مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الاثنين، 17 يوليو 2017

الميمر العشرون ( كامل ) ــ ميامر مار اسحق ـ الجزء الثالث

الميمر العشرون


هناك ثلاث دوافع للصمت الدائم وحفظ السكون :
إما مــــــن أجل نيل كرامــــة من الناس .
أو بسبب غيرة حارة لممارسة الفضيلة .

أو أن فى داخل الإنسان مناجاة إلهية ينجذب فكره نحوها .
ومن لا يصدر عنه هذان الأمران ( أى الصمت الدائم وحفظ السكون )
بدافــــــــــــــــع من أحد الســــببين الأخـــــيرين ،
فمن الضرورة أن يكون مستسلم للسبب الأول .


الفضيلة ليست أعمالاً كثـــيرة تــــــؤدى  بالجسد ظـاهرياً ،
        بل هى القلب الحكيــــم فى أمــــــله ورجـــــــــائه ،
       لأنــــــه يواصل جهاده ( الجسدى ) بقصد مستقيم .


فى مرات كثـيرة لا يكون بيــــد الإنسان القــــدرة على تكميل الأعمـــــــــــــــال ،
فيمكـــــن للفكـــر جنى الفضيلة ، وعمل الصلاح بدون أفعــال جســــــــــــدانية ،
                   ولكن الجسد إن فعـــل فعــلاً ما بدون حكمة ( استنارة ) القلب ،
                   فلتتتن ينتج عن ذلك منفعـــة .


فإنســـان الله  الذي امتــــلأ من فعـــل الخــــــــــــــــــير ،
فلا يصبر دون إظهار محبته لله بمشقة الأعمال الظاهرة .


المرتبة الأولى ( أى فضيلة الفكــــــــــر ) فدائمـاً تنجـــح ،  
وأما الثانيـــــة ( أى الجهاد الجسدى فقط ) فتنجح حينــــا ،
                                               وحينا تفشـــــل .


لا تظن يا هذا إن الابتعــــــاد عـــــن مســــــــــببات الآلام ،
( وهذا يكون بالالتزام بحياة السكون ) أمر هين أو شيء يسير .
حــركة الجســــد :
إن خلجات أعضاء  الجسم السفلية ،
والتى لا تكون بســـبب الأفكـــار الحــــــــــــادة الناتجـــــــــــــــة عن اللذة الدنسـة ،
والتى تتحرك بحرارة ، وتجذب النفس للجنون والشقاء رغمــــا عن إرادتهـــــــــا ،
 هي بغير شــك مـــــن امتلاء البطن ، لأن ذلك الأمر لا يتـــــولد في الجسم بدونها .

وثــــــــــــــق أن الابتعاد عـــن مشاهدة النساء هو سلاح عظيم  في هذا الجهـــــاد ،
لأن المعاند ( الشيطان) لا يقدر أن يفعــل فينــــــــــــــــــــــــــــا ما تقدر الطبيعـــة
                                                                                (طبيعة الجسد)
                                    أن تفعله بقوتهـــــــــــــــــــــا .

ولا تظن يا هذا أن الطبيعة تنسى ما هو مغروس  فيهـــــــــــــــا من الله حتى الموت ،
لأن هـــــــــــــذا غرس طبيعى لأجل النسل  ، ( ولأجل ) الامتحان في الجهــــــــــــــاد .
إلا أن الابتعاد عن الأطعمة يميت الشـــــهوة الموجــــــــــــــــودة في الأعضــــــــــاء ،
                              ويبعث علــــــى نســـــــــــــــــــيانها .

صور الأمور البعيدة التي تجوز فى الفكر اجتيازاً تحدث حركة باردة ضعيفة فى ذاتها ،  
وهذا شـــيء غير الأفكار التي تكون من المادة ( أى الأمور القريبة التي تثير الشهوة )
فهـــــــــــــى تغرق الفكر فى مناظر لا تنسى ،
والدنو منها يحرك الشهوات ويثــــــــــيرها ،
ويشـــــــعل الإنسان كما يشــعل الزيت نور المصبــــــاح ،
ويأجــــــج الشــــهوة التي كانت مائتة ومنطفئــــــــــــــة ،
ويثير لجة الجسد بشهواته المضطربة على سفينة الفكر .

هذه الحركة الطبيعية الساكنة فينا هي لأجل النسل فقط ،
لــــــــــــــذا فهـــــــى لا يمكن أن تشوش وتزعج الفكر ،
                        وتبعده عــــن الطهـــــــــــــــــــارة ،
                       والعفة لا تقلق بدون مثير خارجى ،

فــــالله لم يعط قوة للطبيعة لتقهــــــر الإرادة الجيدة الموافقـــة لرأيه ،
بـــــــل متى انغــلب الإنسان  ســواء من الغضب أو من الشـــــــهوة ،
فليست قوة الطبيعة هى التي غلبته ودفعته للخروج عن حد الطبيعة ،
وعـــن الالتزام بما يجب ، بل الدوافع التي تزداد بها الطبيعة بإرادتنا ،
هـــــى التي من شأنها أن تؤذينا ،

لأن الله تبارك اسمه صنــع كل شيء على ما ينبغى  بموجـــــب الطبــــــــــــع .
                     وبمقدار ما تحفظ القوى الطبيعية فينا على نظامها السوى،
                     بقـــــدر ما تعجز عن إرغامنا للميل عن الطريق المستقيم ،
                     بـــــــل يتحرك الجسد حركات هادئة .

إذا : ينبغى لنا العلــــم بـــأن العــارض الطبيـــــــعى الذى فينـــــــــــا ،
     ليـــــــس لأجل الإثارة والضغط وإعاقة السلوك في منهج العفة ،
    ولا لكـــى يظلم العقــــل بالغضب ، أو أن يحركه ليستسلم للعناد ،
                                           والسخط غير الطبيـــــــــــعى ،
ولكن إن نحــــــــن انقدنا إلــــى الأمور الحسية ،
                            التـــي بواســــطتهــا ،
يثور الغضب ثــــــوراناً زائــداً عن الطبــــــع ،
إمــــا بمأكـل أو بمشرب بكمية زائــــــــــــدة ،
وإما  بالانشغال بالدنــــو من النســـــــــــاء ، والنظـــر إليهـــن ،
                                                   والمحادثة معهــن ،
( هذه الأمور ) تضطـرم  منها الشــــــــــهوة وتتأجج في الجسد .

إننا بـــــــذلك نحــــــول الوداعة الطبيعية إلى وحشـــية ،
              بســـــبب كثرة الاخــــــــــــــلاط الجســدية ،
              أو بسبب رؤية أمــــــــــــــــــور متعـــددة .
وقد تكـــون حركة هذه الأمور – فى بعض الأوقـــــــــــــــــــات –
نتيجة تخــلى ( معونة الله عنا ) بســــــبب الكبرياء والتيــــــــــه ،
وهـــــــــــذه ليست كذلك ، فحركة الجسد ندعوها قتالات الحرية ،
             وهى مـــــــن أمـــــــور الطبيعــــــــــة العامـــــــــــة ،

أمـــــــــا إذا نجم القتال عـــن تخـــــــلي ( النعمة )  بسبب إعجابنا ( بأنفسنا ) ،
وزهونــــا بها عندئذ فلنعلم أننا تركنا فى القتـــــــال لكـــي نتعلم الاتضــــــاع ،
إذ تصورنا إننا أتقنا شيئا ما بسبب ملازمتنا اليقظة والعمل مدة من الـــــزمن .

ولكـــــــــــــــن بقية الحروب الحادثة معنا هذا السـبب ،
                والتى تكـــــون فـــــــــــوق الطــــــــاقة ،
فهــــــــــــــــى بســــــــبب  تهاوننـــــــــا وتكاســـــلنا ،
لأن الطبيعــــة إذا قبلت ما هو زيادة عن حاجة البطن أو الحواس ،
فلــــــــــــــــــن تحفظ فيما بعد  نظامها الطبيعى الذي جبلت عليه .

فالـــــــــــــذى يطرح الأحــــــزان ( الضيقات ) ولا يلزم مسكنه ،
فهــــــــــــــــو بغير إرادته يخضع لحب الذنــوب والخطــــــــــايا ،
لأن بــــــــدون هذه أعنى التعب والحبس لا نقدر على الابتعاد عن إغراءات الفكـــــــر ،
فبمقــــــــــدار ما يتكاثر النصب  ( أي تعب  الجهاد ) بمقـــدار ما تقل هذه الإغراءات ،
لأن الضوائق تبيـــد لذة الشــهوات ،
وأما الراحة فإنها تجلبها وتنميها .

إذا قد علمنا بوضوح أن اللـــــه وملائكتـــــه يبتهجون بالشدائد والضيقــات ،
                                                ( التي  يفرضها المجاهد على نفسه ) ،
                      وأما الشيطان وجنوده فهــم يسرون بالنيــــاح والراحة .

إذا كانت وصايا الله تتــم بالأحزان والتضييق على الجسد ، وكنا نحن نتهاون بهـــا ،
فإننــــــــــــــــــــــا إذا نتحــــايل فى إهــــانة الذي أوصانا بها لمحــاربة الشهوات ،
                     الــتي تتولد فينـــــــــــــا مـــن الراحـــــــــــــــة ،
                    ونعطل دوافع الفضيــــلة أعني الكآبة والضيــق .

على قـــــــدر ما نقضى فى الراحة ، نهيئ  فينا موضعاً للشهوات ،
لأن الأفكـــار لا يمكن أن تستغرق فيما هو باطل فى جسد متعــب .

والإنســـــان الـــذى يمارس بفرح الأحزان والأتعــــــــــــــــــــاب ،
              يتمكن بقــــوة مــن إلجــــــام الأفكــــــــــــــــــــــــار ،
              فهــي نفسها توقف بالأعمـال والتعــــــــــــــــــــــب .

وإذا ذكر الإنسان ما صدر منه ، وما ارتكب  من جـــــرائم وآثــــام ،
                                    وعاقــــــب ذاتـــــــــــــــــــــــــــه ،
فحينئـــــــــــــــذ يهتم  به البارى ويريحــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ،
لأنه يسر به  إذ حكم على ذاته بما يجب لأجل جنوحه عن طريقه ،
                وهــذا هو دليـــل التوبة .
وبقــدر ما يعنــــف ذاته ، ويحقــرها ،
تتزايد كرامته مــن لدن الله ســـبحانه .

كل فرح لا تكـــــون علتــــــه الفضيـــــــــــــلة ،
فإنــــه يحرك فينا على الفور حركة الشهوات ،
واعلم أننا نتكلم عن الآلام الشــــــــــــهوانية ،
                      وليس الطبيعيـــــــــــــة .


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق