منفعة الهروب من العالم
الذي اختبره الآباء و حرصوا عليه جداً
صعب جداً و خطـــر بالحقيقة الجهـــاد و سط
الأمور ( المعــــــــــثرة و المغــــرية )
حتــــى لو
كــان الإنسـان قويـــاً و شــــــجاعـــــــاً جــــــــــداً ،
لأنها و هي قريبة من الإنسان تحرك عليه
القتـــــال من غـير محـــاربة
الأعـــــداء ،
و يلازمـــه الخـوف و
الرعـــــــب،
و السقطة متيسرة أكثر من أن يواجه الشيطان بذاته في حرب ظاهرة تجاه عينيه ،
لأنه مادام الإنسان لم يبتعد نهائيـاً عن الأشياء التي يخاف منها القــــــــلب ،
فهذا هو ســــبيل العـــــدو لكي يهلكــــــه بســــــهولة
في أي وقت فيه يتكاســـل أو يتعـــــــرض لإهمـال قليل ،
و بسـبب الخـــــوف نبعـــد عن مــــا يـــــؤذي الجســــــد ،
فكــــذلك ( يلزم ) البعد في كل حال عن أسباب الخطية .
أما القرب منها فيحدث في النفس جرحـاً غير منظـور ، و العدو لا يتعب في الحرب معها ،
فالقـــرب من الأمــور( المعــــثرة ) فيه الكفاية لتحريك السجـس و الاضطـراب كل وقــت ،
و ينساق الإنسان بإرادته ليسير معها و يسبي دون أن يواجهه العدو بالقتال من خــارج ،
لأن الإنسان هــو الـــذي جلب لذاته الحرب بجاذبيـــة الأشـياء المتاحة لحـواس الجسـد.
حسب قول القديس
يعقوب السروجي :
" إنـه إذا ظلت النفس وسـط أمـور العــالم
المـؤذية التي تجلب الخسارة ،
فهــــذه تعطـــي فرصــة للعــدو للشــماتة بهـــــا
و بسبب الطبع ( الجسداني
) فهي تقهر و تغلب إذا كانت قائمة تجاه العين " .
و لهذا لما عرف القديسون القدمـاء الذين ســاروا في هـــــذا
الطــــريق
إن العقل لا يكون دائمـــاً منتبهـــــــاً
فيقدر أن يثبت
حافظــــــاً ذاتــــــه في رتبة عدم الميل ( أي الانحراف )
و لأن فــــــــــي أكثر الأوقــــــــات :
تقع النفس في ظلام و لا تقدر أن تلاحظ الأشياء المؤذية ،
فلهذا أدرك الآباء بحكمة وتسلحوا بالتجرد مثل اللبـــــاس
لأنه ينجــي و يعتــــــق
مــــن متـــــاعب كثـــــــــــــــيرة
حســـــــــــــبما كتــــــب أن ثم مــن يفلــت مــن الخطــــأ من أجـــــل فقـــــــــرة ،
و كـــــذلك
هــــــــربوا إلي البــــــــراري و القفـــــــــــــر
حـــــيث لا يوجد فيها
الأشياء التي هي أسباب السقوط ،
لأنه اذا ما تعرضوا للقتال في وقت ما
وغلبوا تكون أسباب السقطة
غير موجــــــودة ،
و أعني بهــــذا عـــــن : الشـهوة و الغضب و الريــاء و المجــد
الباطـــل و غيرهــــــا ،
لأن هذه الأشياء منعدمة بسبب القفر ،
و هكـــذا قد
استتــــروا فيـــه ( أي في القفر ) كمثــل حصـن منيــع لا يقتحـــــــــــم
و لهـــــذا اســـتطاع كل واحـــد منهــــم أن يكمـــــل جهــــــاده في الســــــــــــــكون
حيـــــث لم تجد الحواس فسحة لتكون خصوماً في الجهاد بالتعـــــثر بالأشياء المؤذية .
لأنه
ينبغي لنا الموت في الجهـــاد .
و لا
الحياة في السقوط .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق