يتعظمون بتدبير الفضـــــــائل ،
فيسقطون بالأكثر في الفســق الســـــمج ،
و الذين يتعظمون بتدبير فضيلة العقـل ،
يسقطون في التجديف على
الأمور الإلهية ،
أو يقعـون في ضـــــــــــــلالة العقــــــــــــل .
+ و العظمة :
ليست هي الفكر إذا عبر في الضمير ،
ليست هي الفكر إذا عبر في الضمير ،
بـــــل هي التي يثبت فيهـــا الضمير .
أما
الحالة الأولى (أي مجرد عبور الفكر في الضمير )
فمــن الواضــــح أن الندامة تتبعها ،
وأما هــــــــــــذه ( أي ثبوت الفكـــــــر في الضمير )
فإذا ما أحبها الضمير لا يعرف الندم .
و تلك
الأولى هي دليل على ضعف الطبيعة ،
و أمــــا
هذه فهي من وقاحـــــــــة الإرادة ،
و أحيـــــــاناً تكون من مــــــدح الناس أيضاً .
فهنــــــــــاك من يتنجـــــــس عقـــــله و ينضـرب بالتجـــــــنن ،
و يريــــــد أن يكون فعـــــل العجـــــائب على يديه قــدام
الناس ،
لكـــــــــــــي يكثر مجد عظمته , فيحسّون أنه قريب جداً
من الله.
+ كثيرون تفاضلوا بتدبير السيرة ،
و أُعطوا من الله مواهب كثيرة ،
و ما
قدروا أن يحتملوا كثرة المواهب التي حصلوا عليها ،
فانساقوا للعظمـــــــــــــــة
و رُذلــــــــــــــــــــوا كالكُناســـــــــــــــة ،
و رُذلــــــــــــــــــــوا كالكُناســـــــــــــــة ،
و ابتعــــــــــــــــدوا عن
اللــــــــــــــــــه
و خابوا
من عِظم الرتبة التي كانوا فيها.
و كثيرون آخرون كانوا هادئين و مرتبين
و ذوي عقل رزين وكلامهم مـــــــــــوزون،
إعفاء في سيرتهم وفضلاء في المعرفة
فصـــــاروا عـــــلامة رعب لمن يعرفهم
و منظـراً محزناً مبكيـــــاً لمـن يبصــرهم .
+ ليـس كل هــــادئ متضع ،
بــــل كل متواضع هـادئ .
متواضع و لبيب غير مستحى لا تجد ،
مستح
غير متواضع كثـــــــــــــيرين .
لأن المتواضع :
في كل وقت يكـــــــــــــــون هادئـــــــــاً ،
في كل وقت يكـــــــــــــــون هادئـــــــــاً ،
فلا
شــــيء يحرك ضميره أو يزعجــــــه .
لا من شيء تحتاجه من ضروريات القوت الوقتي ،
و لا من شيء يؤذي الجســـــــــــــــــــــــــــــــــد ،
كما لو كانت الأشياء تأتي عليــك كيفمــــا اتفـــق ،
أو كأنـــــــــك خالٍ من العناية بهمج (أي بدون
ترتيب) .
فحــيث يوجد اقتنــــــــــــاع الضمير لا يكون هناك رعب من الأفكـــــار ،
و حيث يكون التقسّم و شك القلب لا يهدأ الضمـــــــير من الــــرعب .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق