الميمر الحادى والعشرون  ( 3 )
 النعمة بقدر التجربة :
                        إذا وجدت فى طريقك سلاماً دائماً ، حينئذ خف ،
                        لأنــــــــك بعيد عن السبل  المستقيمة العســـرة ،
                        الـــــــتي داستها أرجل القديســـين في نصــــب .
  بقدر ما تسير فى طريق الملكوت ، وتقترب من مدينة الله 
ــ بقدر ما تظهـــــــر العـــــــــلامة – 
وهى أن التجارب تحيق بك بقوة ،  وبمقدار مـا تنجح ( في التقـــــــــــــــــدم فــي الروحــانيات ) 
                                          بمقدار مـا تتوافر عليك التجارب بتوالى محن قوية متعددة .
 فاعلم أن نفسك  ارتفــــــعت ارتفـــــــاعاً خفيـاً إلى منزلة عالية ،
 وقـــــــد ازدادت فيهــــــا النعمـــــــــــــة عــــن ذى قبـــــــــــــل ،
 لأن الله يدخل النفس إلى ضنك التجارب بحسـب عظم الموهبـــة ،
 ولا أعنى بذلك التجارب العالمية الــــتي تكـــون لأجل إلجام الرذيلة والأمور الظاهرة ،
 وأيضــــاً لا تظــــن أن هذه التجــــــارب هـــــي مخـــــــــــــــــــــــاوف جســـــــــــدية ،
                                بــــــــــــــــل هـــــي محن تليق بالرهبــــــان في الوحـــدة ،
                                                    وسنفصلها أخيراً ونتكــــلم في أنواعهـــا .
إن كـــانت نفس ضعيفة غير قادرة على مواجهـــــة التجارب الشديدة ،
 والتمســت مـــــن اللــــــــــــــــــــه ألا يدخلهـــــــا فيها وسـمع لهــا . 
فاعلم تماماً أنه بقدر عجزهـــا عن احتمـــــــــــــــال الضيقات الصعبة ،
هى أيضــاً ليست كفء  للظفــــــر العظيم بالمواهب والنعـــــــــــــــــم ، 
وكما أنـــه منـع عنها الشدائد الهائلة  
هكــــــــذا تمنع عنها الفوائد الجليلة ،
 لأن البــــــاري رأى بحسن حكمته التــــي لا يدركها الذين خلقهــــم ،
                   أن تكــون النعــــم بمقــدار المحـــــــــــــــــــــــــــن ،
                لا أن تكـــــــــــــون الموهبة عظيمة والتجربة ضعيفة ،
                  لأن هذه مرتبـــــة بمقـــدار تـــــــــــــــــــــــــــــــــلك .
إذا : فإنــــــــه من الصعوبات والضيقــــــات التي تحدث لك بحكمة من الله  تـدرك ،
ما تقبله نفسك من الكـــــرامة وعظم النعمة ، لأن العـــــــــــــــزاء هو بقدر الحزن .
 فإن سألت قائلاً : كيف يكــون هذا ؟
 أجبتك : إما أن تأتى  التجربة أولاً ، وبعد ذلك المواهب والنعم ،
         وإما أن تقبل النعمــــة أولاً ثم تعقبهــا التجــــــــــــــربة .
( وفى كلتا الحالتين )
 لا تأتى التجربة قبل  أن تقبــــــل النفس في داخلها ( قوة روحية ) 
                         زيـــــــــــــــــــادة عن مستواها الســــــــابق ، 
أو تقبـــــــــــل  أولاً روح كنز النبــــوة ، 
والدليل على حقيقة هذا تجربة الرب ، وأيضاً تجارب  الرسل ، 
لأنهم ما دخلوا فيها ( أي في التجارب ) قبل أن يقبلوا المعزي ( الروح القدس ) .
والـــــــذين يشتركون معهم في الخير ( أي في نوال المواهب  والنعم ) 
يليق بهــم أن يحتملوا المحن مثلهــم ، لأنه مع الخـــــــــــــير حـــزنه ، 
لأن اللـــه الحكيــــم رأى أن يصنـــع هــكذا مع الكـــــــــــــــــــــــــــــل ، 
           ولأن الأمر كان على هذا المثال ، أي النعمة قبــــل التجــربة ،
إلا أنـــــه لابد أن يتقدم الإحساس بالمحـن على الإحساس بالنعمـــــــــة 
                                                لأجل اختبـــــار الحــــــــرية ، 
           لأن النعمة لا تتقدم إلى أحد البتة قبـل أن يــــذوق التجـــارب .
 فالنعمة إذا تتقـــــــــــــــــدم في العقــــــل ، 
             وتبـــــــــــــــطئ في الحـــــس .
فالجدير بنا أن يكـــــــــون لنــــــــــا في أوقات المحن أمران متضادان لا يتشابهان ، 
            ولا يضارع أحدهما الآخر في شـــــــــــيء وهمـا : الفـــرح والخــــوف .
   اما الفرح فلأنك وجدت سائراً فى الطـــريق التي وطأها محيي الكل وجميع القديسين ،
                                                    وهذا يتبــين لنـــا مــــن المــــــــــــــــحن .
وأما الخوف الذي ينبغى اقتنـــــــــاءه ، حرصاً ألا تكون تجربتنـــــا بسبب الكبريــــــاء ، 
               لأن المتواضـعين يكونون حكماء من النعمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ،
 قــــــادرين على إفراز هذه الأمور والعلم بها .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق