الميمر السادس ( 2 )
القتالات الموجهة من المحتال إلى السالكين في المنهج الضيق هى :
النوع الثانى : قتالات الأقوياء
أما القـــــــوم الذين يرى الشـيطان أنهـــــــم أبطال أقوياء ،
وخرجوا للحــــــــرب بغـــــيرة حــــــــــــارة ،
وأسلموا أنفســـــــهم لكــــــــل التجـــــــارب ،
مســــــــــــــتهينين بحيـــــاة الجســـــــــــد ،
وبكـــــــل محنــــــــــــة ،
فإنــــه – غالبــــــاً – لا يهاجمهم فـــــــــي الحــــــــــــال ،
ولا يظهـــر لهـــــــــم ذاتـــــــــــــــه ،
بــــــل يمسك نفســــــه عنهـــم ، ويــــــــترك لهــم فرصــــة ،
ولا يهجــــــم عليهـــــــــــــــــــم فــــــــــــي بداية نهوضهم ،
ولا يواجههم بالقتــــــــــــــــال ،
لأنه يعلـــــــم أن بداية كل قتــــال تكون بحمية واجتهاد ،
وهو متصور أن حربهــــــــــــــم لـــــه بغـــيرة شــديدة ،
لأن المقاتلين بحمية لا ينغلبـــــون بسهولة ،
وهو لا يفعل ذلك لجبنه منهــــــم ،
بـــل إنمـــــــا يتخوف من القـــوة الإلهيـــة ،
المحيطة بالمؤمنين نتيجـــــة أعمالهم .
وطالما يشــــــــــــــــــاهدهم على هذه الحــــــــــال ،
وبهذه الحمية فهو لا يجسر على الدنو منهــــــــــم ،
إلا إذا رأى عزيمتهـــــــــم قد بردت حرارتهــــــا ،
وألقوا السلاح الذى أعدوه فى قلوبهــــــــــــــــــم ،
وكانوا قد سلحــــــــــــــوا به أفكــــــــــــــــارهم ،
بقوة الأقوال الإلهية والتعاليم التي تعينهم ،
ويرصد وقت تكاســـــــلهم
ومتى يتراجعون قليـــــــلا ًعن أفكــــــارهم الأولى .
والوقت الذى فيه يتيحون له سبل الفتك بهم من تملق وخداع
ينبــــــــــــــع من العقـــــــــــل ،
ويحفرون لنفوســـــــهم هوة للهلاك بطياشة الأفكار المتولدة
فى القـــــــــــــلب من جـــــــــــراء
التـــــــــــوانى والكســـــــــــل ،
والذى منهما تتمـــلك البرودة فيهم ، أعنى فـــي قلوبهــــــم .
إن الشيطان لم يتباطـــــــأ من تلقاء نفسه عـــن محاربتهــــــــــم ( فى البداية )
ولا كــــــــان ذلك منــــــــــــه عــلى سبيل الإشفــــاق عليهــــــــم ،
ولا استحياء منهــــــــــــــــــم لأنــه يعتبرهـــــــــــم لا شـــــــــــيء ،
بل لأنه يرى القوة التي تحيط بالذي تزكوا عند الله بحرارة الغيرة .
والذيــــــن بــرزوا وتهيــــــــأوا ( للجهـاد ) من غــير تفكير مثل الأطفال ،
متطلعين أن يدافـع الله خـــــــير دفــــــــاع ، واثقــين بالإيمـــــان بـــــــه ،
وبلطـــف معـــــــــــــــــونته ،
وإذ هـــم يجهلــــــــــــــــــون مــع من يكـون حربـــــــــــــــــهم ،
لـــذلك فإن الله يصرف عنهم دهاء الخبيـث فلا يمكنه من القرب إليهـــم ،
فلهـذه العــــلة يتلجــــــــم العـــــدو،لأنه يرى الحــــافظ لهـــــــم ،
وهـــم إذا لم يتخلوا عن الأمور التي تجلب لهـــــــم المعــــــــــــــــــونة ،
أى التضرع والتعب والاتضاع ، فــــــــإن معينهم وناصـرهم
لا يبتعــد عنهـــم أبـــــــــداً.
تأمل واكتب هذه الأمور على صفحة قلبك وهى :
إن محبة اللذة والشغف بالراحــــــة هى سبب التخلى ( الإلهـــــــــي ) .
فـــــــــــــــإن تعفف الإنسان بصبر عن هذه الأشياء ، ولازم التمسك ،
فلـــــــــــــــن يفتقـــــــــــــــــــــــر من معونــــــــــة الله البتــــــــــــة ،
ولا يســــــــمح للعــــدو أن يهاجمـــــــــــــــــــــــــــــــــــه ،
وإن ســــــــــــــــــــــمح له مـــــــــــــــــــرة واحــــــــــدة ،
فـــــــــــــــــــــذلك على ســـــــــــــــبيل التـــــــــأديب .
إلا أن القوة المقدسة تتبعــــــــــه ، وتحفظـــــــــــــــــه ســــــــــــالماً
فــــــــــــــلا يخـــــــــــاف من تجـــــــــــــــارب الشـــــــياطين
لأن عقـــــــــله واثق بقوة الله لذا فإنه يستهين بهم ( أى الشياطين ).
مســاندة القــوة الإلهــية :
إن القوة الإلهية تعلــــــم النــــــــاس مثلما يدرب المعلم الصبى الصغير عــلى السباحة فــــــــــوق يديــه ،
وإن ضعفت إرادته وأشرف على الغرق فإنــه يهـــــتف به مشـــــــــــجعاً ، وقائلاً لا تخف فها أنذا أحمـــلك
والأم عندما تعلم ولدها الصغير المشى فإنها تبتعــــد عنــــــــــــــــــــه ،
وتناديــــه ليـــــــــأتى إليهــــــا ،
فـــــــإذا تحرك نحوها يبتدئ يهتز ويشارف على الوقوع لضعف رجليه ،
فتبــــــادر إليه عـــــــــدوا وتحمـــله في حضنـــــــــــــــــــــــها ،
هكذا نعمة الله تحمل وتعلم البسطاء الأطهار الذيــــــــن
وضعـــــوا مقاليــــــد حياتهـــم فـــي يدي باريهم ،
ونبــــــــــــــذوا العـــــــــــــــالم مـــن كل قلوبهم ،
وساروا وراءه .
لا تتــكاســـل :
وأنت أيها المرء الخـــــــــارج وراء المســـــيح له المجــــــــــــــد :
اذكر دوماً غيرتك للجهاد التي كـــــانت لك فى بداية الطريق ،
عندمــــــا خرجـــــــــــت من دارك ، ومســــكنك الأول ،
وأتيـــــــــــــت من تلقاء نفسك إلى صفوف القتال .
امتحن نفسك كل يــــــــــــــــــوم
لئــــــلا تبرد حرارتهــــــا بالتخــــــــــــــــــــــــــلى
عــــــن بعض الأســـــــلحة التي كنت متســـــلحاً بها ،
وعــــن حرارة الغــــــــــيرة التي كانت مضطرمة فيك ،
في بداية جهــــــــــــادك .
ارفــــع صوتك دائماً ، وأنت فى وســـط المعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــركة ،
وشجع أولاد اليمــين أي الأفكـــار الحســـــــنة ، وقوى سواعدهم ،
فيتأكد الآخـــــــرون أي المضاد ( الشيطان ) أنك متيقـــــــــــــــظ .
وإذا نظرت فى البداية أن الحرب قد شـــــنت لتخيفـــــــــــك فـــلا تتراخى فلعلها أنفـــــــــــــــــع لــــك ،
لأن مخلصك جل اسمه ما يسمح لأحد بالدنو منك دون أن يكون بتدبير يعود بالصلاح عليك .
لكـــــــــن لا تظهر تكاســــــــلاً مــن البدايـــــــــــــــــــــــــــــة ،
لأنــــــه إذا تراخـيت فلــن تقـــــــدر فيمـــــا بعـــــــد ،
عـــــلى الثبـــــــــات أمام ما يرد عليك من الأحـــزان ،
أى لا تنثنى عن فكرك كمجاهد بسبب جــــــــــوع أو ضـــــعف .
أو خيالات مرهبة أو غـــير ذلك ،
( والله عندئذ ) يعطيــــــــــك ، ويجــــــــــــــود عليك بالمــؤازرة ،
فلا يجدك عدوك كمــا كان يتوقــع .
تضرع إلى الله دائمـــــــــــاً وابك تجاه نعمتـــــه ونـــــــــــــــــــــــــح ،
وكابد المشــــاق إلى أن ينفذ إليك المعونة .
فإن رأيت مخلصك قريبــــاُ منك من أول وهــــــــــــــــلة .
فلـــن تنهزم من العدو الذى يحــاربك .
هذان نوعان من قتال الشيطان ضدنا .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق