المراتب التي ينجح بها الإنسان ثلاثة :
الأولى : مرتبة المبتدئين والثانية المتوســــطين والثالثة الكامـــــــــــلين .
الــــذي في المرتبة الأولى فـــــــــــرغم أن عقله يميل إلى الخير ،
إلا أن أفكــــــاره تتحـــرك بالشهوات .
أما المرتبة الثانية : فهــــى متوسطة ما بــين الشــــــــهوات والروحانيــــــــــــــــــــــة ،
وفيها تتحرك الأفكارالتي من اليمــــين ، ومن اليسار على السواء ،
لذا يصدر عنه الظلام والنور فــــــي آن واحـــــــــــــــــــد .
وإن توقف قليلاً عن الهذيــذ فــــــي الكتـــــــب الإلهيـــــة ،
فهـــو عتيد أن يجتــــــــــذب إلــــــى الشـــــــــــــــــهوات ،
فتــلك الكتب تجعله يلتهــــب قـــــــدر احتمـــــــــــــــــــــاله ،
كتنور نحو هــدفه الحقيـــقي ويحفظ مــــن الخـــــــــــــارج ،
وهذا يولد الحفظ من الداخل كمــــــا يصون عمله الخـفي .
فيجـــــــب أن يغـــــــــــــذي حرارته الطبيعية بمطالعة الكتب الإلهية ،
ولا يكــــف عــــن البحـث والتفتيــــــــــــش فيهـــــــــــــا ،
وبما تطبعـــه فيــه قــراءة الكتب الإلهيــــة تتغذي أفكاره ،
فيضبطها لئلا تميـــــــــــــل إلــــــــى اليسـار ،
وتتلقى زرعاً خادعــــــاً بخيـــــــــالات مـــن الشــــــــــياطين تبــدو كأنها حقيقية ،
وإذا حفظ نفسه بشوق وطلب مـــن الله وبصــــلوات حزينة وطول صبر ،
فعندمـــــــــا يشـــاء الله يجـــــــــــود عليـه بملتمســـــــــه ،
ويفتــــــــح أمامـــه الباب لاســـــــيما مـــن أجل تواضـــعه ،
لأن الأسرار لا تنكشــــــــــــــــــــــــف إلا لمتضعى القـلب .
وإن هــــــو مات على هـــذا الرجـــاء ولـــم يعاين تلك الأرض عن قـــرب ،
فعلى ما أظن أن ميراثـــه يكـــون مع الأبرار السابقين الذين كانوا يأملون
إدراك الكمــــــــــــال ، ولـــم يعاينـــــــــــــــــــــــــــــــــــوه ،
وذلك حسب قوم الرســـول إنهـــــــم برجاء صنعوا ما صنعوا كل أيامهم ،
ثـــم رقـــــــدوا ( عب 11: 1- 39 ) .
لأنه ما عسانا أن نقول :
إنسان فاته الدخول لأرض الموعـد التي هى رتبة الكمال -
أى إدراك الحقيقــة إدراكاً واضحــاً بقدر قدرته الطبيعية -
أتراه يُمنـــــــــــع من الدخـــــول ،
ويظل فى المنزلة الأخــــيرة مثـــــل من كانت كل رغباته تميل للجهة اليسرى ؟
وهل لأنه لم يبلـــغ كل الحــــــــــق فهل يضم إلى جماعة المرتبة المنخفضة ،
والدرجة المنحطة التي لا تعلـــــــم هذه الأمــــــــور ، ولا تشــــــــــــــــتهيها ؟
بــــــــــــــــــــــل يليـــق به العــــلو إلى الفـــــــــــريق الأوســــــــــــــــــــــــط ،
لأنـــــــــــــــــه وإن كان ما شاهدها إلا كمـــــــــــــــــا بمـــــــــــــــــــــــــــرآة ،
إلا أنـــــــــــــه ترجـــــاها مــــــــن بعـد ،
وبســـــــــــبب هذا الرجاء يوضــع مع آبائـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه .
وإن كان لم يؤهل هنا للنعمـــــــة الكاملة ،
إلا أنــــه مـــــن أجل هذيذ فيهــــــا دائماً ،
وتفكره إياهـــــا فى عقـــــــــله شـغف بهــــــــــــــــــــــــــــا ،
وتمكن فى حيــــــــــــــــــــــاته مـــن إنتزاع الأفكار الخبيثــة ،
ليخرج من العالم وقلبه مملوء مـــن هــــذا الرجـــــــــــــاء .
إذاً فالمتضع يكون على أحسن حـــــال ،
لأن تصورات عقله الروحيـــة النابعــة مـــن فهم الكتب بشوق فى محبة الله ،
تكون حاجــــزاً عنـــد مداخــــل النفـــس مقابل الأفكـــــــــــــــار الغريبــــــــــة ،
وتحفـــــــــــــــــــــظ العقــــــل ،
وتصونه بذكر الخيرات العتيدة ( أى خيرات الدهر الآتى )
فـــــلا يتهـــــــــــــــــــــــــــاون ، ويركن إلى البطالة بسبب تذكر الأمور العالمية ،
التــي منها تبرد حرارة حركاته ، وتنقلب إلى الشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهوات .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق