مدونـة رئيــس الملائكــة رافائيـــل

بسم الآب والابن والروح القدس اله واحد امين : مدونة رئيس الملائكة رافائيل ترحب بكم : افرحوا فى الرب كل حين واقوال ايضا افرحوا (فيلبى 4:4)

الاثنين، 17 يوليو 2017

الميمر الثالث والثلاثون ( كامل ) ــ ميامر مار اسحق ـ الجزء الثالث


الميمر الثالث والثلاثون

على قدر ما يستهين الإنسان بالعــالم ، ويجتهــــــــــــــــد فى خـــــــــــوف الله ،
بقــــــدر ما  تدنو منه العناية الإلهية ، ويحس بمناصرتها إحساساً مريحاً خفياً ،
                                             وتعطى له خلجات نقيــــة تمنحــه الفهم .

ولــــــــــــو عدم الخــــيرات العالميـــــة كرهــــاً عـــن إرادتــه ،
فبمقــــــدار ما يخسر منها ، تتبعه رحمة الله ، وينتشله جوده .


المجد للذي يخلصنـــا من التجـــــــارب اليمينيـــة واليســارية ،
               ويوجــــد كل ســــــــــــبيل لإنقــــــــــــــــــــــاذنا .


لأن الذين يعجــــزون عن اقتناء حياتهم بغـــــير إرادتهم بسبب ضعف عزيمتهم ،
فإنه بالأحـــــــــــزان التي بغير إرادتهــم يدفــــع نفوســـــــــهم إلى الفضـــــيلة .


والدليل على ذلك لعازر المسكين الذي لــم يعدم خـــــيرات العــــالم بإرادتــــــــــه ،
                                               بــل كان جسده أيضـــــاً مضروباً بالجروح .


كان بــه مرضان ، كل منهما أردأ من الآخــــــر ،
ومع هذا كرم أخيراً فى حضن إبراهيم ( لو 16 ) .
الله قريب من صاحب القلب الحزين الصارخ إليه .


إن نحـــن عدمنا الأمور الجسدية ، ونترك حينا لكى نحزن بدرب من الأحزان ،
فما دمنا صــــــــــــــــــــــــابرين ، فإنـــه يجعـــــــــــــــــل ذلك معـــــــــونة ،
كالطبيب الـــــــــــذي يتلطــــــــــف فــــي إيجاد الصحة للمرض المستعصى ،
           بعمــــــــــــــــــــــــــــــل مؤلــم ( كالجراحــــــــة أو الكـــــــــــي ) .


نعــــــم إن الـــــــــــــــــــــــــرب يعزى نفســــــــــــــه كثـــــــــــــــــــــيراً ،
                                        بقــدر صعوبة الأحزان التي كابدهــــــــــا .


اعلم أن العــــالم حـــى فيــــك أكــــــــــــثر مــــــــن المســـــــــــــــــيح ،
             إذا كـــــــان الاشــــتياق إليــــه     لا     يســــــتولى عليــك ،
              فــــــــــــلا تتألم فى كل أحزانك بسبب فرحــــــــــك بالمسيح .


وإذا كان المرض  و العوز  و هلاك الجسـد  و   الخوف  من الأشياء المؤذيـــــة تزعج فكرك
                     وتحوله عن بهجة أمــلك و    رجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــائك ،                
                      وتصـــــــــــــــــــــــــرفه عـــن  ذكـــر هذيــــــذ الثقـــة باللــــه ،
فاعلم أن الجســــــــــــــد حى فيـــــــــــك لا      المســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيح ،
لأن ما يســـــــــــــــتولى عليك ويكـــــثر ويقوى شوقك إلى العالم هو الحى فيــك .


إذا كنــــــــت غير معوز ، وما تحتاجـــه متوفر لديـك ، وجســــدك صحيــــــــح ،
                               ولا خــــــوف يلـــــم بـــــك من الأمور المضـــــــــادة .


وحينئذ تقول أنك تقـــــــدر أن تسير نحو المسيح ســــــيراً طــــــــــــــاهراً ،
فاعلم أنــك مريض العقل ، وعــــدمـت تــــــذوق مجـــــــد اللـــــــــــــــــــه ،
وليس قولى هـــــذا عـــــــلى ســـــــــــبيل الدينــــــــــــونة  لـــــــــــــــــــك ،
                         بل لكــى تعلم فقط مقدار ما خسرته من الكمــــــــــــــال ،
                        وإن كان لك جـــــــــــزء ما من ســيرة الآباء القديسين .


ولا تقــــــــل إنه لا يوجد إنسان ارتفع فكره تماماً عن الضعف ،
                     إذا توعـــــــك الجسد بالتجــــــارب والأحزان ،
وإن حزن القلب لا يغــــلب جزئيـــــاً شـــــــــــوق المســـــيح ،


فأنا أســكت عن ذكر الشــــــهداء القديســـــــين خـــوفاً من عجزى عن الثبات أمام شدة تجاربهم ،
              ومقــدار ما غـــلب صبر بعضــــهم النــــابع من قوة الحب والشوق معاناة أجســـادهم ،
تلك الأمـــور التـــي ذكرها فقط يحزن الطبيعة البشرية التي تنزعـــــــــج من جســــــــامتها ،
                                                                   وعدم إمكــــــــــان تصـــــــــــــورها .


والخليق بنا أن نتـــــــــأمل الكفــــرة المدعـــــــــويين فلاســـــــــــفة ،
                    فـــــــــإن واحد منهم قرر فى نفسه حفظ السكوت زماناً يسيراً ،
                   فتعجـــب ملك الــــــــروم من ســــــماع هـــــــذا الأمــــــــــــر ،
                    ورغــب فى امتحـــــانه وطـــــــــلب حضــــــوره أمامـــــــــــه ،
                    فلمــــــا رآه صامتاً تماماً عن الإجابة على كل ما يسأل بشأنه ،
                   غضــــب وأمر بموته لأنه لم يحترم عرشـــه وتــــــاج مجـــده ،
                    فلم يخف من هذا الأمـــــر بل حفــــظ ما فرضه  على ذاتــــــه ،
                ولـــــزم الصـــــــــــــــمت حـــــــــــــتى المـــــــــــــــــــــــوت ،
فقال الملك للسيافين إن هو جزع مـــن الســـــيف ، ونقـــض عزمــــه اقتــــــــلوه ،
                      وإن لم يكترث ، ولزم الصمت الذى سنه لنفسه فردوه إلى حياً .


فلمـــــــا دنا من الموضع المحدد حزن الموصــون به ،
وشددوا عليه لكى يتخـــلى عن قــــراره ولا يمـــوت ،
لكنه فكر فى نفسه ، وقال :
إن الأفضــــل لى أن أموت في ساعة واحدة ،
                        وأحفظ إرادتى إذا قد اجتهـــــــــــدت في هذا الموضع زماناً هذا مقداره ،
             من أن أقهر للخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوف وأهين فلســـــفتى ( أى حكمتى ) ،
وأوجد فاشلاً من أجــــل الشيء الذى لابـد لي من ذوقـــه في أى وقــــــــــــت كــــــــــــــــان ،
             ومد عنقـــه للســـــيف بــدون انزعـــــــاج ،
فرقـــــــــى ذلك إلى المــــــــلك فأعجــــــــــــب بـــــــــه ، وأطلق ســـــــــبيله بإكـــــــــــــرام .


و آخــــــــــــرون داسوا الشهوة الطبيعيــــــة ، وقوم احتملوا الســــب .
وطائفـــــة أخرى صبرت على أمراض صعبـــة مــــن غـــير إكتئــــاب .
ومجموعة أخرى صـبرت على كـــــــــــــــــثير مـــن الضـــــــــــــغوط ،
والضيقات الصعبة حـــتى أن اســــــكندر الملك لما اجتمع ببعض منهم ،
                                لم يسمع منهم شيئاً إلا رفـــض العـــــــــالم .


فــــإن كان هؤلاء القوم احتملوا هذه الأشــياء لأجل مجد باطل ، وآمال فارغة ،
فنحن معشر الرهبــــــــان المدعــــــــــــــوين لمشــــــــــاركة المســـــــــــــيح ،
فكــم أولى بنا هذا الصبر لنؤهل لها بشفاعات سيدتنا الفائقة القداسة  والدة الإله مريم الدائمة البتولية ،
وكل الذين أرضوا المسيح له المجد بعرق جهادهم
الذى له ينبغى كل تمجيد وإكرام وسجود مع أبيه المساوى له فى الأزلية ،
وروحه المحيي المساوى له فى الأزلية الآن ،
ودائماً وإلى آباد الدهور كلها .
آمـــــين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق