الميمر الثاني عشر ( 3 )
عنـــاية اللــه العـــامــة :
كثـــــــــــيراً ما يسير إنسان طريقــــــاً يكمن فيه وحش مفـــــــترس ،
فكـــــــــــــم من مرة ينقذنا من الأذى بأن :
يعوق المرء عن النهوض لسبب من الأسباب حتى يجوز ذلك الوحش ،
أو يسبب له من يلقاه ويرده عن طريقـــــه التي بها هذه المؤذيــــــات ،
وربمــــــــــا يكون فى الطريق صل ( الثعبان ) ملتف غير ظــــــــــاهر ،
ولأن الله لا يؤثر إلقاء الإنسان فى هذه التجــــــــــــــربة ،
فإنه يدفع الدبيب ( الثعبـان ) على الفور إلى الصـــــــفير ،
أو المضى من المكــــــــــــان ، أو السير قدام عينيه فيراه ،
ويحـــــــــترس منــــــــــــــــه وينجــو من أذيتـــــــــــــه ،
وإن لم يكن مستحقاً لهذا الفضل بسبب ذنوب خفية ،
لا يعلــــــــــــــــــم بهــا إلا هــــــــــو وحده ،
إلا أن الله ينتشـله من هذا الخطر المؤلم ،
جوداً عليــه و رحمة منـــــــــــــه .
وأيضاً ربما تعرض بيت للسقوط والزوال من مكانه ،
ويكون هناك قـــــوم جلوس ، فيتحنن الله عليهـــــــم ،
ويأمر ملاك بإمساك البيت ،
ومنعه مــن الســــــــــقوط ،
ويجعلهم يبرحونه لســـبب من الأســباب ،
حـــــــتي لا يبقى منهم أحد تحت ســقفه ،
وبعــــــد خروجهم يهوى في الحــــــال .
وإن اتفق وظل إنسان تحت الردم فلا يضار .
لأنه يريد إظهار قدرتـــــــــه فى هذا الأمر .
هذه الأمور وما جري مجراها تشهد بعناية الله العامة ،
والصديق لا تفارقه هذه العناية .
وقد اقتني على الدوام هذه النعمة كشـــــــيء خاص به دون العامة .
أما بقيه الناس فقد أمرهم اللــــه أن يتدبروا أمرهــم بتمـــــــــــييز ،
أي أن يمزجوا المعرفة بعنايـــــة الله .
أما الصديق فلا يحتاج فى تدبير أموره إلى المعرفة
بل استعاض عنها بالإيمــــــــــــــــــــان.
(1 كو 5:1)
الذى به يقهر كل ارتفاع ضد معرفة الله .
(2 كو 5:1) ،
وهــــــــــــــو لا يخشى شيئاً مما ذكرناه لأنه مكتوب :
" إن سلكت فى وسط ظلال المـــــوت
لا أخـــــــــاف شــــــراً لأنك مـــــعي "
( مز 22 : 3 )
واثقاً كالأسد بسبب الإيمان لا كمجــــرب للـــــــرب ،
بــــــــــــــل كواثق به وقد لبـس الروح القـــــــدس ،
( أف 6: 11 ، 17 )
وبمقــــــدار اهتمامه الدائم بالله يقول له الله :
" معـــه في الشـــــــــدة فأنقــذه وأمجــــــــــــــــده ،
وطول الأيام أشبعه وأريه خلاصــــــي "
( مز 90 : 12 ، 13 ) .
أما الخامل المتهاون لا يمكن له اقتنـــــاء هذا الرجاء ،
بل هــــو لمـــــن لازم الله دائمـــــــــــــــــــــــــاً ،
والقــــــــــــــــــــريب منه بأعمـــــاله الفاضــلة ،
ويرفع الحافــــظ قلبــه إلى نعمته دائماً كقول داود :
" لقــــد كلت عينـــاي من انتظــــــــار إلهـــــي "
( مز68 )( 69 : 3 ).
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق