13- كان مستغرقاً في نومه ــ كتاب انطلاق الروح
… كان مســتغرقاً في نومـــه حين همـــس الكـــلام في أذنــه :
{ الي متى تعيش هكذا ؟ ظلا لإنسان آخر يتحكم فيك كما يشاء ؟!
{ وكان الصوت مترفقاً نصوحاً فلم يفزع ذلك النائم
فأجابه الملاك :
{ أقصـــد أنــك في أفكــــارك وفي حيــــاتي الروحيـــــة ،
قد فقدت شخصيتك ، وأصبحت تعيش بشخصية غيرك } .
هناك رجل آخر كبر في عيني نفسه ،
ثم ظل يكبر في عينك أنت ،حتي جعلته مثلك الأعلى تتبعه في كل شئ :
ترتفــع معـه إن ارتفــع ، وتسـقط معـــه حينمـا سـقط ،، آراؤه آراوك ،
و انحرفـــاته هي انحرافـــــاته هي انحرافاتـــــــك ،
بل انك تدافع عن أفكاره أكثر مما يدافع هي عنها .
وأنت تؤمن بمبــــادئ هذا { السيد } دون نقـــاش ،
يكفيك أن معبودك هذا قد نطـق بها في وقت ما .
ليس فيها شئ من الخطأ ؟ }
أليس من الجائز أن يخطئ كانسان ؟ وإن أخطأ فكيف تعرف ذلك ،
ما دمــت لا تســـمع الا أفكـــاره ولا تـــود أن تقبـــل غيرهــــــــا ؟
وما دام كل شخص يعارض أفكار هذا { السيد }
هو في نظــرك شـخص لا يصـح ان تستمع إليه ،
وإن اســتمعت فبروح الجــدل ، محـــاولاً أن تـــرد عـــلي كل فكــــرة ،
وان تنقضها دون أن تتفهمها لا لشيئ الا لأنها تعارض آراء سيدك !! } .
أنه يعطيك ممن المعلومات ما يريدك هو أن تعلمه :
يعـــــلن لك مــا يشـــاء مــن الحقـــائق، ويحــــبس عنــــك ما يشــــــاء .
و حتي المعلومات التي عندك من ذاتك ، والتي تكتسبها من غير طريقه ،
خاضعــة هي أيضــاً لمراجعتــه . أنك قـــد فقــدت شـــــخصيتك تمامــــاً .
وأصبحت لا تتصــرف من تلقــاء نفســــك .
كلما حاقت بك مشكلة تستصرخ به لينقـذك .
وكلما عرض لك أمر من الأمور
لا تحاول ان تبث فيه بحل حتي يجئ { سيدك } ويحله .
وإن تصـــرفت في الأمر يســـــتطيع أن يلغي تصـــرفك ،
ومتي يشاء في حياتك هو أن تصبح صورة باهتـــة من
شخصيتـــك التي خلقـك الله بهـا قـــد ضـــاعت .
وشخصيته هو لن تستطيع أن تصل إليها تماماً ،
لأن الظروف الروحية والعقلية والاجتماعية التي كونتها هي غير ظروفك .
{ وهكذا أراك تتأرجح في وضع غير مستقر بين الحالتين }.
واســــتمع ذلك النـــائم إلي هذه العبـــارات وهو يشــعر أنها تمـــس صميم نفســـه ،
بل أنه فيما بينه وبين نفسه يحس أنه قد أصبح ضيق الصدر بسلطان ذلك { السيد }.
{ ولكن أستطيع يا سيدي الملاك أن أناقش معلمي } ؟
فأجاب الملاك :
{ أقــول لك – والقيــــــاس مع الفـــــــــــــارق –
أن الله يحب أن يكون أولاده أقوياء الشخصية ،
حتي أنه كان يسمح لهم أن يناقشوه } .
أنظر إلي أرميا وهو يقول :
{ أبر أنت يارب من ان أخاصمك ولكني أكلمك من جهة أحكـــــامك ،
لماذا تنجح طريق الأشرار، اطمأن كل الغادرين غدراً } { أر 1:12 }.
{ أرجع عن حمو غضبك وأندم عن الشر } {12:32}.
فجابه الملاك :
{ أريد ألا تلقي قيادتك إلي إنسان معين، وإنما استمع إلي الكثيرين،
واقرأ للكثيرين ، واستعرض ما تشاء من الآراء } . .
وليكن لك روح الفراز ،
فتميز الرأي السـليم من الرأي الخاطئ ، وتعتنـق من كل ذلك ،
ما يناسب حالتك أنت بالذات من جهة تكوينك الروحي والعقلي ،
وما يناسب ظروفك الاجتماعية والعلمية ،
ويتناســب أيضــاً مع سـنك، عالمـــاً أن هنــــاك طـرقاًَ كثـيرة تـؤدي إلي الله ،
وقد يكون الطريق الذي صلح لغيرك غير الطريق الذي يصلح لك أنت بالذات ،
الطريق الذي أختاره لك الله – وليس الناس – دون غيره من الطرق .
... ثم استيقظ النائم من نومه ، ليري نفسه إنساناً جديداً قد انطلقت روحه،
حره من كل قيد، تبحث عن الحق أينما وجد ولا تؤمن بعبادة الأشخاص...
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق