الميمر الحادى والعشرون ( 1 )
عــــــدم القنيــــــة :
إن الفضائل تلي بعضها بعـــض وذلك لئلا يكون منهج الفضيلة ثقيلاً متعباً ،
وليكـــــــون تعلمهـــــا بنظـــــام حــتى تكـــــــــون خفيفـــــــــــــــــــــــــــــة .
وتصـــــــير المصاعب التي من أجـــل الخـــــــير مســــتحبة كالخـــير ذاته .
فكمثـــــال : لا يقــــــدر أحــد على إقتناء فضـيلة عـــــــدم القنيـــــــــــــــة ،
دون إقناع ذاته بالصـــــبر عـــــلى التجــارب بســـــــــــــرور .
ولا أحــــــد يتمكــــــن مـــــن احتمــــــال الضيــــــقات والصـــــــبر عليهـــــا ،
دون الإيمـــــان بأن هناك شــيئاً أسـمى مــن الراحـة الجســـدية .
مقابــــــــــــــل الضيقات والأحــــــــزان التي هيأ ذاته لقبولهـــا .
من أعد نفسه لرفض القنية فـــــأول ما يتحــــرك فيه هــو حـــــــب المحـــــن ،
وحينئذ يشمله فكر الزهد فــى مقتنيات هذا العالم ،
وكل من دنا من هذا الحزن ، يتقوى أولاً بالإيمــــان وبعد ذلك يســـلك فيــــه .
ومـــن جرد ذاته من الماديات ،
ولكنه لم يوقف عمل الحـــواس أعنى النظر والسمع والكـلام ،
فقـــد جلب على ذاته حــــزناً وضـــــــيقاً مضــــــــــــاعفاً ،
فهـو يعـــــــــانى الشــــــــــــقاء والضـــــنك معاناة مكروهة ،
لأنه فقد فائدة عدم استعمال الأمور المحســوسة ،
لكنه رجـــــع وتنعــــــــــــم بهـــا بالحــــــواس ،
وهو بهذا يتأذى وينفعل بالآلام كما كان ينفعــل ،
ويشقى بهــا أولاً بالفعــــــــــل ،
لأن تذكــــــر ممارســتها لــم يبــــــارح الفكـــــر ،
لأن الخيالات التي يتصورها العقل تضر الإنسان ،
وتؤذيـــــــــه رغــــــــــم عدم وجــــــــودها ،
فمــــاذا نقول عن الأمر الموجود القــريب ؟
إذا : فالابتعــــــــــــــــــــــــــــــاد والوحــــــــدة أمـر حســـن لأنه يفيــــــدنا جـــــــداً ،
إذ يسكت الأفكار فى حزم ، ويعطـــى قوة على اقتنــــــــــــاء الصــــــــــــــــبر ،
ويعلم الإنـــــسان الاحتمــال والصبر العظيم على ما يداهمه من الشدائد والمحن .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق