الميمر الثالث ( 15 )
الإقــــدام لاقتنــــاء الفضيـــلة :
طوبى للذين ألقوا أنفســــهم فى بحر الضيقات والأحزان ببساطة قلب ، بلا فحـــص ولا اعـــتـــــــراض ،
ومن أجل محبـــة الله لا يرتدون إلى وراء لأنهم سريعاً يبلغون ســـــــــالمين إلى ميناء المواعيد ،
ويستريحون في منازل الذين جدوا في التعب ، ويتعــــــــزون ويتحـــــــررون من شــــــــــــقائهم ،
ويستريحون برجائهم المغبوط .
فالذين يتدبرون بالرجــــــــــــــــــــاء لن يعرجوا ليلتفتوا لمؤذيات الطــــــــريق ،
ولا يعطوا وقتاً للبحــــــث عنهــــــا ، بل إذا قطعوا البحر ثم تأملوا تلك المعارج ،
والمؤذيات المخيفة ( التي جازوها ) ،
حينئـــــــذ يشكرون الله عــــلى ما أنعــــــــم به عليهــم مـــن الخـلاص من تـلك الهــــوى ،
والتقلبات دون أن يعملوا لأنهم لم يهتموا بالالتفــــــات لنظــر شيء منها ( أثناء اجتيازهم ) .
أما الذين يكــــثرون التفكــــــير ويظنــــــون أنهـــــــم بهــذا يكونــــــــــون حكمـــــــــــــاء ،
ويتوافـــــــــــــــــرون عـلى دراسة الأمور ، فيتردد الفكــر ،
وما يتبـــــــــع ذلـــــك مــن شـــــــــــــــــــك وجـــــــــــبن ،
إنهم يؤثرون الفحص عــن الأمـــــــــــــــــور المؤذيـــــــة .
فهذا الفريق سيوجد دائماً جلوساً على أبواب دورهم
كمثل كســـــــــــلان أرســــــــــــل فـي طريق فقـــال :
إن أسداً فى الطريق ، وقتـــــــــلة فـي الســــــــاحة .
(أم 12:22) .
وكالقائلين إننا عاينا الجبابرة ونحــــــــن لديهـــم كالجـراد ،
ومدنهم حصيـــــنة وأسوارهم تعلو إلى السماء ،
(عد 35،34:13 )
هؤلاء الذين حتى وقت انقضائهم وموتهــم يوجـــدون فـــــي الطـــــــــــــريق .
إنهم يؤثرون أن يكونوا حكماء ( من وجهة نظرهم ) ولكنهم لا يبتدئون البتة .
أما البسيط فهو بمجرد أن تأتيــــــــــــــه حرارة يسـبح ويجوز ،
ولا يهتم بالجســــــــد ، ولا يفكـــــــــــــــر فـــــي ذاتـــــــــــــــه ،
إن كــــان ( فى قدرته ) إتمام شـــيء ممــا هـــــو بســـبيله أم لا .
فــلا تجعل حكمتك الزائدة عثرة لنفســــــك ، وفخـــاً قـدام وجهك ،
بـــل ثق بالله وتشـــجع وابتــدء بالطريــــق المملوء دمـــــــــــاً ،
لئــلا توجـــــد فقــــــــير دائماً ،
وعــــــارى مــن معرفــة الله تبــــارك اســـــــــمه ،
لأن الخائف والمترقب الرياح لا يـــــزرع البتــــــة
( جا 11 : 4 )
إنه لأوفق لنا الموت فى القبر لأجــل اللــــــــه
من حياتـــــــــه الخزى والتوانى .
إذا شرعت فى عمل الله فاضمر
أولاً أنـــك كمن ليس له حيــــــــــــــاة في هــــــذه الدنيــا ،
وكمن تهيأ للموت ، وقطــــــــــع رجـــــــــــــــــــــاءه ،
ويئـــــــــس من الحياة الحاضرة ،
وحان زمن رحيله ولتظل هذه الحقيقة في فكــــــــــــــــــــــــرك لئلا بسبب الرجــــاء ،
في هذه الحياة تتعــرقل عن الجهاد والانتصار ،
لأن رجاء هذه الحياة يثبط العزيمـــــة والفكــــــــــــــــــــــــر ،
لـــذا لا تكن حكيماً أكـــــــــــــــثر مما يجــــــــــــــــــــب ،
بـــــل اجعل للإيمان مكــــــــــــاناً فــي قلبــــــــــــــــــــك .
واذكر ما بعد موتك من زمان حتى لا تتهـــــــاون البتـــة .
أذكر قول الحكيم :
إن ألوف سنى العالم الحاضر ما هــــــــــــــــــي
إلا مثــل يوم واحــــــــــــــد من عالم الصديقين .
( مز 89 قبطى 90 بيروتى :2).
ابتـــــــــدء في عمل الفضيلة بشجاعة ،
ولا تتقــدم إليها بقــــــــــلبين ،
ولا يتردد قلبك فى طريق مسيرتك على رجاء نعمـــة الله ، فلا تنتفــع بتعبــــــــــــك ،
ويثقـــــــل عمــــــــــــل فلاحتـــك ، بل تيقـــن في قلبك أن الرب رحيم ويحب طالبيه ،
ويتفضــــل عليهم بنعمتـــــــــــــــــه لا بحسب أفعالنا بل بمقـــدار حبناً له وإيماننا به ،
لأنه يقول : يكون لك كما آمـــــــــــــــــــــنت
( مت 13:8) .
أما الأعمال فهي :
واحـــــــد يلطم هامته طـــــــــول النهـــــــار ، ويكــــــون هذا عوضاً عن الاجتماع ،
فـــــــــــــــــي صــــلوات السواعي ،
وآخــــر يثابــــــــــــر علي المطـــانيات ، وهو يؤدى صلواته العديـــــــــــــــــــــدة ،
وآخــــريستعيض عـــــــن صـــــــــلواته بكـــــــثرة دموعــــه ويكتــــــــــفي بهـــا ،
ولا يطلب معها شـــــــيئاً آخــــــــر
وهــــــــــي له أفضل من كل شــيء .
وآخــــر يجتهـــــــــد في هذيــــــذ عقله ويعـتــــــني بــــــــــــه عـن النظم الموضوعة
( للصــــــــــــــلوات )
وآخــــر يثابر بلا انقطاع على الهذيذ الملتهــب بالمزامــــــير بغـــــــــير انقطــــــاع .
وآخــــر يعكـــــــــــــــف على القراءة فيشـــــتعل قلبـــــــــــه بهـــــــــــــــــــــــــــــا ،
أو يســـــــــــــــــــــــبى بمعـــاني الكتب الإلهية .
وآخــــر يذهل من معاني الألفاظ فيستولى عليه الصمت ،
ويتوقــف عــن قراءاته المألوفة .
وآخــــر يعاقب نفسه بالجوع ،حتى أنه لا يقدر أن يتمم صلواته .
وهناك من يذوق هذه الأمـــور كلها ويشـــــــــــــــــــــــبع ،
ولكنه يرتد إلى وراء ويتخلف فـــلا ينال إلا النذر اليســير ،
ويداخله الكبريـــاء والصــــــــــلف ،
فيفتخـــــــــــــــــــر ويـضـــــــــــــل .
وآخــــر من شدة مرض جسده وضــــــــــعفه ، يتوقــــــــــــــــــــــــــف عن حفظ قانونه .
وآخــــر ينجذب إلى أمر مــــا أو حب رئاسة ، أو مجد باطل أو الشره ، أو حــــب القنية .
أما الذي ينشط وينهــض ، ولا يتراجـــــع ،
فإنه يأخــذ الجوهــرة الثمينـــــــــــــة .
فابدأ عمــــل الله بفـــرح ونشــــــــــــاط ،
وإن كنت طـاهراً مــــــن الشـــــــــهوات ، و مـــــن تــردد القــلب ،
فــــــــــإن الله يرفـــــع رأســـــــــــــــك ، ويعينـك ،
ويحكمك حســـب إرادته ، وتبلــــغ الكمـــــــــــال ،
بصورة عجيبـــــــــــة .
به يليق المجد والتسبيح مع أبيه الصالح وروحه القدوس إلى الأبد .
آمين .
ـــــــــــــــــــــــــ
|
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق