الميمر
السادس عشر ( 9 )
مشورات
مفيدة
رســــــالة :
ما تسأل عنه أيها الأخ لا
يناسب كل أحد بل الذين لهم ســـــــــر الــــــــــــروح
و قلب
هدأ بالسلام و بالنعمة و ذاق الحق في الخفاء ،
و بالموت عــــــن الكـــــــــــل ، و يسعى
تابعاً النقــاوة ،
لأن الله يحــل
حيــث السـلام .
المتوحـــد :
الذي يريـد أن يكون قلبه مسكناً
لله ينبغـــي
عليــه أن ينشـــط في تفليحـــــه بالجهـاد ،
و أن يجعله هادئــــــــــاً من
جميـــع خلجات الطبع (الإنسـاني) التـــــــــــــي تسجسه ،
ومــــــــن المحادثات و اللقاءات سواء
النافعة أو المسببة للخسارة، وبالأكثر مع الأقرباء ،
لأنـــــــــه بواســـطة هــــــــذه يســـجس
الشــــــيطان النفـــــس و يكــدر نقاوتهـــــا ،
لذا فهـــو يهتم ألا ينشغل الضمير في داخله مع
أحد كلياً ، لا بذكر الأصـدقاء و لا الأقـرباء
بل يضبط محبته ومودته ( السابقة )غير مميز
واحد عن الآخر ،
فهــــــذا يعطي قلبه الهدوء ،
لأن ( أمور) هذا العالم تُسجس وتكدر
فينفعل في داخله بالصلاح وبالشرور ، لأن العالم لا يمكن أن يتخلص من الشرور .
يمكننا عمل الفضيلة بالبر الطبيعي مثل نوح و إبراهيم و أيوب فهذا
مستطاع ،
لكن لا نستطيع و نحن في العالم أن نكــــون مســــــكناً لله بالطهـــــــــارة
و لا أن نقتني القداســــة لذواتنــــــــــا
.
و قد يكـــون هذا لأفراد قلائـل بمعـــونة الله بنــوع
مـن التدبــــير ( الإلهي )
و لهذا هرب آباؤنا
القديسون من المناطـــق المأهـــــولة إلي القفــــــــر ،
حيث كانوا في مجمع متوافق و أخوة و احدة
،
كما كتب في الإبركسيس ( أي سفر أعمال الرسل )
:
"أن الشيء الذي يقتنونه هو للجميع ،
و كان كل الإخوة نفساً واحدة
و رأياً واحداً بسلام
و مودة بلا انقسام قلب ( أع
4 : 32 )" ،
و كانـــوا باجتماعهم مع بعضهم يصعدون إلي
السماء بضمائرهم .
أما في زماننا هذا فيتم علينا المكتوب :
اثنـــــــــين ينقسمون على ثلاثة و ثلاثة
على اثنين ( لــــو
12 : 52 )
و يكـــــــون الناس محبـــين لذواتهــــم و للشهوات
أكــــــثر من حــب الله مفتخـــــرين
متكبـــــــــــرين ( 2 تي 3
: 2 ــ 4 )
و أشـــر
من هــــذا .
لذا ، فالعاقل
ـ
في هذا الزمان ـ ( يلجأ ) إلي السكوت
و يهرب من التشويش إلي السكون لأنها أيام
رديئة ،
فليس فقط اثنين منقسمين على ثلاثة ،
بل
في جيلنــا هذا فالواحــد منقسـم علي ذاتــه ،
و يتكــدر من كثرة المحادثــات التي تلاقيــه كل يوم ،
لأن قلبــــــــه سوف ينشغل داخله ( مما سمع ورأى ) عندما لا يكون في الســكون ،
و هو
بهذا يظل على الدوام يبني ويهدم دون تقدم بسبب اللقاءات المتعددة الحتمية .
و أيضاً في الأيام الأخيرة :
و أيضاً في الأيام الأخيرة :
لما كثرت المجامع بدأ الانحلال
يتسرب
و بردت الحرارة ( أي
حـــرارة الجهــاد ) .
أما آباء تلك الأجيــــال :
فقد خلصـــــوا أنفســـــهم بالأعمـــــــــال
النشـــــــــــطة
بالحبس و السكون في
القلاية وهم في مجمع مع كثيرين ،
و عنــدما شـــعروا أنه :
قد
بدأت تظهــــر فيهــم ثمـــار الــــــروح لجأوا إلي السكون الدائم ،
و بذلك
هربوا لئلا يفقدوا سلام قلوبهــــم بسبب التشويش الكثــير
و التكـدر الناتــــج مــــن اللقاءات الحتمية مع
الســـاكنين بينهــــم .
وحســـبما أظــن أنه كما بدأت الوحـــدة المباركة ،
بأن يقيـــم الإخـــوة المتوحدون في مكان منفــرد
و يمارسون الفضائل بالسلام في الوسط ( أي دون
تشويش حيث لا تكون لقاءات ) ،
وذلك عندما اتسعت المجامع والأديرة و نمت جداً
،
فهكــــــــذا هو مزمع أن يكون في المنتهى ، كما يلوح
ذلك من كلام سيدنا والآباء ،
لأنه
عسر على الكاملـــين الســكنى مع كثـــيرين لأجل اختــلاف ســير الإخــوة ،
لأن الضمير المتحفظ المصلوب إلي الواحد عندما
يريد أن يسير في جميع الســـبل
( وذلك مسايرة لفكر كل واحد ممن يعيش معهم )
و أيضـــاً يمـــارس الفضيـــــلة ،
فان معرفة الأخ الممـــيز تتخبــــط في وســــط طـــرق
الإخـوة ،
لأن الطبع البشري الضعيف غير قادر على ذلك .
إن من جاهد في برية التوبة مدة من الزمان
يتضايق ويتكدر في وسط سبل أخرى كثيرة ، بسبب
الإخوة المنحلين ،
لأنه بواسطتهم يصنع الشيطان قتالاً مع
النشطاء الذين يكملون الفضيلة
كما قال أوغريس :
" تثير الشياطين الإخوة المنحلين على
الشيوخ العمالين
في المجمع و لهذه الأسباب هرب الآباء من المجامع "
،
مثلما هرب شيشوي و سكن في جبل أنطونيوس
لأنه قال :
في الأول كنت مستريحاً مع سبعة إخوة ( فقط )
و الآن لا أقــدر أن أســـــــــــــكن مـع كثيــــــرين
لأن قلبي يتكــــدر و يتخبــــــــــط بغير إرادتـــــي .
و آخـــرون كانـوا يبتعـدون عن المجـامع بالجســـد
( في
مغـــائر خــارج نطـــاق الأديـــرة ) ،
و يتلقـون احتياجاتهم من المجمع باتفاق مع
الإخوة .
و الأب أمون قال للأب بيمن : لما اضطرب لأجل
أخيه :
" أنت للآن حي يا بيمــــــن ، مٌت الآن عن كل
أحد و ضع في ضميرك
أن لك سـنة في القــبر لعــلك تهــــــدأ "
و الآباء الذين كانوا يُرسلون من الله لبنيــان
النفوس
كانوا يكملون ( جهادهم ) في القفر و في الوحدة أولاً
و بعد ذلك يٌرســــــــلون لخــــــلاص آخـــــــــــرين ،
و منهــــم من سكن في المغائر و النواويــــــــــــــــــــــــــس ( أي
القبور )
و الجبـــــــــــــــــــــال و الجزائر المقفرة فهؤلاء نجوا ( أي نقوا
)
حياتهم من التشويش إلي الصلاة الطاهرة
هذه التي لا يبلغهـــــــا الســـــــاكن بين كثـــــيرين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما ( بلوغ ) الصلاة الروحانية ، حيــث يكـــون قلب الإنســـان قدســــاً للــــــرب ،
فلا
يؤهــــــــل لهــــــــــــــــا من يتجـــرد فقــــط من المفاوضــــــة البشـــــرية ،
بل وأيضــــــــــــــــــــــــــــــاً من كل تذكار عالمي ، هذا لكي يتجدد قلبه بالروح .
و أيضاً من يتفاوض عقله خفية مع الروحانيين و مع أرواح الصديقين الذين كملـــــوا ،
و أيضاً من يتفاوض عقله خفية مع الروحانيين و مع أرواح الصديقين الذين كملـــــوا ،
و ذلك كما كتب القديس يوحنا التبايسي :
" إن الذي يبتعد طلباً لحـــرية الســــكون ينجـو من أمور كثيرة خارجية تسـبب له الضنـك ،
و يتحـرر قلبه من المفاوضات غير اللائقة التي تصادف سمعه كل يوم باللقاءات الحتمية ،
و كـــذلك ينجو من المثلبة و الدينونة و الحنق
و الغضـــــب
هذه التي تثير الإنســـــان و تنجـس و تكدر نقاوة
نفسه " .
كما
قال القديس مقاريوس :
" إذا غضبنا على الإخــــــــوة يُنزع من قلوبنا ذكر الله ويظلم العقل ويتكدر ،
و إذا غضبنا على الشياطين فالعقـــــــل يثبـــــت بـــــــلا ضــــــــــــرر " .
كان الآباء يطلبــــون من أجــــل ( النجاة من ) الشياطين و النــــار و الوحوش
و بهــذا كانـــوا ينتفعــون و يجدون عزاء بسبب بساطتهم ،
وأما من جهة الإخوة المنحلين و تعـــدد تدابير
الإخــــوة العمــــالين
و لقاءات الإخوة المسببة الخسارة في وسط
الكثيرين ،
فـــــلا كــــــــان القديســــــون يصلون من أجل أذيتهم و لا أن
يغضب الله عليهــــــم .
الفضائل الكبار و الجهادات الشــــــــاقة التي يعملهــا
المتوحد ( أي الراهـــب )
و هو في المجمــــــــع و سط كثــيرين تكــــون ناقصة في
عينيه
بالقيــــــــــاس
لعمـــل آخــــــــــــــــرين ،
لأنه ليـــــس في شــخص الكفــاءة أن يكمــــــــــل جميع أعمال
التوبـة و النسكيات
التي يتمــيز بها كل واحد من الإخوة ، و أن يضعهـــــا عــــــــــــلى ذاتـــه دومــــــــــــاً ،
لأنه لم يأخذ قوة على إتمامها كلها ، بل نال جزء من النعمة كمثل اللسان من الجسم ،
( أي جزء صغير جداً).
أحد المتوحدين قال لشيخ :
أنه
قد اصطلح مع النار و الوحوش ،
فأراد الشــــيخ المختـــبر أن يكـــسر افتخـــاره ، فقــال
له :
" إن أردت أن تعرف كمالك ، امضي اخضع نفسك
( أي أسلك بالطاعة )
في المجمـــــــــــــــــع ، لأن هنـاك ليـس لك سلطان عــلى كـوز
ماء " .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق