الميمر الثالث ( 4 )
الرحمــة والعفــة والاتضـــاع :
الرحــــــــوم هو الذي لا يميز بفكره واحــداً من الآخــــــــــر بل يعطي الكــــــل .
كامل العفــة ليس هو الذي يحفظ جســـــمه من المجـــــامعة ، بل هو المستحى ،
من ذاته متى خطر له ذلك الفكـــــر .
إن كنت تحب العفة ، أزل عنـــك الأفكــــــــــــــار الرديئــــــــــــــــــــة ،
بمواصلة الهذيذ والقراءة والإكثار من الصلاة ،
وبهــــــذه تتســـــــــــــــلح لمواجهة الطبيعـــة ،
إذ بدونها لا يمكـــــــــــــن أن يرى الإنســــــان ،
طهــــــــــــــــــارة في نفســــــــــــــــه .
إذا أردت أن تكون رحيماً ، وأن تصير الرحمة ملكــة لــــــــك ،
عــــــود نفسك ترك كل الأشــــياء
حـــــتى لا ينجذب العقــــل بثقلها ،
فيخرج عن حـــدود قصده الأول ،
لأن حقيقــــة الرحمـــــــة إنمــــــا تتبين بالصبر على الظلم .
الاتضــــــــاع الكامــــــــل هـــــــو احتمال التهم الكاذبة بفرح .
إن كنت رحيماُ بالحقيقة فإنـــــــه إذا انــــــــــتزع مالك ظلمـــــاً ،
لا تحــــــــــــزن فى داخــــلك ،
ولا تكلم الآخرين عن خسارتك ،
بل لتكن خسارتك التي غشيتك
من ظالميك مغتفرة برحمتـــــك ،
مســــــــــتورة بصـــــدقتك ،
كما تتبـــــــــــدل حدة الخمـــــــر
بالميــــــــاه الكثــــــــــــيرة .
اظــــهر أنت علامة النقتتتاوة بالخير الـــــذي تقابل به ظالميك وأنت مبتهج ،
كمـــــــا فعل الطوباوى أليشــــع مع أعــــدائه الذين أسروه أنه عندما صلى ،
وغشت الظلمة عيونهـــــم دلل على قـــــــوة صــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاته ،
لكنــــه أعطاهم طعامـــاُ وشـــراباً ، ومكنهم من المضـــــــــــــــــــــــــــــي ،
فأظهر رحمتـــه التي اقتنــــــاهـا فـــــــي داخــــــــــــــــــــــــــــــــــــــله ،
(2 مل 6: 15-23 )
إن كنت متواضعاً بالحقيقة فلو ظلمت
لا تضطــــــــــرب ،
ولا تدافــــــع عما اغتصب منــــــــــك ،
بل اقبل الذم ، وكلام الظلم وكأنه حــق .
ولا تصرف اهتمامك لإقناع الناس بأنك ظلمت ،
بـــــــــــــل اســــــــــأل واطــــلب العفــــــــــو ،
فهنـــــــاك قوم دعوا أنفسهم فسقة بإرادتهم ،
ولـــــــــم يكونــــــوا كــــــــــــــــــــــــــــذلك .
وآخرون صبروا على تهمة الزنــــــــــــا وهــــــم بعيـــدون عنـــــــه ،
وكانوا يقومـــــون بتربيـــــــــة الثمـــرة ( أى المولـــــــود )
التــــي ليست منهم بدمــــــــوع كــــــثيرة كأنهـــا تخصـــهم ،
والتمسوا مـــن ظـــالميهـــم ومشهريهم الصفــح بنحـــــــــــــــــيب ،
وذرفـــــــوا عبرات عن إثم لم يقترفـوه ،
بــــــــل إن نفوسهم متوجة بكل طهارة .
وطائفة كانـــــــــوا يتشكلون بمظــهر المجــــــانين ،
لئلا ينالوا كرامـة ، ومجــــــــــــــــــــــــداً ،
من أجــل سيرتهم الفاضــلة المســـــتورة ،
وهــــــم تملحوا بالملــــــح الإلـــــــــــهي ،
ثابتـــين بكـــل هدوء ورزانــــــة عقـــــل ،
حــــتى إنه من أجل سمو أفعالهم وكمالها
حظـــوا بأن تنادي الملائكة القديســـــين
بعظـــــــــم كرامتهــــــــــــــــــم .
أما أنت يا هــــــــــذا فتظـــن أنــــك ذو اتضـــاع ،
وأنت لا تقدر على إمساك نفسك عندما تســب ،
ولا تقدر على التحمـــــــــل والســـــــكوت .
فلــــو أردت أن تعرف إنك تسير في الطريق الصحيــــــــــــح ،
فاختبر نفسك بما ذكرناه لــــترى إن كنت لا تضطرب وتتكدر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق